قبل ان تفكر الحكومات في إغلاق اي قناة الاحرى ان تفكر في في معرفة الأسباب ومحاولة ازالتها اذاكان ذلك ممكنا
السفير د. كرار التهامي
تناولت في المقال السابق موقع المذيع او مقدم البرنامج بين الجبر والاختيار في معالجته للأخبار وحدود المسئولية الأخلاقية بين الخيارين
فإذا كانت إرادة المالك الخفي او الظاهر للقناة هي نصف السبب في توجه القناة او الوسيلة الإعلامية فان النصف الاخر يصنعه مزاج العاملين والمتنفذين فيها داخل الردهات و غرفة العمليات و لكي تستبطن اسرار الوسائل الإعلامية ابحث عن مكامن تلك الأسباب وتموضعها في المعادلة ثم تستخدم التواصل السياسي او العلاقات العامة على صعيد الدولة والمؤسسة ثم الأفراد و رؤوس القايدة الذين يعملون في مطبخ القناة لكسب القلوب والعقول وتفكيك هذه الحالة المؤذية والتبصير بالحقائق الغائبة عنهم وليس هنالك حرج في ذلك إذا لاتوجد اليوم وسيلة إعلامية على وجه البسيطة محايدة مما يحتم إطلاق حملات علاقات عامة توثر كثيراً وتصنع الفرق احياناً و تقلل من الغلو في الخصومة
◾️ تبدو معظم القنوات في الظاهر نقية وموضوعية ومنفتحة لا يلاحظ إنحيازها الشخص العادي لكن ما ان يمس احدهم العصب الحي فيما يلي المالك حتى تتساقط الأقنعة وتمارس ما أطلق عليه الباحث الفرنسي فرانسو جيريه بالتضليل الإعلامي وهو ” مشروع منظم ومخطط لتشويش الأذهان والتأثير على العقول وادخال الشكوك وخلق الاضطراب والتأثير على اصحاب القرار والمواطنين “وفي السودان عاشت الدولة حينا من الدهر تحت حالة انحياز غير مهنية مارسها بعض العاملين داخل قناة الجزيرة وقد كان نموذج المذيع احمد طه واضحا خلال تغطية احداث ديسمبر وقد يكون السبب مهنيا او اخلاقيا او جبرياً بالتماهي مع تعليمات المالك التي تضع المذيع في حالة الجبر اكثر منه في حالة الاختيار
◾️ شبكة سي ان ان طردت ريك سانشيز صاحب البرنامج الصباحي الشهير ” قائمة ريك ” بمجرد تعليقه الساخر على زميله المذيع اليهودي جون استيورت وغمز من قناة المذيعين اليهود وتعصبهم فلم تستحمل القناة وجهة نظره ضد التعصب اليهودي فأقالته بدم بارد
◾️ كذلك تابع الجميع الخروج المهين لهيلين توماس عميدة مراسلي البيت الابيض السابقة، التي تعرضت لحملة شرسة حتى اضطرت للاستقالة من القناة بعد تصريح شهير لها طالبت فيه اليهود بمغادرة اسرائيل والعودة لأوطانهم الأصلية في بولند وألمانيا وغيرها من حواضن الشتات اليهودي
◾️وليس غائبا عن الأذهان فضائح امبراطورية كيث روبرت ميردوخ وتجسسها على السياسيين والشخصيات العامة لمصالح سياسية دولية
هذه مجرد أمثلة وليست للحصر لنفي حيادية الوسائل الإعلامية لذلك قبل إغلاق اي قناة مهمة او متواضعة على الحكومة مراجعة قائمة الفحص Check list والإجابة على الاسئلة التالية :-
✅ اولا هل القناة مستوفية الشروط التعاقدية والتنظيمية التي تتيح لها التواجد القانوني لنشاطها داخل حدود الدولة ؟
✅ هل الدولة مالكة القناة عدائية في توجهها السياسي ضدك وان القناة مجرد اداء في الصراع معك ؟ وهل ميئوس من هذه العلاقة ام ان وهنالك مساحة لمراجعة مسئولي الدولة وإحراجهم بأدب ؟
✅وهل هو عداء صريح ام موارب و ماهي أسبابه؟ و هل خط القناة مطلق ام انه يترواح بين العدالة الإعلامية والانحياز ؟
✅ هل هنالك افراد في القناة يغردون خارج سربها ومتشددون في مواقفهم ضدك وهل تعرف اسباب تلك المواقف الشخصية ؟وهل يمكن معالجتها بقليل من التواصل وازالة الصدأ بحسن التعامل ؟
✅هل واجهت حكومتكم القناة بانحراف أخبارها وتكذيبها ودمعت ذلك بالحجج والوثائق وهل طالبتها بالاعتذار المهني المطلوب اكثر من مرة ثم وتمادت في سلوكها غير المهني ؟
✅هل هنالك جهة تتابع المحتوى الذي تبثه القناة بخصوص حكومتك وتحلل توجهاتها وتلاحظ مستوي الانحراف والاستهداف ؟ وتعرف الأسباب إذا كانت عشوائية او متكررة او منهجية او اخطاء في مصدر الخبر او اخبار من المراسل او الدسك؟
✅ هل لاحظت الانتقائية السالبة في برامج الحوارات وقيام القناة باختيار متحدثين اكثرهم ضد الحكومة وحتى الموالين القليل منهم له كفاءة مناسبة والبقية ضعيفوا القدرات الحوارية وكيف يمكن ان تؤثر في ذلك بطريقة او اخرى ؟
إذا أمعنت القناة في الخصومة بدون منطق جاز التلويح بالاغلاق بدلا من الاستعجال ثم التراجع على خجل
د.كرار التهامي ٣٠ أبريل