✍️ د طارق عثمان الطاهر
كل أنظمة الحكم الديموقراطي في السودان بما فيها مراحل الإنتقال ، ظلت رهينة لنظام الحكم البرلماني حيث تعيد تكراره كلما فشلت وعادت مرة أخري، ولم يفتح الله عليها لدراسة هذه التجربة وتقييمها وتحديد سلبياتها وأثرها المباشر في فشل الأنظمة الديموقراطية التي تعاقبت منذ الإستقلال .
مشاكل الإعتماد علي هذه الصيغة تتلخص بإختصار في :
لا يوجد حزب سياسي يحرز أغلبية برلمانية تؤهله للحكم منفردا مما يضطره للدخول في تحالفات وإئتلافات هشة مليئة بالإختلافات وتباين الرؤي والإبتزاز ثم الإنهيار وعدم الإستقرار
ثم البحث عن إئتلاف جديد .
مجلس سيادة من خمسة أعضاء (وصل في آخر تجربة لأربعة عشر عضوا) ، يضطر أعضاؤه للإمساك ببعض الملفات ذات الطبيعة التنفيذية (بدلا من قعاد ساي) الشيئ الذي يدخله في نزاع مع السلطة التنفيذية التي تريد الإمساك بكل الملفات بما فيها أعمال السيادة والتي هي سلطة رأس الدولة .
رئيس الوزراء ( وهذه النقطة هي أهم أسباب فشل الأنظمة الديموقراطية وفتراتها الإنتقالية) يجد نفسه وبصفة مستديمة غارقا” في العمل السياسي معظم وقته ويومه بل وكل فترته ، بصورة تصرفه عن عمله الأساسي كرئيس للجهاز التنفيذي والمسؤول الأول عن الإقتصاد والتنمية والبنية التحتية ومعيشة الناس وخدماتهم وإحتياجاتهم .
لذلك تذهب الأنظمة الديموقراطية بدون أي إنجاز بل وتدخل البلد في تشظي وتجاذبات
ثم تتركها في حالة إنهيار تام وضنك وعدم بكاء عليها (وعدم قولة جر) .
يبقي السؤال الجوهري وهو : لماذا لا تجرب الأنظمة الديموقراطية في سوداننا الحزين صيغة الحكم الرئاسي ليتفرغ رئيس الوزراء وجهازه التنفيذي للخدمات والتنمية ومعيشة المواطن .
هذه الصيغة لكي تنجح يجب أن يكون الوزراء من الكفاءات المستقلة وليس السياسية ولا بأس أن يكون رئيس الوزراء سياسيا ، أما باقي السياسيين فمحلهم البرلمان ودور أحزابهم .
بالنسبة لإقتسام المناصب حسب الجهات والتي كانت السبب في صيغة مجلس السيادة فهذه محلولة تلقائيا إذ أن المناصب العليا في النظام الرئاسي هي ستة ومطابقة لأقاليم السودان (رئيس الجمهورية ونائبه ورئيس الوزراء ورئيس البرلمان ونائبيه) .
من المهم ومراعاة لوضع البلاد ولإحتواء الخلافات والسعي نحو السلطة ، إستحداث وإنشاء مجلس شوري (أو أي مسمي آخر مناسب) تكون كل عضويته بالتعيين ويشمل كل رؤساء الأحزاب السياسية(بما فيهم قادة الحركات بعد أن تتحول لأحزاب) وقادة المجتمع الأهلي والزعامات الدينية ومنظمات المجتمع والفئات من شباب ومرأة ومتقاعدين .
أكفوا البلد شرور النظام البرلماني حاليا ومستقبلا ليكون لهذا الشعب الصابر بصيص أمل في نهضة ومعيشة كريمة ..