عبدالملك النعيم
لافتة كبيرة علي يمين الشارع القومي مدني الخرطوم علي يمين البص عند مدخل مدينة ود مدني غرب المستشفي التأهيلي كتب عليها ( إبتسم وأنت في مدني) تعبيراً عن الترحاب بالضيوف وبكل زائر لولاية الجزيرة الخضراء المعطاءة وحاضرتها ود مدني..
لم تأت عبارة الترحيب من فراغ فولاية الجزيرة وفي الماضي كانت الإقليم الأوسط يحتضنها النيلين الأزرق والأبيض كان يشمل بالتقسيم الولائي الحالي كل من الجزيرة، النيل الأبيض، النيل الأزرق وولاية سنار…. وجميعتها حاضرتها ود مدني السني..تلك الولاية التي إحتضنت أكبر مشروع زراعي بالري الإنسيابي في القارة الإفريقية وهو مشروع الجزيرة وإمتداد المناقل العملاق منذ العام 1925م.. وقد تداعي أهل السودان من كل أنحائه لولاية الجزيرة وللمشروع وأصبحت الجزيرة تشكل لوحة سكانية رائعة التمثيل لكل أجناس وقبائل السودان تزاوجوا وإختلطوا وتعاشروا في إلفة ومحبة. ولاية لا تعرف القبلية ولا العنصرية ولا الجهوية، ولاية سكانها كل أهل السودان وتمثل حقيقة لا مجازاً سودان مصغر…بجانب سكانها المقيمين يتوافد إليها العمال الموسميين لزراعة وحصاد محصول القطن ذلك المحصول الذي كان الأول الذي يغذي الخزينة العامة ويعود خيره لكل أهل السودان ونصيب الجزيرة منه يكاد لايذكر ورغم ذلك لم يتمرد اهل الجزيرة ولم يحتجوا لأنهم أهل خير ولا بد أن ينعم بخيرات ولايتهم كل أهل السودان فالكريم بطبعه لا يضن بما عنده علي غيره فأهلها يؤثرون غيرهم علي أنفسهم رغم ما بهم من خصاصة….
بطول العشرة اصبح كل الذين جاءوا لمشروع الجزيرة للعمل مواطنين درجة أولي فيها وتلك ميزة لم تتمتع بها كثير من مناطق السودان…فلو سارت بقية ولايات السودان علي نهج الجزيرة في التعايش السلمي وقبول الآخر ونبذ القبلية والعنصرية لما كان السودان غارقا في دماء أبنائه كما هو حاله اليوم…
الموقع الجغرافي لولاية الجزيرة في خاصرة الوطن شكل وحده اهمية اقتصادية، إجتماعية وسياسية.. يربط شرقا السودان بالميناء مرورا بمناطق الزراعة المطرية التي توفر مع مشروع الجزيرة المخزون الاسترتيجي من الحبوب لسنوات وليس لعام واحد…وشمالا تربط الولايات الجنوبية بالخرطوم وجنوبا الي سنار والدمازين وحتي حدود السودان مع الدولة الوليدة..أما غربأ فطريق مدني المناقل حتي حدود الولاية مع كردفان مرورا بولاية النيل الأبيض….ذلك الموقع أكسبها اهمية استراتيجية بعد أن إعتدت عليها المليشيا المتمردة وقطعت كل التواصل بين وسط البلاد واطرافها والجميع شهد الضائقة المعيشيية وارتفاع الأسعار وانعدام الدواء والغذاء وحتي الحركة من منطقة لأخري بفعل هؤلاء المعتدين الآثمين واصبحت الكارو هي أفضل وسيلة مواصلات والعالم يدخل ألفيته الثالثة بعدة أعوام أنها الحرب التي استهدفت المليشيا فيها المواطن السوداني في كل مدينة أو قرية دنستها أرجل متمرديه ودفع مواطن الجزيرة ثمنا غاليأ…واستبيحت كل قراها وشرد اهلها ونهبت ممتلكاتهم وأصبح أهلها يبحثون عن مأوي بعد أن كانوا الملجأ والملاذ والمأوي لكل أهل السودان دون منٍ أو أذي..
الآن وفي ليلة من أجمل الليالي حررت القوات المسلحة والمستنفرين والأجهزة الأمنية الأخري مدينة ود مدني ثلاثة عشر شهرا من الإحتلال والتعدي بمليشيا الدعم السريع ومن تعاون معهم من الذين باعوا الوطن بدريهيمات…وقد فرح كل أهل السودان بتحرير مدني وتنظيف قري الجزيرة الذي تقوم به الآن القوات المسلحة والقوات المساندة لها من بقايا المليشيا واذنابهم من الخونة وبائعي الضمير والوطن…
تحتاج المدينة بعد أن حررت لعمل كبيرة بنظافتها من الجثث والاوساخ وبتنظيفها من الألغام التي قد يكون زرعها المعتدين إنتقاما بسبب الهزيمة ثم البدء في إعادة الخدمات بالجهد الشعبي والرسمي حتي يطمئن اهلها القادمين إليها من المنافي وحتي يدخلوها وهم مبتسمين ويظلوا كذلك تطبيقا للشعار المرفوع…ويكون تحريرها…مدني يا احلي خبر