ايمن مزمل
حينما تستعد للنوم، وتُكمل جميع الطقوس اللازمة قبله، هنا تأتي لحظة إستيقاظ ذلك المارد العقلي ذو الاسئلة الوجودية العبقرية التي لاتنتهي والتي تؤرق المنام، إنه يشبه دور (خيرية أحمد) والتي تُمثل زوجة نجم الكوميديا (فؤاد المهندس) في الفلم المصري القديم حينما تُوقظه في بلاهه بعبارتها الشهيرة (محمووووووود إنت نِمت ياحودة؟؟) فيرد فؤاد المهندس (في عرْضِك سيبيني انام!! )، لابد أن البداية حينما يسألك عقلك الباطن (البريد الإلكتروني الذي تنوي إرساله الى مديرك غداً صباحاً ألا تعتقد أن به بعض الكلمات العدوانية والتي لا داعي لها؟)، تبدأ بالبحث وتذكر كلماته، قبل أن تقول في نفسك، سوف ارسله كما هو أيتها الافكار الهدامة (في عرضِك سيبيني أنام!!)، هل يستسلم عقلك الباطن؟ الاجابة بالطبع لا، فهو يُدخل عليك هذه المرة مقطعاً لاغنية هابطة مصرية لاتتذكر حقاً أين سمعتها؟ وما مناسبتها الآن!! (كوووز المحبة إنخرم.. إديله بنطة لحام!!)، مما ينقل الأرق بأتجاه آخر، ها أنت ذا تبدأ التفكير في الصراع التاريخي الأزلي، السرمدي، ما بين (الكيزان و قوى اليسار)، وما أوصلنا من بؤس في الحال و المآل، جماعة ترى الأُخرى انهم (كُفار ويستحقون النار وبئس المصير!!) ، أما تلك (الأُخرى) فترى أن (الأولى) مجموعة من الاوغاد المنافقين والذين يستخدمون سلاح الدين مطية للوصول للسُلطة ومن ثم التمتع بمباهج الحياة..!! صِراع دامي خلاصته (يا فيها يا نطفيها!!) من كلا الطرفين، وما بينهما تضيع أجيال،
ثم إن العقل الباطن ينقلك بِحنكة مُخرج أفلام آكشن قدير إلى صور الدمار الشامل بسبب الحرب، قبل أن يجعلك تتسائل،
(أين حميدتي الآن ؟ هل هو على قيد الحياة أم اصبح خيال مآته؟؟)، قبل أن تحاول إيقاف جموح عقلك الباطن من جديد، (في عرضِك سيبيني أنام!!)،
انت تَضجعُ على جنبك، وتُصِْر هذه المرة على استدعاء النوم، قبل أن يفاجئك عقلك الباطن بسؤال يستحق التأمل، (لماذا الفيل شديد البدانه بالرغم من إنه لايتناول سوى الاعشاب؟)، هل تعلم أن النملة غذائها الرئيسي هو السُكْر ومع ذلك فهي من أنحف الكائنات؟ !!! يبدوا انك لم تقتنع بعد؟،
النمر في البرية يتناول ما مقداره سبعة كيلوجرامات من اللحم الخالص يومياً ومع ذلك فهو لا يخشى زيادة نسبة الكوليسترول ولا إنسداد الشرايين التاجية!!! من قال أن الازمة في الطعام؟ وإن كانت كذلك فالافضل لك أن تفارق تلك الفانية وفي جوفك (صباعين) من (الكُفته المشوية) بدلاً من العيش بِحرمان الحميات الغذائية..!!!
(محمووووود انت نمت يا حبيبي!!)
(في عرضِك سيبيني أنام!!)،
هنا يبدأ (صنبور المطبخ) دون سابق إنذار بعزف سينفونية فريدة، بسبب تسريب قطرات من المياه تسقط على الأواني فتحدث صوتاً رتيباً، يبتسم عقلك الباطن قبل أن يقول لك (ماذا الآن؟ ألن تعالج هذا؟)، تصيح فيه من داخلك لا لن أُعالج (هذا!!)، فيرد عليك (هل تعلم كمية الهدر من المياه النقية في العالم؟)،
(فلتذهب أنت والعالم كله إلى الجحيم)، قبل أن يعاود الكرّة ثانية (هل تعلم كم تكلفك تلك القطرات من المياه في فاتورتك الشهرية؟)
(في عرضِك سيبيني أنام!!)،
أنت تعود لِفراشك من جديد بعد إحكام الصنبور، ليستمر ذلك الصراع العقلي حتى يبدأ اليوم الجديد بدقات المنبه. فيخرج لك لسانه في إنتصار!!