( شايله تاجوج من جماله
و نايمه بين أحضان جباله
في الشرق أجمل مدينة
و ناسه من أشرف سلالة
لابسه من القاش سواره
و ضافره من توتيل هلاله ) ..
كلمات و ألحان و أداء ( التاج مكي ) ..
( التاج ) ..
الذي كتب فيه الأستاذ ( صلاح شعيب ) ..
( التاج مكي ) .. ألف سلامة فالمرض زكاة البدن ..
و كتب عنه الأستاذ ( أمير أحمد حمد ) ..
صبرنا كتير على الأشواق ..
و من يكتب عنه هذان العملاقان المرْمُوقَان ، فلا مُعَقِّب ولا مُسْتَزِيد ،
إذ أنهما لا يتركان مُتَرَدَّماً و لا ناقصاً يكْتَمِلُ باسهام من هم في قلة حيلتي
و ذخيرتي و أدواتي ..
أما و أن ( التاج ) قد سَلِم من
إصابة لحقت به ، فحُق عليَّ أن
أن أطايبه من على البعد ..
( كفارة وسلامتك يا تاج ) ..
و أنضم بذلك إلى جُموع الأحباب الذين ما بَرِحوا يلهجون بلسان واحدٍ
و جَنانٍ واحدٍ ..
( المجد عوفي إذا عوفيت والكرم ) ..
و ( التاج ) من إذا ما غاب إفْتُقِدَ
و إذا حضر هَفَت إليه الأفئدة ..
و ذلك لقربه من ذوي مودته و إقباله
عليهم في كل حين ، و هو ما يلمسه
كل من اقترب منه و ارتبط معه بصلة
و وشيجة ..
و لا غرو في ذلك ، و هو من تعلق
قلبُهُ بدار الفرح و الريد ..
( دار الفرح والريد تلقاني من أهلا
مين اللي مابعرف طيبة شباب كسلا ) ..
فمن تلك الطِيبة ارتوى ..
و بتلك الطِيبة شدا وتغنى ..
و بهذه الطِيبة نَعِمْنا و طَرِبنا و انتشينا ..
و لعل كثيرين مثلي لم يعرفوا ( كسلا )
و مفاتنها ، ليهيموا بها حُباً ، إلا من
خلاله ، و هو يتغنى ( لحلنقي ) ..
( يلاك بعيد نرحل
لي دنيا حِنِيِّة
نعيش لو حدينا
و سيرتنا منسية
أوسدك قلبي
و ارعاك بعينيَّا
و اسقيك مياه توتيل
علشان تعود ليَّا ) ..
لكن ..
( الحب عذاب في كسلا ) ..
كما يصوره ( حلنقي ) و يؤيده ( التاج ) ..
و لا مُش كِده ياصديقي !!
و أنا عرفت التاج أول ما عرفته عبر
المدى ، و بعدها تحققت رؤيا العين ،
و التي بها اكتمل عِقد الوداد و انعقد
رِباط الوصل ..
و أذكر كم كانت سعادتي غامرة ،
و هو يستجيب لدعوتي ، و يبرنا بمشاركتنا حلقة زاهيه في برنامج ( أغاني و أغاني ) ، و كم كانت غبطة
المشاركين و التاج يتوسطهم وهم
يَشْدون بأغنياته النَضِره ، و ينهلون
من روحه السمحة ..
و هي سماحة عُرف بها ..
و مَحَنَّة جُبِل عليها ..
فإذا سرك أمرٌ تجده إلى جانبك
مسروراً ..
و إذا ساءك أمر تجده إلى جانبك
مُغتماً مستاءً ..
و إذا بدر منك ما يرضيه نفحك بأعذب
القول ..
و إذا لمس منك ما يُعَكِر صفوَه تجاوز
و سامح ..
( أول مرة سامحتك
تاني مرة سامحتك
تالت مرة سامحتك
عااااااشر مرة سامحتك
اتألمت منك كم
و ما اتكلمت صارحتك
قلت أسيب هواك أحسن
غصباً عني روحتك
و اتمنيت من الأعماق
أكون ياهمي ريحتك )
و إذا برح به الوَجْدُ و الشوقُ وجد
عزاءه عند الشاعر ( مرتضى عبدالرحيم صُباحي ) ..
( صبرنا كتير على الأشواق
طوينا الانتظار المر
لما نشوفو ظالمنا
نحاول نلقى ليهو عُذر ) ..
و ( صباحي ) أيضاً هو من نظم ..
