خبير العلاقات الدولية “عبدالمحمود عبدالحليم” قبيل إعتماد السفير الأمريكي الجديد صباح غدٍ أمام رئيس مجلس السيادة : على السفير قودفرى ان يعمل باتجاه خلق علاقات منصلحة للمصلحة المشتركة للبلدين
• خلو منصب السفير لمدة ٢٥ عاما وعودته بعد كل هذه المدة يطرح أسئلة عديدة حول الأسباب والمآلات والتوقعات.
• نجاح السفير يعتمد على تقييمه الواقعى وغير الرغائبى للاوضاع في بلد التمثيل .
الاصل فى قوام البعثة الدبلوماسية ان يرأسها سفير وهو الوضع الطبيعى، او ان يقودها قائم بالاعمال اصيل او بالإنابة…واذا كان معلوما فى العرف الدبلوماسي ان يترأس السفير بعثة بلاده للبلد الإخر فان قيادتها على مستوى قائم بالاعمال ربما يكون لاسباب تقشف مالى اوادارى اوفى إطار تنظيم معين للموارد البشرية يرتأيه البلد المعنى…أما غياب سفير وخلو منصبه لمدة ٢٥ عاما وعودته بعد كل هذه المدة فإنه يطرح بدوره أسئلة عديدة حول الأسباب والمآلات والتوقعات.. ولانحتاج فى هذا الإطار الى الاشارة بان الأسباب كانت علل وعاهات المت بعلاقات البلدين واحتجازها بغرفة الطوارئ…ولكن ياتى السؤال بما اذا كان وصول السفير الامريكى وقيادته للبعثة كفيل لوحده بالمعالجة وشفاء العلاقات من اسقامها .. اما الإجابة فهى انه بالرغم من أن وجود السفير وقيادته للبعثة يكمل ويستوفى الشكل المراسمى والطبيعى لسفارة الولايات المتحدة الأمريكية لدى جمهورية السودان الا انه لايعنى ان العلاقات قد استوت على الجودى او انها تسير فى ذلك الطريق أو ان ان السفير سياتى بمافشل فيه الأوائل رغم أن وجود سفير يمكن أن يقصر طريق الوصول للأهداف المبتغاة…..اما نجاح السفير فى احراز أهداف بلاده فانه لا يعتمد فقط على امكانات السفير بل على وجود سياسة واقعية إزاء البلد المعنى قابلة للتنفيذ وكذلك على وجود تناغم بين الأجهزة المعنية ببلاده بشانها ويعتمد نجاح السفير على تقييمه الواقعى وغير الرغائبى للاوضاع في بلد التمثيل وعلى تجانس سياسات بلاده وعدم تنافرها مع سياسات أخرى ولا يمكن النظر لسياسات الولايات المتحدة بشأن السودان بمعزل عن سياساتها التى أعلنتها إدارة بايدن الديمقراطية وتتلخص تلك السياسات التى جاءت على أنقاض سياسة ترامب فى محاصرة واحتواء النفوذ الصينى واعادة تشكيل التحالفات واعادة الانخراط مع المنظمات والمؤسسات الدولية وتعزيز علائق جانبى الأطلنطي بمافى ذلك تقوية حلف شمال الأطلسي …وكانت سياسات بايدن تهدف ايضا لتفكيك التنسيق الروسي الصيني الا ان حرب أوكرانيا قالت كلمتها فى هذا الشان وقوت من تعاون موسكو وبكين ..وحتى فى مجال تحجيم دور الصين الذى كانت من تجلياته انشاء تحالف الولايات المتحدة واستراليا والمملكة المتحدة الى جانب المنبر الرباعى المماثل الذى شمل الولايات المتحدة واستراليا والهند واليابان فان ذلك قد أحدث شرخا أوروبيا تمثل فى غضب ورفض فرنسا التى اوقف ذلك التحالف مبيعات غواصات منها لأستراليا بتسعين مليار دولار امريكى وجاء ضمن المفارقات التى فاجأت حلفاء الولايات المتحدة انسحابها من أفغانستان وهزيمة حلفائها وهرب رئيسها أشرف غنى ووضح من خلال تجربة الإدارة الديمقراطية انها تبدو اقل حماسا لعسكرة القضايا وخاصة مواقع الحروب التى لا يمكن كسبها وانها سوف تتعامل مع الجهات المحلية التى تفوز او تكسب النزالات والعراكات والتنافسات الداخلية.. كما أنها ستمنح آذانا صاغية لحلفائها الاقليميين ….
