الرواية الأولى

نروي لتعرف

الرأي

اغتيال الفاشر

خالد محمد علي نائب رئيس تحرير ” الأسبوع ” المصرية

أثار ما تقوم به قوات التمرد في مدينة الفاشر تساؤلات حول الجهات التي تخطط وتنفذ تلك العملية المعقدة، من حصار وقتل واستخدام لأحدث الأسلحة، والهدف من كل ذلك؟، وهل هو فصل إقليم دارفور فقط عن السودان؟ أم أنه نموذج إبادة سيتم تطبيقه في كل المدن السودانية؟ بل ومدن عربية كثيرة أيضا.

وعلى غرار خط بارليف الإسرائيلي، قام الدعم السريع بتشييد أكبر ساتر ترابي تشهده السودان بطول 30 كم، بتحصينات و ارتفاعات شاهقة يسد جميع منافذ دخول المواد الغذائية والطبية والوقود وجميع احتياجات المواطن داخل المدينة، كما يمنع خروج المصابين للعلاج، وتقوم قوات الدعم السريع بالتوازي مع ذلك، باستهداف وتدمير المستشفيات والمدارس ومعسكرات النزوح ومحطات المياه والكهرباء، وكل ما له علاقة بحياة الإنسان داخل المدينة، وتستخدم قوات التمرد طائرات مسيرة حديثة في تدمير تلك المنشآت، حيث تمكنت مؤخرا من قتل 75 من قيادات المدينة في أحد المساجد أثناء صلاة الفجر، كما تمكنت من الوصول إلى أعماق المخابئ العسكرية، ومخازن الدواء، والغذاء تحت الأرض وتدميرها.

وتحولت الفاشر إلى معتقل كبير لسكانها، كما أن تدمير الحياة المدنية جعل استمرارهم في المدينة أمرا مستحيلا، وعلى الرغم من كل النداءات التي توجه بها أبناء الفاشر للمجتمع الدولي و منظماته المختلفة، إلا أن استهداف مدينة الفاشر «الأهم في إقليم دارفور» يبدو أنه يسير وفق خطة دولية وإقليمية ينفذها الدعم السريع بواسطة خبراء أجانب وطائرات حديثة وصور للأقمار الصناعية، حيث تنفذ الخطة بدقة متناهية.

واجمالًا يمكن الإشارة إلى الأساليب الإجرامية للتمرد في الآتي:

1- استخدام سلاح التجويع لإجبار أبناء الفاشر على الهروب من المدينة واستبدالهم بمرتزقة من دول الجوار.

2- تصفية جميع المدافعين عن المدينة سواء كانوا ينتمون إلى الى الجيش السوداني أو القوات المشتركة أو المقاومة الشعبية من داخل المدينة وعدم السماح لهم بالقتال أو الهروب أو الاستسلام.

3- الإستيلاء على جميع قوافل الإغاثة التي تتحرك إلى المدينة، وذكرت تقارير ميدانية أن ممثلي بعض هذه المنظمات يسلمون قوافلهم طواعية أو بمقابل رشوة من قوات الدعم السريع.

4- تحرص قوات التمرد على أن تكون عمليات القصف بالمسيرات والمدافع بشكل يومي وعلى مدار الساعة، حتى لا تكون هناك فرصة للمقاومة أو الخروج الآمن من المدينة.

5- وفقا للتقنيات الحديثة التي وفرها داعموا التمرد، فإن هناك خطة محكمة لقتل القيادات العسكرية والأهلية والسياسية والدينية داخل المدينة، وكانت عمليه تدمير المسجد الأسبوع الماضي أحد نماذج هذه العمليات حيث قتل 75 من هؤلاء القادة وهم سجود في صلاة الفجر، ومن بينهم رئيس الإدارة الأهلية لمعسكر أبو شوك العمدة آدم ود الشيخ، والملك شريف آدم طاهر.

6- وتحت أنظار المجتمع الدولي أقام الدعم السريع أكثر من 15 معتقل ومركز احتجاز داخل وحول مدينة الفاشر يمارس فيها أبشع أنواع التعذيب والتي من بينها إلقاء المعتقل مقيدًا في حوض من المياه حتى يلفظ انفاسه الأخيرة، وتعليق المعتقلين على الأشجار والضرب المبرح بالسياط حتى مفارقة الحياة، والحرمان من الماء والغذاء حتى يموت المعتقلون جوعا، إضافة إلى وجود دلائل كثيرة على ممارسة تجارة الأعضاء حيث وجدت جثث شقت بطونها ونزعت أعضائها الداخلية في معتقلات كانت يسيطر عليها الدعم السريع.

ويبقى التساؤل، هل هناك فارق كبير بين غزة والفاشر أو بين قوات التمرد وقوات الاحتلال؟

اترك رد

error: Content is protected !!