
مما يؤخذ على يوميات (انجلش) أن لغتها لم تلتزم بالتهجئة الصحيحة في تناولها لكثير من أسماء المواقع والمعالم الجغرافية السودانية ، كأسماء بعض المدن والقرى والأنهار والجزر ، إلى جانب أسماء بعض القبائل وأسماء بعض شهور السنة الهجرية.
فبالنسبة لأسماء المواقع الجغرافية يخطئ (انجلش) في تهجئة أسماء سبعة مواقع هي:
• أم بكول، إذ يكتبها : (أم ِبٍقول Ambigool) وذلك بفتح الألف وكسر الباء واستبدال الكاف بقاف ومد الواو.
• ود مدني، ويكتبها : (واحة مدينت Wahat Madinat وهذه تهجئة شديدة الشذوذ. ويبدو لي أنه حاول أن يجمع بين كلمتي (واحة) و(مدينة) وهي أسماء تتردد في كتب الرحالة الأوروبيين الذين زاروا مصر والنوبة في فترات سابقة فاستعارها (انجلش) في يومياته، اجتهاداً منه غير موفق وحذلقة متكلفة.
• جزيرة مٍروٍي
(بكسر الميم وسكون الراء وكسر الواو) فهي لا تتفق مع تهجئة (مَرَوي) بفتح الميم والراء معاً كما هي تهجئة اسم المدينة المعروفة في شمال السودان.
• منحدر تنجور (أو طنجور) المائي، وهو أحد منحدرات الشلال الثاني، إذ يكتبه هكذا (Tangaroo) حيث قدم حرف (R) علي حرف (O) ممدودا مع اضافة حرف (A) دون سبب هجائي.
• جزيرة صاي، ويكتبها (Syee) حيث أحدث مداً على حرف (Y) بإضافة تضعيف لحرف (E).
• نهر الرهد ، ويكتبه (Rat) فينطق : (رات) بحذف حرف الهاء (H) واستبدل حرف الدال (D) بحرف التاء (T).
• نهر الدندر ويكتبه (داندر)(dander) باستبدال الدال المكسورة في موضعين من الكلمة بدال مفتوحة في كليهما.
وبالنسبة لأسماء القبائل يخطئ (انجلش) في تهجئة اسماء ثلاثة قبائل من القبائل المشهورة في شمال السودان وهي:
• المحس ويكتبها (Machass) بإضافة حرف لا مسوّغ لإضافته وهو حرف (C) ولو تغاضى عنه لكانت تهجئة الاسم اقرب إلى الصحة خاصة لان حرف (الحاء) في الانجليزية هو حرف (H).
• الشايقية، ويكتبها (Shageia) ولو ادخل حرف (Y) بدلا عن حرف (A) بعد الحرفين (S) و(H) الذين يدمجان في الانجليزية ليكونا حرفا واحدا يقابل حرف الشين في العربية، لكان اقرب إلى التهجئة الصحيحة : (ٍShygeia).
• الرباطاب، ويكتبها (Rabutat) وهي ابعد ما تكون عن النطق العربي الصحيح، فلو وضع حرفي (A و (U) كل في مكانه الصحيح من الكلمة ثم استبدل الحرف (T) الوارد في آخرها بحرف (B) لتفادى هذه العجمة المنكرة.
وبالنسبة لأسماء الشهور الهجرية اورد (انجلش) خمسة اسماء بتهجئة غريبة وهي:
• جمادي الأول ، يكتبها Jamisalawal بدمج الكلمتين في كلمة واحدة مع انتفاء أي وجود لصوت الحرف (U) في الشق الأول من الكلمة بدلاً عن الحرف (A) وهو الصحيح. اما حرفي (I) و(s) فليس لإقحامهما علي الكلمة سبب منطقي.
• جمادي الآخر ، ويكتبها Jamisalachar مدمجة ، حيث يرتكب نفس الخطأ في الشق الأول من الكلمة اضافة إلى الخلط الذي شاب كلمة (الآخر)، فهو يأتي بها بنطق خاطئ . إذ ان النطق الصحيح لها هو ان تكسر (الخاء) لا أن تٌفتح وهو هنا معذور لأن هذا المأخذ يقع فيه حتى الناطقون بالعربية كخطأ شائع.
• رمضان ويكتبها Ramazan ، فيستبدل حرف (الضاد) بحرف (Z) وهو ايضا معذور بسبب سنورده في خاتمة المقال.
• صفر، ويكتبها Safa بحذف ما يعادل حرف الراء في الانجليزية وهو الحرف (R) وكأنه يحاكي طريقة النطق في اللغة الفرنسية.
إن التفسير المعقول لوقوع (انجليش) في الأخطاء الهجائية للأسماء الجغرافية السودانية والأخطاء في بعض اسماء القبائل والأخطاء في بعض اسماء شهور السنة الهجرية هو ما يلي:
● عدم المعرفة الكافية بالبيئة الثقافية السودانية وهي معرفة لا مناص منها عند الكتابة او الترجمة فيما يخص السودان من موضوعات . وهي ظاهرة تؤثر على صحة النص ولربما تفسده تماماً.
وتحضرني هنا الأخطاء الجسيمة التي لحقت بترجمة كتاب رودلف سلاطين (السيف والنار في السودان) والذي ترجمته جريدة البلاغ المصرية عام 1936م بغير التفات كاف لصحة اسماء الأماكن والناس في السودان وما يتصل بها من العادات والمتاع وسبل كسب العيش ولغة الخطاب. ولك ان تضيف إلى هذا المثال ما انتهى اليك من أمثلة أخري في هذا الموضوع.
● تجاهل تحري الدقة تكاسلاً او استعجالاً بسب أن الوثوق من صحة ما يكتب يحتاج إلى الصبر والتقصي والتأكد والتسجيل، وهذا ما لم يتوفر لـ(إنجلش) حسبما اعترف به هو شخصيا في متون يومياته.
● مشكلة افتقار اللغات الافرنجية إلى عدد من الحروف (الأصوات) بعكس اللغة العربية. فالعربية هي اللغة الوحيدة التي تحتوي على حرف (الضاد) وهو من اصعب الحروف نطقاً عند غير العرب. وقد عجز الناطقون بغيرها عن ايجاد بديل لهذا الحرف في لغاتهم. ومن هنا نفهم لماذا سمى (انجلش) رمضان بـRamazan.
اضافة إلى ذلك أن هناك حروف عربية أخرى أقل صعوبة في النطق عند الافرنج، ولكنها صعبة عليهم في خاتمة المطاف وهي:
الخاء والحاء والعين والغين.
فهل أراد (انجلش) – بعدم تحري دقة التهجئة فيما يتعلق بالأسماء العربية- الثأر لقومة من مقولة العرب الشهيرة : (أعجمي فالعب به) فلعب بلغتنا كما دعونا للعب بلغته ، او كما قيل ؟
(نواصل)