أوردنا تجربة الإدارة الامريكية حسب اولوياتها المعلنة لقراءة مايمكن ان يؤول إليه الحال مع السودان لنقول ان السياسة الأمريكية تجاه السودان تندرج ضمن سياستها تجاه افريقيا حيث يلاحظ أن السفير الامريكى الجديد نقل فى تغريدته عقب وصوله بالحرف مااورده الرئيس بايدن فى كلمته لزعماء القارة بمناسبة عقد القمة الافريقية الامريكية فى ديسمبر القادم حول الانخراط مع افريقيا لتحقيق ” السلام والأمن والديمقراطية والأمن الغذائى” وأضاف اليها السفير مسألة الحرية والسلام والعدالة والانتقال وتطوير العلاقات مع الشعب السودانى رغم أن العادة قد درجت ان يقول السفراء من باب المجاملة “بلدينا وشعبينا “. ..من المؤكد أن احتواء الصين سوف يكون على رأس اولوياتها فى افريقيا وفى ذهنها تصويت نصف الدول الافريقية بعيدا عن مشروع القرار الأمريكى بالأمم المتحدة الذى يندد بالغزو الروسى لاوكرانيا وفى ذهن القارة حشف وسوء كيل ادارة ترامب التى وصفت مرة دول افريقيا بالاوكار القذرة والغى رئيسها زيارات وزرائه لأفريقيا جنوب الصحراء وترك موقع مساعد وزير الخارجية للشؤون افريقيا المهم خاليا لمايقارب العامين علاوة على بقاء ٢٠ سفارة تقريبا بدون سفير بالإضافة لمساندة ادارة ترامب لمرشح كوريا الجنوبية ضد مرشح نيجيريا وأفريقيا لمنصب المدير العام لمنظمة التجارة العالمية……ان نجاح السفير سوف يعتمد كما أسلفنا على تناسق وتوافق الأجهزة ببلاده حيث عكست التجربة بعض خلافات الرؤى بين الجهاز التشريعى ووزارة الخارجية مكتب المساعد لشؤون افريقيا ومبعوثى البيت الابيض حيث يتوقع استمرار هذه التباينات مع الاهتمام بدور الحلفاء الاقليميين حيث أوضحت تجربة حرب التقراى وحكومة اثيوبيا فى القرن الافريقى ان ظاهرة الحلفاء الاقليميين ليست وقفا على السودان حيث لعبث القيادة الكينية بدورها دورا مساندا لتسهيل الوساطة الأمريكية مع الاثيوبيين… ان خلفية السيد السفير قودفرى المتخصصة في قضايا مكافحة الإرهاب تعكس ان اهتمامات الولايات المتحدة بالسودان أمنية لحد كبير ..كما أنها تدرك التحديات الكبيرة بمايتصل بعلاقات السودان الطيبة بروسيا والصين…اذن فإن السفير لا يملك عصا موسى ..وان نجاحه فى تحقيق سياسات بلاده تعتمد على رؤى آخرين فى بلاده والإقليم…..كما ان نجاحه فى تنفيذ سياسات بلاده لا تعنى بالضرورة نجاحا سودانيا…. وعلى السفير قودفرى ان يعمل باتجاه خلق علاقات منصلحة للمصلحة المشتركة للبلدين….أما الجانب المعنى بتحقيق هذا الهدف فهو الجانب السودانى من خلال توافقه وحشد إرادته الوطنية خلف أهداف سياسة خارجية تهتدى اولا وآخرا يبسط اذرع التعاون مع الجميع تحقيقا لمصالح بلادنا وشعبنا…