اسامة عبدالماجد
¤ ذروة الغباء والغفلة في من يعتقد أن القوات المسلحة، تعمل فقط على قتال مليشيا حميدتي.. وفي ذات الوقت اجلت المنازلة السياسية والدبلوماسية.. الطبيعي ان يكون هناك تفاوض سري بين الجيش والمليشيا، لان اولى مهارات علم التفاوض هو (التواصل).. لو لم يتواصل الجيش لن يعرف ما الذي تريده مليشيا آل دقلو.. صحيح في العلن رفعت السقوفات وقال قائدها الباغي الشقي منذ تمرده ” سنقبض على البرهان ونقدمه الى المحاكمه” .. وذلك بعد فشل مخطط اغتياله.
¤ ولاحقا حرض ضباط الجيش بألانقلاب على البرهان.. اما شقيقه المتهور عبد الرحيم ظل يردد ” البرهان يمشي بس”.. لكن خلف الكواليس ادرج بند احتفاظ المليشيا بثروتها الطائلة.. وعدم المساس بالاصول الضخمة التي اشتروها او وضعوا يدهم عليها.. وبالمقابل ناور الرئيس البرهان ورفع من جانبه سقف التفاوض في خطابه عند ذكرى الاستقلال.. واشترط إعادة المليشيا للمنهوبات التي سرقتها من المواطنين والمنقولات الحكومة الى جانب الشرط المعلوم والمتفق عليه في منبر جدة.
¤ عقدت الانقاذ عشرات اللقاءات السرية مع قادة التمرد من جون قرنق الى حركات دارفور.. ولعل كان اخرها اللقاء المطول بين الرئيس البشير وقائد العدل والمساوة د. جبريل ابراهيم في اديس ابابا – قبل ذهاب الانقاذ باشهر قلائل ..واسالوا السكرتير الصحفي الاسبق للرئيس محجوب فضل بدري.. وكان وقتها دون اعباء رئاسية.
¤ وكذلك فعل مساعد الرئيس د. فيصل حسن ابراهيم فور تسلمه منصبه وملف التفاوض، بلقاء عبد العزيز الحلو في المانيا.. اما اهم الاجتماعات السرية، قادها مدير جهاز الامن الاسبق صلاح عبد الله ” قوش” مع (الحوثيين) في الخرطوم والعاصمة العمانية مسقط.. وتلقينا وقتها تحذيرات شديدة اللهجة بعدم الاشارة اليها ولو تلميحا.. الشاهد ان كل تلك اللقاءات لم يتم الاعلان عن ما دار فيها.. ولو خرجت معلومة للعلن اما من احد الطرفين او من مخابرات دولة اخرى.. تسرب الخبر وفق اجندتها ومايحقق مصالحها مع احد الطرفين.
¤ المعركة مع الاوغاد ليست في الميدان.. وقد انتقلت المليشيا الى مربع ثاني وهو السياسي والدبلوماسي.. وهي معركة لا تقل شراسة من (العسكرية).. ولذلك خرج حميدتي بنفسه لقيادتها قبل شهر من الان.. وظهر لاول مرة خارج البلاد منذ اندلاع الحرب والتقى الرئيس الاوغندي يوري موسيفني.. وقد تغيرت لهجته العدائية، وطرح على كمبالا رؤيته للتفاوض ووقف الحرب.
¤ ولو تلاحظون كيف غير حميدتي بخلعه (الكدمول)، مجريات الاحداث بشكل كبير.. وصلت درجة تجميد السودان لعضويته في ” ايغاد” .. وعندما ظللنا ننبه ونكتب عن اهمية المعركة الدبلوماسية والحاجة الى (جنرال) في الخارجية، لكن متانق بالزي المدني..صاحب قدرات تفاوضية، يملك رؤية، مبادر وقوي الحجة.. يقفز احد (المسطحين) ومن حوله (جوقة) تصفق له – والغريبة بينهم سفير.. ويعتبر ان كاتب السطور ينطلق من اجندة شخصية..
¤ ان استراتيجية لعب الادوار معلومة وهي مطلوبة في المؤسسة العسكرية .. وهي واحدة من اساليب وادوات ادارة اللعبة السياسة.. حيث يركز احدهم على الموقف العملياتي العسكري.. مع مهاجمة الخصوم والعملاء والداعمين.. ويقوم ثاني بتهدئة الراي العام واستصحاب انشغالاته وهمومه.. ويقوم ثالث بادوار التواصل – اكرر التواصل – في الغرف المغلقة بعيدا عن الاعين.. ويقوم رابع بمتابعة العمل التنفيذي للدولة.. وجميعهم يعملون في منظومة واحدة ومتجانسة.
¤ اطلاق صفات التخوين و(البيع).. احاديث عاطفية لا قيمة لها.. واكرر ان من يعتقد ان المعركة مع المليشيا مكانها الميدان يكون مخطئاً .. يمكن في طاولة التفاوض ان تحقق القوات المساحة، ما تأخر تحقيقه على الارض عبر البندقية.. كانت الانقاذ تقاتل وتفاوض.. كان الرئيس البشير (يُصعِّد) وكان الشهيد الزبير (يُهْدئ).
¤ ذهب الزبير الى الغابة لملاقاة رياك مشار، والراحلين كاربينو كوانين واروك طون.. في وقت كانت دماء الشهداء تروي غابات الجنوب وياله من قائد.. ويكفي ما قالته فيه الشفيفة روضة الحاج: يا سامقاً كالطود فرداً فوق أعناق الرجالْ يا أيها المنسوج وحدكَ من دماء النيلِ من سعف النخيل. ومن هوي التاريخ من حجب الجلالْ يا ايها الرجل القضية
¤ ومهما يكن من امر.. لا مكان للمليشيا وان عادت عبر رافعة (المنابر)، بعد ان شيعها الشعب الى (المقابر). وثقتنا في القوات المسلحة بلا حدود.. وكل (جياشي) رجل (قضية)..