( خلاص مفارق كسلا
مفارق أرض التاكا
سايبك وحيد ياقلبي
شايل عذاب ذكراكا
ما بنسى فيك ياكسلا
أيام قضيتا سعيد
أنا لي فيك حبيب
كيفن أسيبو وحيد ) ..
و عندما جاء إلى الخرطوم ، في العام ١٩٧٠ ، أقام بحي ( الموردة ) بمنزل ( سيِّد الحنَّان ) ، حيث الاقتراب من ( النيل ) ، و ( بيت الخليفة )
و ( الحيشان التلاتة ) ، ( و دار
الفنانين ) و ( دُور الرياضة ) ،
و ( سمك السُّكِي ) ، و ( حديقة المورده ) ، و ( ليلى المغربي ) ،
و كل مراتِع الحُسن و مواطن
التلاقي و التلاقح ..
كان يَتَنقَّل هنا و هناك كفراشةٍ تنتجع
مَكامِن الرحيق ، و كانت دارُهُ معمورةً بالصحاب و الأحباب ، من فُحول الشعراء ، فيأخذ الأشعار من أفواههم
و هي يانعة طازجة ..
تجد بينهم شاعر ( سعاد ) و ( بناديها )
و ( الساقية ) و ( الحزن القديم ) ،
الشاعر ( عمر الطيب الدوش )
و ( التاج ) يغني له ..
( يطول الليل و تسهر عين
و هايم في دروب جوال ) ..
و تجد شاعر ( أقابلك ) و ( راح الميعاد )
و ( تتعلم من الأيام ) ، أعز الناس ( إسحق الحلنقي ) ..
و التاج يغني له ..
( حبيت عشانك كسلا
و خليت دياري عشانك
و عشقت أرض التاكا
الشاربه من ريحانك ) ..
و تجد شاعر ( أحلى البنات ) و ( سلافة الفن ) و ( رحلة عيون ) و ( إلى مسافرة ) ، الشاعر ( عثمان خالد ) ..
والتاج يغني له ..
( تبالغ ياحلو العينين
و تبخل لي بنظرة عين
أنا الدنيا بقت عينيك
و زي عينيك ديل عاد وين ) ..
و تجد الشاعر ( التيجاني سعيد ) ..
( قلت ارحل
أسوق خطواتي من زولاً نسى الإلفه
أهوّم ليل أساهر ليل
أتوه من مرفا لي مرفا
أبدل ريد بعد ريدك
عشان يمكن يكون أوفى
رحلت و جيت في بعدك لقيت
كل الأرض منفى ) ..
و تجد ..
و تجد عازف الكمان ، و ساحر
الألحان ، و أكثر من فنان و فنان ،
يتغنون بأعذب ما يطرب النفوس
و يشنِّف الآذان و يحرك الأبدان ..
و ( التاج )، ليس مجرد مؤدي فنان ..
لكنه إنسان فنان ..
تجده في مثابة (منتدى الهرم التاج مكي ) ، و التي جمعت فأوعت ، من الأطايب و المصطفين الأبرار ، ينثر
ألواناً من المعزَّةِ و المباهج و حلو الكلام ، ليُقبِلَ كلُ واحدٍ على الآخر ،
كما تتكئ على بعضها الأغصان
المُكتنزة بالثمار ..
و قبل أيام وجدته يُرَوِّج لمقال لي كتبته بعنوان : ( في مقام بابا قاسم بدري ) ، ثم أسعدني باتصال أثنى فيه كثيراً على ( قاسم ) و جميل أفعال ( قاسم ) ،
و مواقف يعرفها عن ( قاسم ) ..
و هذا ديدنه ..
و هذا يَشِي بما تفيض به نفسه الأمارة بالخير من محبة للناس و ذكر لأفضالهم و محاسنهم ..
و يقيني أن من يُكثر من ذكر الناس
بخير ، فهو إنسان ينطوي على خير
كثير و حب كبير ..
و أن من يُكْثِر من لمز و همز الناس
و يترصدهم و يتقصدهم و يتصيد أخطاءهم فكن على يقين من أن هذا المخلوق مرزول ممحوق مسحوق ..
لذا فإن من يتحقق بصفات المودة
و العاطفة الجياشة ، تنقاد إليه النفوس ، و تهبه أروع ما انطوت
عليه ، من مشاعر و أحاسيس ..
و هذا ماتيسر ( للتاج ) فأصبح
مصَبَّاً لأنهارِ حَمَلَة مشاعل الحقيقة
و الكلمة الرقيقة ..
فهذا هو يُداري و يواري ، مع القلبو
ما بعرف يعادي ، ( عبدالوهاب هلاوي )
و يُغني ..
