كلام صريح / سمية سيد

حميدتي .. رحلة العودة العكسية

سمية سيد


في العام 2015 وعقب عودته إلى الخرطوم بعد انتهاء معركة قوز دنقو بولاية جنوب دارفور أدلى الفريق أول محمد حمدان دقلو بحديث صحفي لصحيفتي (التغيير) و(أول النهار) .
استمر الحوار الذي أجريته ومعي الزميلتان مشاعر عثمان وسعاد عبد الله لأكثر من ساعتين، وكانت تلك هي المرة الأولى التي يتحدث فيها حميدتي لصحف محلية.
تحدث عن مسيرة حياته منذ طفولته والحياة القاسية في البداية مروراً بتركه الدراسة في مرحلة مبكرة من عمره العام، وهو بالكاد تعلم القراءة والكتابة، ثم انتقل إلى تجارة الإبل إلى ليبيا .
تحدث عن خوضه أول معركة بتكوين مجموعة صغيرة من أبناء المنطقة لتعقب أفراد كانوا يسرقون الإبل ويهربونها إلى ليبيا، إلى أن أصبحت قوة ضخمة لا يستهان بها فلجأ لهم الرئيس عمر البشير لتعقب حركات التمرد في دارفور.
كان حميدتي يتحدث بطريقة صدق وبساطة إنسان البداية الذي لا يعرف الدهاء ولا اختيار الكلمات المنمقة للخروج من الأسئلة الحرجة بدبلوماسية السياسي المحنك.
حكى عن كيفية تكوين قوات الدعم السريع. وشن هجوماً عنيفاً على قيادات في القوات المسلحة قال إنهم كانوا يحرضون البشير ضده. ووصفهم بكلمات قاسية .
حكى عن الشروط التي وضعها للبشير حتى يقضي على حركات التمرد، فطلب تاتشرات ورتباً عسكرية وغيرها من المطلوبات.
ونحن نعد في الحوار للنشر تفاجأنا بمجموعة من أفراد يتبعون لجهاز الأمن يقتحمون سكرتارية التحرير يأخذون التسجيل، ويذهبون ثم يأتون في اليوم التالي بعد أن حذفوا كثيراً من حديث (الصراحة)
عندما خرجنا من مكتب حميدتي بنمرة 2 قلت للزميلة مشاعر إن هذا الشخص له طموح سياسي لن يقف عند حد قائد قوات الدعم السريع .
طموح حميدتي السياسي هو الذي قاده لأن يبني لنفسه مجداً، بدءاً من تأهيل نفسه إلى أن امتلك القوة والثروة.
وأنا أطلع على بيان الفريق حميدتي الذي أعلنه في الساعات الأخيرة من يوم الخميس الماضي مر أمامي شريط تفاصيل أول مقابلة لي معه قبل أكثر من سبع سنوات، لأجد أن المقارنة بعيدة جداً في شخصية الرجل التي تغيرت 180 درجة .
برغم أن البيان الذي أدلى به كان متماسكاً لا يدل على بساطة كاتبه، لكن كان واضحاً أنه جاء على عجل وكأنه أراد أن يلحق به أمراً ما، لا ينفع معه التأجيل .
برغم أن الفريق البرهان ذكر خلال خطابه في الرابع من يوليو الحالي أنه تم التنسيق مع قائد الدعم السريع ، إلا أن بيان حميدتي أكد نفس الشيء، وكانما أراد أن يرسل رسالة لجهات بعينها، وهو يؤمن بأن قرارات البرهان تمت صياغتها والتشاور حولها بروح الفريق الواحد .
وجه حميدتي رسالة واضحة للداخل باختياره التركيز على قضايا مهمة، حاول أن يغازل قوى الثورة بحرصه على حراسة الانتقال الديمقرطي وتحقيق أهداف الثورة، وحاول إرضاء مكونات عديدة من المجتمع السوداني في الإدارات الأهلية والقيادات السياسية بتسليم السلطة للمدنيين. .أبدى حرصه الشديد وتأكيده على انتهاء الصراعات القبلية في دارفور تحديداً وأيضاً في النيل الأزرق وكردفان والشرق.
ظهر حميدتي فجأة عبر بيانه الذي شغل الناس وأثار ردود أفعال متباينة، وفتح الباب أمام العديد من التكهنات.
البعض رأى أن الواقع السياسي بدا في تجاوز حميدتي الذي اختار التواجد في دارفور بعيداً عن ثقل الأحداث في المركز. فيما تحدث البعض الآخر عن شقة واسعة بدات في الظهور بينه وبين الفريق البرهان وبقية أعضاء المجلس السيادي من المكون العسكري. فيما راى آخرون أفول نجم الرجل بعد انحسار حرب اليمن، والاتجاه نحو التسوية السياسية التي ترعاها المملكة العربية السعودية، وأن اهتمامات قيادات دولة الإمارات بالشأن السوداني اتخذت منحى آخر غير الاعتماد على حميدتي .
تفسيرات أخرى تشير إلى استشعار الفريق حميدتي بالأثر الذي خلفه تقاربه مع روسيا على علاقاته مع المجتمع الدولي، وباستشعاره بخطورة الحديث الذي أدلى به الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في قمة جدة حول عدم السماح بوجود مليشيات في المنطقة ، فسارع بنشر بيان تطمين للخارج خاصة فيما يختص بمستقبل وجود قوات الدعم السريع.
أعتقد أن الفريق حميدتي أراد أن يحصل على كسب سياسي يتيح له التحرك بحرية أكبر، مستفيداً من تعقيدات المشهد الحالي، للحصول على التأييد المطلوب من كل القوى والمكونات لمشروعه السياسي الطموح الذي يرغب في تنفيذه
somiasayed@gmail.com
//

اترك رد

error: Content is protected !!