مكي المغربي
شهدت مفاوضات عديدة في عدد من النزاعات الافريقية، وجلسات أمام المحكمة الافريقية لحقوق الأنسان والشعوب، وبخصوص السودان لا زلت اذكر العام 2014 في أديس أبابا، تنتهي مفاوضات حكومة السودان مع الحركة الشعبية شمال، تبدأ مفاوضات حكومة الجنوب مع الحركة الشعبية المعارضة، ثم تبدأ مفاوضات السودان جنوب السودان، وبين ذلك مشاورات غير رسمية عن دارفور، ولجان ترسيم حدود، وهنالك قمم الاتحاد الافريقي والايقاد وفيها لقائات جانبية بخصوص السودان وجنوب السودان.
باختصار، راديسون بلو – أديس أببا شهد لي مئات التقارير والتعليقات بالعربية والانجليزية، وكانت سنة خصيبة جدا على مهنيا، وبائسة نفسيا، ولكنني عرفت كيف يتم تطويل الصراعات وما هي حياة الوسطاء ومحترفي التفاوض وكيف يستفيدون.
المهم، في كل بيانات الوسطاء التي شهدتها في كل جولات المفاوضات في الدنيا لم أر بيانا رديئا وحانقا على شعب مظلوم وجاحدا لالامه وأحزانه والجرائم التي ارتكبت فيه مثل (بيان الوساطة السعودية الأمريكية 26 مايو). بيان يرفض مجرد الأشارة الخجولة الى أن المليشيا لا تزال تحتل 22 مستشفى ولم تخرج منها، بعد أن طردت مرضى القلب من غرف الانعاش، والاطفال غير مكتملي النمو من الحضانات واعتقلت الاطباء والممرضين للعمل بقوة، وضربت مخزون الأمصال لتطعيم الاطفال بالنار.
اخفاء كامل للجريمة، وخوف من توثيقها، وكأن الوساطة هي التي ارتكبتها وليس المليشيا.
هذا البيان، سيتم تدريسه في كليات العلوم السياسية، ومعاهد تدريب التفاوض باعتباره نموذجا للوساطة غير الاخلاقية وغير الانسانية.
هو ليس بيان، هو خطة عمل واضحة للتنصل عن أي وعود وتفاهمات صدقها السودان بسذاجة أن الوساطة غرضها ايقاف الحرب وليس اطالتها وإعادة انتاج المليشيا سياسيا مع اظهار خلاف ما يبطنون.
موقف الحكومة بعدها الذي توجه نحو انهاء فترة فولكر، والاستنفار الشعبي لا يجب أن يكون كرت ضغط .. يجب أن يكون خطا قوميا نافذا لا تراجع عنه بأي اغراء كاذب مغشوش .. ويجب ان تتبعه قرارات في أي موضوع للحكومة فيه صلاحيات وأبدت فيه مرونة باختيارها.
اللوبي الاقليمي الدولي المتآمر لا يرغب في استقرار السودان، ويرفض التفاف الشعب حول جيشه، لقد فشلوا في الخطة (أ) وبدئوا في (ب).