عادل الباز
1
بالأمس ألقى الرئيس البرهان كلمة قصيرة بمناسبة عيد الفطر تحتشد بالمعاني الكبيرة، وفي جوفها كل ما يحتاج الشعب أن يسمعه ويعيه الآن بعد أن اتضحت الرؤية التي تتبناها القيادة بأكملها.
فى ثلاث اسطر في مقدمة الخطاب لخص الرئيس رسالته الأساسية (أؤكد لكم أبناء السودان أننا عازمون وماضون سويا في ذات درب وطريق الشهداء حتى طرد آخر متمرد وخائن من أرضنا وتطهير كل بقعة دنسها التمرد.) وهذا بالتحديد ما يرغب الشعب في سماعه ولا شيء غيره.
ثم عبر الخطاب سريعا يحدد لاءاته الثلاثة (لا عودة لما قبل 15 أبريل/ لا عودة لما قبل 25 أكتوبر 2022/ لا عودة لما قبل أبريل 2019) ففي أي إطار يمكننا فهمها ؟.
2
يمكن أن نفهم من الأولى .. ان تاريخا جديدا قد بدأ في مرحلة ما بعد حرب 15 التي شنها الجنجويد واذنابهم من أجل السيطرة على الدولة. وتعني باختصار الا عودة للاتفاق الإطاري وكل ما فيه وما يمثله من كانوا يتبنونه وبما يحمله من رؤى وأفكار وبنود، كما أن هذه الـ (لا) تتضمن موقفا مبطنا من القوى الخارجية التي كانت تدعم الاطارى وتحاول تمريره بواسطة الضغوط الخارجية ولا تزال، فالإطاري وداعميه لا يمكنهم تكرار تلك التجربة مرة أخرى.
3
وماذا يعنى السيد الرئيس بقوله (لا عودة لما قبل 25 أكتوبر 2022) بحسب مافهمته يعنى استحالة اعادة شراكة الجيش مع مدنيين الذين تسلقوا السلطة واختطفوا الثورة وادعوا أنهم الممثلين الوحيدين للشعب ، أن تلك العودة لتلك المحطة الآن مستحيلة وخاصة بعد أن اتضح خيانة أولئك المدعين وانحيازهم لحلفائها الجنجويد في حرب 15 أبريل 2023 مما جعلهم ليس في مواجهة الجيش فحسب بل في مواجهة الشعب كله، اذن من الاستحالة عودة هؤلاء لتسيد المشهد سواء بشراكة أو غيرها.
4
الـ (لا) الثالثة واضحة وهي تشير بأن لاعودة لنظام الانقاذ، بمعنى انه لا امكانية لافساح المجال لحزب واحد للسيطرة على السلطة مجددا إلا عبر انتخابات حرة ونزيهة، وتلك رسالة للإسلاميين وفي ذات الوقت للمتخوفين من عودة الإسلاميين من باب الحرب داخليا وخارجيا بل إنهم يتخذون من أوهام تلك العودة أداة لمحاربة الجيش وتخويف المجتمع الدولى من عودتهم للسلطة حال انتصار الجيش وكلها تلك اكاذيب القصد منها حصد دعم المجتمع الدولي وفرض ضغوط على العسكريين لإبعاد الإسلاميين من صفوف المستنفرين.
5
من اهم الاشارات التي جاءت في ختام الخطاب القصير..قوله (الآن فقط معركة الكرامة/معركة الوطن/نقطة سطر جديد). يشي قوله هذا أنه الآن فقط لمعركة الكرامة وان الطنطنة الكثيرة حول التفاوض والضغوط ماعادت تشغل قيادة الجيش لأنها تخوض الآن معركة الكرامة وتسمع فقط زخات الرصاص وأصوات المدافع ولا شيء يعلو الآن عليها وخاصة أن تلك الدعوات للتفاوض بلا تسس ولا مصداقية بعد أن عجز ذات الذين يتبنون الدعوات الآن عن فرض مقررات جدة على المتمردين، إذن فلا صوت يعلو الآن فوق صوت المدافع وصور الطائرات والمسيرات وتكبير وجلالات الجنود و المستنفرين والمجاهدين.هذه وحده ما سيتم الاصغاء اليه الآن فقط، انها اصوات معركة الكرامة فقط التي تستحق أن تسمع الآن.
6
حديث الرئيس عن معركة الوطن ليس تكرارا لمعنى معركة الكرامة إذ أن معارك الوطن لا تنتهي بانتهاء معركة الكرامة وإنما ستمتد لسوح الاعمار وبناء كل مادمرته الحرب، ويالها من معارك تحتاج لعزائم اقوى من عزائم معركة الكرامة.
7
ما فهمته من قوله نقطة سطر جديد…دعوة للتوقف عن الثرثرة الفارغة في وقت معارك الكرامة والوطن.. دعونا من الصراعات الجانبية والاشاعات والكلام الفارغ ولنركز على معاركنا الأساسية في استعادة الوطن وبنائه، وهذا هو المطلوب ولا شيء آخر يستحق أن ينصرف الشعب اليه. اما حديث التفاصيل عن الخطة والبرامج وكل ماسيجرى مستقبلا تركه الرئيس البرهان لما بعد النصر في معركة الكرامة الذي يراه الرئيس قريبا.
8
إن الكيفية التي يستجيب بها الشعب لتلك الكلمات والمواقف هى التي ستحدد بأي اتجاه ستسير معركة الكرامة ومعركة الوطن من بعد، فالموقف السليم هو الاستمرار في دعم القوات المسلحة حتى نهاية معركة الكرامة ودحر المتمردين والمرتزقة ثم الاستعداد فى ذات الوقت لمعركة بناء الوطن وهذا مايستحق أن تتداعى له كل قطاعات الشعب لصياغة رؤية واضحة وخارطة طريق للمستقبل.