ايمن مزمل
من المواقف الأسبوعية التي أتعرض لها عند قسم الخضروات في (الهايبرماركت) ، والتي تأخذ جهداً ذهنياً يمكن أن يُصرف فيما هو افيد محاولة التمييز ما بين الكزبرة الخضراء والبقدونس!!، فكلاهما يتشابهان في الشكل، وحتى الطعم (على ما أظن) لا يختلفان كثيرًا. أقف حائرًا كالمعتاد، وصوت زوجتي التخيلي الدرامي في الخلفية يصل إليَّ (تذكر أريد بقدونس.. بقدووووونس وليس كزبرة!!)، بالطبع، أصحاب المحل لا يضعون لوحة فيها تفصيل واضح لتلك (الأعشاب الخضراء!!)… لماذا؟ حتى نقع في المحظور ونأخذ من النبات ما هو خاطئ كالمعتاد..!!!، ظننت أن ذلك واضحًا..!!!، في إحدى اجتهاداتي، شاهدت مقطع فيديو على قناة اليوتيوب يتحدث في خمس دقائق كاملة عن طريقة للتمييز ما بين البقدونس والكزبرة الخضراء!!!.. ولكن لم أنجح في الأمر، ثم إني استعنت في مرات أخرى برفيق دربي الذكاء الاصطناعي المتمثل في Chat GPT ولم يكن دقيقاً كما يبدو، فبعد أن وجهت سؤالي للأخ برنامج الذكاء الاصطناعي، توقف مؤشر الكتابة للحظات، ليستوعب غباء السؤال(أتخيله قد هرش مؤخرة رأسه في حيرة!! )، قبل أن يُجيب (الكزبرة لديها أوراق مشرشبة ومنقسمة،بينما البقدونس لديه أوراق مشرشبة ومفصلة!!)، هذا جميل ورائع، أعتقد أنه يستحق لقبه (الذكاء الاصطناعي) عن جدارة، إلا أن ذكائي البشري المحدود يعجز عن معرفة كلمة (مشرشبة!!) هذه!!، هل وردت على لسان العرب؟ هل سوف يتم إضافتها لِمادة اللغة العربية؟ على طريقة أعرِبْ (البقدونس ذو أوراق مشرشبة!! )،
أتسائل على الدوام: ما فائدة الكزبرة الخضراء؟؟، وما دورها في الحياة؟؟ إن كان الجميع يتحاشاها ويحاول صيد البقدونس من بين جنباتها، أعتقد أنها لم تُوضع هاهنا إلا لجعل الحياة أكثر صعوبة!! تذكرت أيام سابقة حينما نقف أمام بائع الخضروات، ونتلو على مسامعه ما نريد، دون كثير من العناء في الاختيار، حتى إذا ما عُدْت إلى المنزل بحملي الثقيل ذلك، وكان هناك خطأ ما، فنتجه باللوم إلى بائع الخضار الرقيع!!، فكما ترى، يوجد من يتحمل المسؤولية بدلاً عنك، الحياة عادةً ما تضعنا ضمن خيارات عديدة نندم على السير قُدمًا في طريق إحداها، بالرغم من أن الاختيار في ظاهره الحرية و باطنه من قِبله العذاب!! ، إلا أننا (نحب) في دواخلنا من يأخذنا من (قفانا) إلى اختياره هو…!!! ليتحمل النتائج الخاطئه، فمن الذي أجبرك على دراسة تخصص معين؟ الوالد..؟؟ إذاً هو يتحمل ذلك..!!!، لابد أنك تعتقد جازمًا أن مستقبلك سوف يكون (غير!!) لو لم تُجْبر على السير في ذلك الطريق، وأنك ستعيش مثل (إيلون ماسك) لولا الدكتاتورية الأبوية!!!، أنت تُحِس براحة (بطريقة أو بأخرى) كلما عُدت بذكراك إلى الماضي، والذي (بحسب اعتقادك) يؤثر على حاضرك الآن، فمن الذي أجبرك على الزواج من (نفيسة) إبنة عمك التي (تعوي) طوال الوقت، بدلاً من (نانسي) الفتاة الرقيقة الحالمة؟! إنه اختيارك أنت!!! إذاً، فلتشرب من كأس (الندم) وحدك، أعتقد أن الإحساس بالإكراه (وشتم الغير) أقل وقعاً من الإحساس بالندم بعد اتخاذ قرار خاطيء، فأنا الآن أبحث عن من (يرفع) عني مسؤلية أختيار البقدونس بدلاً عن الكزبرة الخضراء، أعتقد أنه حلٌ معقول!!