وذلك حتي لانقع بمحظور، يذهب بنا:تغليبا لجهة منه اوعمقا:عروبيا/افريقانيا، اصطفافا او حلفا علي حساب اي منهم اوخصما علي الاخر، لقصر نظر راهن، ثم بعد لاستقطاب هوياتي، ببلد متشاكس، خصوصا اذا ما كان في غني عن ذلك، الا ما اقتضته ضرورات المنفعة الاغلب والمنعة الوطنية واستقلال و عزة سياسة امساكها بوحدتها وعدم تفريطها بمواردها البشرية والطبيعية، بموجبات اختيار احلاف اواصطفاف، ثم من بعد لاطار التداول الناظم لهذين الاختصاصين الموضوعي= الوظيفي والسياسي،بمجالية الاجرائي= الاداري والمكاني، عبر مفوضية مستقلة للدستور والانتخابات كل هذا يشكل جماع حواصله مناخا مواتيا ، وبيئة مساندة للصمود الاقتصادي، والتصدي لازماته الخانقة بانشطة مفوضياته:المكافحة للفساد، المنظمة للنقود واسعار الصرف والاسواق المتحكمة بالموارد الوطنية، ولاوضاع خدمتها المدنية والقضائية والعسكرية، المتوجة بعلاقات نماء دستوري قانوني وسياسي انتخابي، باني للديمقراطية مشجع للاستثمار، لنحو استقرار يجعله بمنجاة من الانهيار، واحتمال سقوط داوي للمرحلة الانتقالية ومن خلفها مكتسبها الثوري الوضئ وتضحيات ثوار ديسمبر البواسل، مما ينبغي اذن التاكيد عليه والتامين علي قيامه من ضمن مهام المرحلة، وبهذة المفوضية اذن هو ملتقي تفاكري قومي:يضع اسس التحاكم الاقليمي الجديد بمناحيه، البشرية الاقتصادية السياسية، وبتقاطع وتكامل مستوييه المحلي والاتحادي، ثم القواعد التي ستبني عليها فلسفة قوانينه الانتخابية ولوائحها التنافسية وتوزيع دوائرها الجغرافية واحصائها الراصد لكثافة وتشتت توازن قواه السكاني:النوعي الاجتماعي الانتاجي والتعليمي، لتحليل مقيم لنزوعها الثقافي ومستطلع لاتجاه رأيها العام والمؤثرات النفسية والذهنية، علي محددات ميوله وسلوكه الفردي والجماعي…خاتمة هذا الجهد الداخلي، اذا ما اوفي بكتاب ميقاته و انجز بمستحق التعامل مع تحدياته، فانه حتما سيفضي الي رجعة لارادة الشعب الحر واوبة الي احتكام لسلطة مرجعيته الديمقراطية بحق، ولكن اذا ماتعاطي ايجابا لمضاهاة مجهود خارجي اخر ،سالب مصوبا علي خياره ومسلطا علي قرارة، جدلية هذين المعاملين الداخلي والخارجي، بكل عنفوان ادوات اصطراعهما، واليات تغالبهما علي الساحة الوطنية السياسية، هو الذي سيحدد نظريا وتطبيقيا مساحة الحريات الليبرالية المتاحة والديمقراطية الاجتماعية السياسية المقتنصة بظل اجواء (اقليمية) مشككة بجدوي الربيع العربي، بل ومعادية لتوجهاته وتيار مده العام الثوري، ومن عجب ان لايسلم الامر من امتداد مناخ لها بالداخل: بعض من قوي القديم البالي بل وحتي الجديد القادم وهذا ما سنلامسه بقوة، بعوامل التحدي التاليات و كما قيل فان الغاية لا تبرر الوسيلة وانما تصنع مجموعة من الوسائل الخاطئة التي ستتحول الي نمط حياة….
