مؤسفٌ جداً ما تفعله لجنة المعلمين السودانيين من تسييس لقضايا التربية والتعليم، تابعت أداءها خلال الفترة الماضية، فتبدّت الحقائق واضحة واللجنة تقود العام الدراسي إلى نفقٍ مُظلمٍ يُهدِّد مصير أبناء السودان، ويعرقل سبرهم في التحصيل الأكاديمي.
مازالت اللجنة تتولّى كبر الدعوة للإضرابات دُون أن تكترث إلى مُستقبل أبناء السودان، الذين لا ناقة لهم ولا جمل في خلافات السِّياسة، للأسف تُحاول اللجنة تنفيذ أجندات حزبية باستغلال قضايا المعلمين والحديث الدائم عن أهمية تحسين البيئة المدرسية.
لن يختلف اثنان في تدهور أوضاع المعلمين وسُوء أحوال البيئة المدرسية، فالمعلمون يستحقون الإنصاف وهم أكرم شاغلي المهن في السودان، يتولون مسؤوليات خطيرة في إعداد النشء وصناعة الأجيال، ولكن كل هذا لا يمنع أن نُذكِّرهم بأن لا يكونوا مَطِيّةً تستغلها الأحزاب السياسية تحت غطاء الحقوق لتنفيذ أجندات سياسية.
لا أعتقد أنّ مطالب رسل التربية والتعليم المُعقّمة يُمكن أن تتحقّق بوسائل غير نظيفة، فإضراب المعلمين يضر بسير العام الدراسي، ويُهدِّد مستقبل تلاميذنا وأبنائنا، ويحدث خللاً في التقويم الدراسي، يصبح من العسير معه ترميم العام وإعادة العملية التعليمية إلى مسارها الطبيعي.
لا شك عندي مُطلقاً أن لجنة المعلمين السودانيين مُسيّسة، وإنها تمارس الآن استغلالاً بشعاً لمطالب المُعلِّمين حتى تُحقِّق أجندة سياسية وتحرز هدفاً في شباك الحاكمين، فهي واجهةٌ معلومة الغرض والأهداف.
سنظل مع المعلمين في خندق واحد، ننافح عن حقهم في الإنصاف قناعةً منا بأنهم ورثة الأنبياء، واستلهاماً لكثير من المعاني التي تُقرِّبهم إلينا كأصحاب مهنة ورسالة تُعد الأهم والأخطر في المُجتمعات، ولكن في ذات الوقت سنقف سداً منيعاً ضد مُحاولات استغلال قضايا التعليم للتكسُّب السياسي وتحقيق الأجندة الحزبية الضيِّقة.
لا أعتقد أنّ استخدام أبناء السودان وقوداً في خلافات السياسة، يُمكن أن يرضي أحداً، إدخال مستقبلهم في أتون الكيد السياسي أمرٌ مرفوضٌ، على لجنة المعلمين اتخاذ طرائق أكثر تعقيماً للحصول على مكاسبها، بعيداً عن مستقبل أبنائنا وبناتنا تلاميذ وطلاب المدارس، ما ذنبهم في خلافات السياسة..؟!
ما زلت أرى وجود بُعد شخصي في دعوات لجنة المعلمين لإقالة وزير التربية والتعليم المكلف محمود سر الختم الحوري ابن الوزارة الذي تنقّل بين إداراتها ومكاتبها، وظَلّ جندياً وفيّاً في صفوفها، الحوري يُهاجم الآن من قِبل اللجنة المُسيّسة، لأنه وقف سداً منيعاً ضد نجاح الإضرابات، وظَلّ يُحافظ على سير العام الدراسي رغم المُحاولات المُستميتة لتعطيله وإيقاف مسيرته لتحقيق مآرب وأجندة سياسية.
لا أعتقد أنّ مشاكل التربية والتعليم يُمكن أن تُحل بإقالة الحوري، هذه شخصنة للخلاف، ودعوة تستبطن كيداً وغبينةً لن تمضي بأحوال التعليم للأمام.
الحقيقة أن الحوري اجتهد في الحصول على الزيادة في الرواتب والتي أصبحت واقعاً بموجب القرار رقم (380) الصادر من وزير شؤون مجلس الوزراء المُكلّف بعد عدة اجتماعات، ضمّت إلى جانبه وزير شؤون مجلس الوزراء ووزيرة العمل ووزير ووكيل وزارة المالية والأمين العام للمجلس الأعلى للأجور وبحضور ثلاثة من أعضاء اللجنة التسييرية للنقابة.
لا بُدّ من تحرير خطاب لجنة المعلمين السودانيين من الغِل والغبينة تجاه الوزير، لمجرد أنه يعمل بدوافع وطنية وغير حزبية تُراعي مصلحة التلاميذ والطلاب وأسرهم، وقد خبرناه عند الموعد تماماً وهو يتخطّى كل الصِّعاب ويمضي بالشهادة السودانية إلى نهايات مُطمئنة، تابعنا كيف تَغَلّبَ على التمرُّد والإضرابات، ورأينا استعداداته للعام الدراسي على نحو ربما لم يعجب بعض السّاعين لعرقلة العملية التعليمية.
ينبغي كذلك أن يتجرّد خطاب لجنة المعلمين من الأجندة والأهواء السِّياسيَّة إن كانت تريد خيراً لهذا البلد، فلن يكون من مصلحة أحدٍ، المُغامرة بمُستقبل أبنائنا في مدارس السودان عبر الدعوات المُتكرِّرة لتعطيل العام الدراسي..!