زوايا المرايا / د. زينب السعيد

الجريمة غير المنسية


د.زينب السعيد

قبل أن يهجم تتار العصر لينتزعوا منا ( الحياة ) بكل تفاصيلها، كانت الايام تسير وفق ناموس كوني معتاد، الحياة رتيبة ولكنها نضرة بهيجة، شعور غامر بالطمأنينة والرضا، العيد يتأهب بحضوره الزاهي، والسوق مشمره في عبادة خالق الاكوان تقربآ وزلفي،علي حين غرة اقترب مارد اسود خرج من قمقم كتنين يتنفس لهب فاحرق في اول زفرة( بهجة الحياة) وحين عاود الشهيق تنصت الكون في ذهول ليرى ( كيف انه احرق كل النضار والنوار ) التاريخ والثقافة والارث التليد!!! اي مارد هذا الذي يسحق الانسان، ويشنق الجمال ولايرتوى الا بالدماء؟ من أين آتوا؟ اي رحم مشؤوم تناسلوا منه ؟ لأول مرة في حياتي ادخل مدرسة التاريخ لاعرف نوع جديد ( لاصل الانسان) اصل لايعرفه( دراون) ولا انس ولاجان ؟؟ نوع له خصائص المفترسات، قسوة وغلظة واظفار مسنوسة تمزق وجه الانسانية، مليشيا الدعم( المريع) تستحق دراسات عميقة مطولة للاجابة علي السؤال ( لماذا كل هذا السواد؟ ) ..
لماذا كل هذا الحقد والغبن والتشفي والدموية؟ أن الجرائم التي ارتكبتها في حق السودان كل السودان ( وحق نفسها) ستسجله كتب التاريخ وسيدرسه أجيال بعدنا وستكون مادة دسمة في كل العلوم ، ستصنف القبائل، وتوصم بالعار، وسيحمل جينات الشر زرية تعساء، سيتذوقون طعم الدم بدل حليب الامهات، سيسرقون حق الغير دون تعب ويموتون تصحبهم اللعنات وتغلق عليهم القبور المظلمة برزخهم لهب وعاقبتهم خسران…
حرقتم قتلتم اغتصبتم الحرائر، سرقتم حصاد السنين دمرتم كل شئ وماتركتم( عود ناضر )ولانفس سليمة ولافؤاد الا وطعنتموه بخنجر الغدر المسموم…
الم تكتفوا بعد؟ ؟؟ ماهذة الوحشية وانتم تتلذذون بتعذيب الآف الاسري في معتقلاتكم السوداء كنفوسكم المريضة؟؟ أن وصف بعض المنظمات الحقوقية أن جريمة الاختطاف التي ارتكمبتموها بحق المدنيين( بأنها جريمة منسية) اظنها تسمية غير صحيحة؟ فما من شعور اسوأ من أن تفقد احب من لديك دون ان تعرف مصيره ، وحين تتأكد انه في قبض ( قاتل منزوع الرحمة ) تصبح مصيبة الفقد اكبر .. بالله قولوا كيف تنسوا؟وكيف ينسوا؟
ستون الف مختطف في قبضة هؤلاء الاوباش قضي منهم مايقارب الخمسة الاف نحبهم بعد تعذيب وتجويع!! ياللكارثة ويالبشاعة الانسان حين يتجرد من انسانيتة كلها ويتغير حتي سمته ويصبح غول له انياب يقتات بدماء اخيه الانسان..
أن القبور التي انتظمت داخل المدن والأحياء شواهد( يجب أن يكتب فيها ) كنت آمنا في سربي يا الله فقتلني فلان..بعد أن اذاقني الويل …مت جائعا ظمآن فاسأله يا الله أن كان قاتلي قد شبع من لحمي وارتوي من دمي؟؟
زاوية قبل الاخيرة ..
أن ماتتداوله الوسائط من بشاعة يجب أن يجمع ويقنن في كتاب ضخم اسمه ديمقراطية الموت..
زاوية اخيرة ..
أما بعد ..فأن كان ثمة انحناء وتقدير فللقوات المسلحة الباسلة الظافرة بأذن الله والتي واجهت حرب عالمية بصلابة وصمود عز عن النظير برجال صدقوا ماعاهدوا الله ومابدلوا تبديلأ..سيكتب التاريخ عنكم ايضآ وسيذكركم فرادى وجماعات ، ايدكم الله بنصره وحفظكم بسره الذي بين الكاف والنون..

اترك رد

error: Content is protected !!