*وسابع تحديات الانتقال الديمقراطي، البينة الوضوح، ومن مشتملاته التي لاتخطئها عين: هي في مقدار ما تتمتع به من حصافة لادارة شأن لا تنقصه الاهمية او التعقيد، بما يمتلك من معامل مباشر وغير مباشر بالتاثير علي السياسات الداخلية، الا وهو ملف العلاقة بالخارج او بالاحري تحدي اقامة التوازن في العلاقة الاقليمية / العالمية، بما يعلي ويعزز من ثوابت المصالح الوطنية الاستراتيجية ويحافظ علي قيمها الكلية، وبحيث لا تبدوا العلاقة، وكانها استقواء علي الداخل اوتغليب منفعة مكون علي الاخر بلعبة التجاذبات بالفضائين العربي والافريقي باتخاذ مايعرف علي انه ميل احد من مكوناته لمحور دولي ما، او مسلك بانفتاح عليه لتغييب المساءلة والديمقراطية، و تحييد اجندتهما وقضاياهما عن طاولة موضوعات البحث المشترك او حتي التعاون او التضاغط من اجل نصرة مبادئهما وقواهما، وقد يمتد الزخم التفاعلي الي ماهو ابعد واخطر من تداخل لتحقيق مكتسبات غير (مشروعة) علي حساب مدنية الدولة، طالما لبيت احتياجات هذه الدول من اثمان اقتصادها الرخيص بموارده النفيس، و كانت هنالك قوي امر واقع مسيسة ومعسكرة تلبي القدر المعقول من طموح كل هذه القوي الخارجية: الاقليمية والعالمية، بالتكلفة الزهيد . المطلوب، اذن دينامية مبدلة (لجيوبوليتيك) جديد للسودان، الذي كان يتعامل مع عناصر مكونات قوته القومية في سياق تقليدي و منذ التركية السابقة اوماقبلها من عهد سحيق بانه المصدر الاشهر والاغني بالرجال والذهب (الاستعباد البشري، الاستتباع الريعي، او Man Power) الابخس، وهو نظرجيوسياسي قاصر يتعاطي مع عوامل قوته الوطنية بابعادها الثابتة (القارة) :لثرواتها الطبيعية الخصيب و لمواردها الريعية السهل، ولمجاري انهارها الممتد ومنافذ البحارالمفتوح، وليس بتفاعلها المتحول المتجدد،ليترجم ذلك من خلال سياسة خارجية تابعة (موضوعا لردود الفعل) وامتدادا لنفوذ المجال الحيوي السالب، او حتي المضاد والمنتهك للسيادة الوطنية ، مجردا من امكانية استخدام ما تمتلك من قيمة مضافة ومكتسبة من قدرات ومقدرات الوطن الجغرافية الطبيعية وطاقتها البشرية الاقتصادية.
ولما هو ارفع من ذلك، رمزية الثورة، وقيمها المعنوية، التي يمكن ان تضفي علي السياسة الخارجيةالسودانية، عمقا اخلاقيا انسانيا لا نمطيا:سيغير من نظر العالم وشعوبه وقواه الحية له وما قد يمكن ذلك من فتح=مسارات واصوات عالمية جديدة، وتحالفات قيم و مصالح متجددة…فكما ان قضايا الحريات و السياسات الداخلية المعبرة عنها لاتقبل القسمة او التجزئة فان قضايا الحدود والسياسيات الخارجية المعبرة عنها، بذات القدر لايقبلانها وكم من دول صغيرة، تفتقر لابعاد عنصرالقوة الجغرافي والديمغرافي والطبيعي ، ولكنها استخدمت عمق قواها الرمزية:الاعلامية و الثقافية، بل وحتي التاريخية الادبية الفنية وحولتها باقتدار لارصدة نوعية بميزان معادلة استراتيجتها الوطنية، واستخدمتها كاوراق تفاوضية ناجحة داعمة ومعززة لسياستها الدبلوماسية الخارجية والامنية الدفاعية ، و يمكن قبل ذلك كمراكز تحسس راصد وبحث مستشرق متقدم ، بل وصانع لكثير من اذكي مبادراتها، وحاشد لعديد من التاييد والمناصرة لاهتماماتها وقضاياها بمحيطها الاقرب والابعد وبين شعوبها و حكوماتها عبر مايعرف بالتوظيف الحصيف لادوات قوتها الناعمة، اومايصطلح عليه ب: (Smart Networks Lobbying)وما مثل القناة التلفازية الاشهر باحدي دول خليج الجزيرة العربية الاميز،عنا وفواعيلها ببعيد….