( في ناس شافوك في حِلتنا
و كان مُنيتنا تغشانا
صحي الدنيا بتخلي الناس
تجافي وتنسى خِلانه
و عشان بنخاف شماتة الناس
نقول ليهم أمس جانا
و هو ماجانا ) ..
و يؤَّمِل مع شاعر الشمس غابت
وينو القمر طيب
( جلال حمدون ) ..
و يُغني ..
( حتى الطيور كان جا الخريف
ترجع تحن لي عشها
و الصحرا تترجا المطر
لو مرة واحده يرُشها
و أنا روحي صابرة على الأسى
أبسط امل بيغُشها) ..
و يحَذِّر و يُغري مع الفاره الصارم الشامخ كالطابية المقابلة النيل ،
الشاعر اللواء ( أبو قرون عبدالله أبوقرون ) ..
و يُغني ..
( ما تسوي بُدره على الخدود
و ما تخُتي في أذنك حَلَق
خَلي الخدود زي الورد
البدره بتزيل الألق
من دون تزاويق أو مساحيق
انتي أجمل من خلق ) ..
و يبتهج و يفرح مع شاعر اللهفة
و الأشواق و سفر الحنين ( محمد عبدالله برقاوي ) ..
و يُغني ..
( لو تعرفي
يوم جيتك ابتسم الزمان
و هتف المكان
فرحان بي شوفتك مُحتفي
لو تعرفي ) ..
و يبكي في أُتون الغُرْبَه الزمن الجميل ، مع الشاعر الوسيم النبيل الجميل ،
( تاج السرأبو العائلة ) ..
و يُغني ..
( حليلو زماني
زمن الطيبة و الحنية عَدَّه
و فات مابرجع تاني )
و ( مالكني حب المصطفى ) و ( غرد
لينا ياكروان ) و ( ما تعودي العين البكاء ) و ( سامحتك ) و ( يا سودان
سلام عليك ) و ….. و ….. و ……
و ( الزمن الجميل ) ..
و يتذوق مرارة البُعَاد مع سيد الإسم
( كامل عبدالماجد ) ..
و يُغني ..
( حار خلاص بُعد المسافة
و شوق قليب دايب رهافة
ليك يا الحاضن الشواطئ
و زاهي زي لوح الشرافة )
و كما أن ( التاج ) قد تغنى أيضا للشعراء ( عزالدين هلالي ) ،
و ( عبدالرحمن مكاوي ) ، و ( نادر
عزيز التوم ) ، و ( الدكتور محمد
عثمان جرتلي ) ، و ( الطيب عمر الطيب ) ، ( و علي سلطان ) ، فقد
تغنى للشاعر ( التاج مكي ) ..
برااانا براااانا ) و أخواتها ..
و يقول الأستاذ ( أمير أحمد حمد ) ،
إن ( التاج ) عندما تمادى في التأليف ،
داعبه رفيق دربه ( إسحق الحلنقي )
بقوله : ( إنت بتلحن ، و بتغني ،
و بتكتب الشعر خليت لي شنو معاك !! ) ..
و ( التاج ) ، و ( حلنقي ) ، كما يقول المثل : ( فُوله و انقسمت نُصين ) ،
أي أني أرى فيهما نزوعاً نحو الْجَمال ،
و انقيادا للجَمال ، و تعبيرا عن الْجَمال ،
و دعوة للانغماس في مَسَابح الجَمال
و الارتماء في محاضن الجَمال ..
و أنا من يُسكِرُه الجَمال ، و ينحني لسَدَنَةِ الجَمال و حَمَلَتِه ..
و لقد تتبع الأستاذ ( صلاح شعيب ) ،
في مقاله مسيرة ( التاج ) المُتوَهِجه ،
منذ أن وُلِد ونشأ و ترعرع و تنقّل
و تغنى ولَحَّنَ وألَّفَ و ألِفَ و درَسَ
و درَّس ، إلى أن ولَّى وجهه شطر الاغتراب ..
و كذلك فعل الأستاذ ( أمير أحمد حمد ) ..
و آآآهٍ ثمَّ آآآه ..
ذلك أن قَدَر بلدي الحبيب أن تهجره النوارس ، و النفائس ، و الثريات ..
فيبتهج بها الأبعدون
و يتزين بها الأبعدون
و يستضيئ بها الأبعدون
و لا عزاء للأقربين غير التحسُّر
و السلوى و الانتظار على أحرَّ من
اللهيب و هجر الحبيب ..
و في قمة تألقه و ازدهاره ..