ولعل واحد من عشرات امثلة لموضوعات شائكات، من حيث المواقف المبدئية من اصل مصدر مشروعية نشوئها، متشابكات من حيث ارتباطها المحير والمربك بمصائر جل اوضاع الانتقال الداخلية، فمنها مايراد لها من ارتباط بمحاور اقليمية/ دولية، والتحاق بمشاريع تسوية تصالحية، قد لاتكون من اولوياتها الاجلة ان لم تكن حتي العاجلة… ليس هنالك من عاقل لا يقبل ان يكون مع ماهو من منطق وطبيعة الاشياء، ومن ذلك مفهوم التطبيع الذي هو من طبائع الاصل الانساني، ولكن ايضا الذي من مسلتزم تعريفه الاساس:كونه توصيفا للعلاقة الطبيعية بين اشخاص ماديين و معنويين، لبيان علاقتهما السوية التي لا يمكن تصورهما الا بين، اكفاء كاملي صحيح الاهلية الطبيعية القانونية حائزي المشروعية الاخلاقية السياسية، ومتعادلي التوازن الجيوسياسي، او علي الاقل متعادلي اوضاع القوة، دون شبهة تركيع او اكراه، وذلك ليس من باب المزايدة الرخيص والترف الفكري بل من ابجديات شرائع التعاقد الرضائي والفطرة السليمة و قواعد الاجتماع البشري… لن نقول كلاما كبيرا، ضد او مع مسار التطبيع، فنحن عن مندوحة من ذلك كله، فالمطلوب بمقام النزاهة جردة محايدة لاثاره وتحليل علمي لعواقبه ، برصانة فاحصة لسلبياته، ايجابياته…لاستبانة اوجه الفلاح وسبل الصلاح، متقصدين من وراء ذلك مصلحة الوطن العليا دون سواها من الغايات وان كان من اجل عيون القدس بهية المدائن برمزيتها الكونية التي كان يامل الطامحين واشواقهم ان تنتهي عند سدرة منتهاها كتاب عذابات البشرية المادي بوجهها التصارعي لصالح مال روحها التسالمي…لن نسترسل في حديث عن قيم الوعي الثوري الانساني ببعده (المعولم) :لايمكن لثورة ان تنتصر لمبادئ الحرية والسلام والعدالة داخل اوطانها و تهزمها باقليمها وتخذلها بعالمها،ثم كيف يحق لها ان تنادي بشرعية دولية، و قانون دولي انساني (موحد) للمعايير السياسية الوطنية الاخلاقية والعابرة لها ضد الاستبداد المحلي وداعميه من قوي الهيمنة العالمية، و نعيد انتاج ديناميات قهرها واستلابها ونحن نتماهي مع خطابها والياتها… وكيف لنا ان نبشر بالانتقال الديمقراطي، ونكون مع حق الاعتراف لشعوب ومناطق ببلدنا في تقرير مصيرها الثقافي والاجتماعي والسياسي و حكم نفسها من ذوات مكوناتها الاثنية و الديمغرافية، ثم من مفارقة وتناقض ننكر هذا الحق لقوي تشاطرنا الاقليم والقيم النضالية والتاريخ المشترك، تم كيف لنا فوق كل ذلك ان نكون مع خيار، يعرف الدولة والمواطنة فقط لاغير من خلال جذرها الاسطوري المتقدس الاوحد (التديني اليهودي) المؤدلج وياسس كل الحقوق والواجبات بناءا علي محصور قاعدتيهما،في اسوأ تمظهر للتمييز الثيوقراطي (العقدي) والشوفيني (العرقي) و الابارتيد(العنصري) علي الصعيدالدولي، الذي كان لحركات التحرر الافريقي والعربي جمعاء ولغالب القوي الديمقراطية (الحية) بالعالم لها منه موقفا لم تحد عنه مطلقا، وعلي راسها ايقونةالنضال السلمي، الراحل الزعيم الرئيس (نيلسون مانديلا) والتساؤل المشروع الذي قد يخطر بالبال، لماذا ثار الشعب ضدالنظام المباد ودولته المنتسبه، زورا ونفاقا لاحدي نسخه (الاسلاموية) وانتفض ضد تسلط حكم طغمة التسيس التديني، اذا كان علي ان يمالئ عيانا وجهرة انطمة فكروية تدينية بظهراني طرف قاهر غالب من العالم، وكيف من بعد يراد لقوي الثورة السودانية ان تنقطع عن هذا الارث الروحي والفكري، الا ان يضرب نموذجها، و يستفرد بتجربتها، وان تغرد خارج اطيار سربه (الملهم) وزخمه النضالي (العظيم) وجواهر الاشياء التي لا تشتري، ليبتاع في مقابلهما وهم الرفاه المكذوب، ومشاريع الانخراط بمسلسل التبعية (الشوهاء) وشره العدوانية (التوسعية) وان ترمي بعرض الحائط كل ما لايحض علي خلاف ذلك…>>>يتبع.
( انتهي في السادس من أبريل 2021 ) .
• كاتب صحفي وباحث في مجال دراسات السلام والتنمية.
• عضو مؤسس لحركة تضامن من اجل الديمقراطية والعدالة الإجتماعية.