هاجر ( التاج ) إلى ( دولة الإمارات ) ،
و ظل إلى يومه هذا يصطلي بهجير
الغربة الماحِق الحارق ، و يدفع عنه
لأواءها المُفضية للانزواء ، و يتخير أفياءها الباعثة على الارتواء ..
فالغربة التي تخفي الملامح ،
و تذهب بالنضارة ، و تورث الملل
و السآمة ..
و الغربة على تَوَحُّشِها و قَتَامَتِها
و كآبتها ، فإنها ليست كلها شَرٌ ،
أو ( عبث ضائع و جهد غبين
و مصير مُقنَّع ليس يرضي ) ..
إذ فيها من الدوافع رغم الموانِع
و فيها من المنافع رغم المَواجِع
و من الأماني اللوامع رغم الزوابِع
و من الصلات الروائع رغم الفواجِع ..
فهي تمنحك إحساساً هجِيناً ، في
طعم ( الحِلو مُر ) ..
و قد تذوقت هذا الطعم وأنا أتقلب
في الوظائف بين ( صنعاء )
و ( الرياض ) و ( المدينة المنوره ) و( القاهرة ) ..
و تذوقته عند الشاعر ( صلاح أحمد إبراهيم ) ..
( غريب وحيد في غربتو
حيران يكفكف دمعتو
حزنان يغالب لوعتو
و يتمنى بس لي أوبتو
طال بيهو الحنين
فاض بيهو الشجن ) ..
و لا أزال أتذوقه عند الشاعر ( عبدالعال السيد ) ..
( الدنيا ليل غربه و مطر
و طرب حزين
وجّع تقاسيم الوتر
شرب الزمن فرح السنين
و الباقي هدَّاهو السفر
ياروح غُناي
الغربه ملَّت من شقاي و غربتي
و بقيت براي حاضن أساي
الوحشه ملّت من أساي و وحدتي
لا غنوه لا موال يبدد حسرتي
غير الدموع يا ملهمه
الغربه مُرَّه و مؤلمه
الغربه مُرَّه و مظلِمه ) ..
و من قبل تذوقته مع الشاعر ( حسن عوض أبوالعلا ) ..
( سفري السبب لي أذايا
فُرقه و فُقدان هَنايا
بَطْرى حبيب أملي و منايا
و أبكي على هذي النهاية
و ببكي على تهديم بُنايا
ليت حبيبي عليَّ ناح )
إلى أن يقول ..
( ماذا أُؤمِل .. ماذا أُؤمِل
حيران ببكي و بأمل
ولهان ببكي و بأمل
و حيد ببكي و بأمل
آآآه ياهوايا و آآآه يامنايا
وحيد سهران برايا
أنيس دمعي و بكايا
آآآه ياكناري و آآآه يا قماري
طيري لي تعالي
و حيد ليلي و نهاري )..
و أتذوقه بأحلى و أمرّّ طعم عند
( التاج مكي ) الذي يُشَهِيك في الاغتراب ، ثمَّ ما يلبث أن يُزَهِدك
فيه و هو يتغنى ( لحلنقي ) بما يُشجي
و يُضني من وحْيِّ ( حصاد الغربة ) ..
( رجعت بعد سنين بلدك
تغني وفرحتك شايلاك
رجعت لقيت عيون أهلك
تعاين ليك وما عارفاك
فُتَ بلادك انت شباب
وجيت الليلة وينو صِباك
وكل الناس بقت تسأل
تقول ياربي وين شايفاك
تشَبِه فيك بالساعات
تحاول تطرى ما تطراك
دفعت شبابك انت تمن
وبعد الغربة نِلتَ جزاك
رجعت لقيت عيون أهلك
تعاين ليك وماعارفاك ) ..
و يا ( تاج ) ..
فلتهنأ بغربتك ..
و يا ( تاج ) ..
و أنت تنعم بغربتك و تتعذب ، فقد
تركت الكثيرين من بعدك ، يتغنون لك كما تغنيتَ أنتَ ..
( رحت خليتنا
تاني ما جيتنا
كان مغالطنا و ما مصدقنا
أسأل العنبه الرامية فوق بيتنا ) ..
و تاني كفارة البيك يااازول
و يا ( تاجنا ) كفاره البيك يزول ..
و سنه سعيده عليك ..
و السلام ..
أم درمان ١ يناير ٢٠٢٣
كفيت و وفيت يا أستاذ حسن، نعم ذلكم هو التاج أو كما يحلو لي مناداته ب تجتجة، أنعم الله عليه بالعافية والسعادة والايام الطيبة والسترة والتوفيق