
في نسيج هذا العالم المتشابك تبرز ثقافات الامم والشعوب كنجوم مضيئة _ كل واحدة منها تحمل قصة وتاريخ ولون خاص .
واجد هنا من المهم القول بان التنوع الثقافي ليس مجرد حقيقة اجتماعية _ بل هو ثروة حقيقية وكنز متجدد تختزنه الأمم والمجتمعات ، وهو الدليل الحي على غنى الحضارة الإنسانية التي لم تتشكل من قالب واحد _ بل من فسيفساء بديعة الألوان ، اراد الله الخالق البديع ان تكون آية من آياتة الدالة على عظمتة وبديع خلقة ، هذة اللوحة التي اكملت ملامحها يد الزمن وشيدتها جهود الشعوب .
فالمجتمعات الغنية في ثقافتها هي ليست تلك التي تتشابه في كل شيء ، بل هي تلك التي تحتضن الاختلاف وتجعله مصدر قوة ، فكل لغة جديدة وكل لحن غريب وكل عادة تبدو مختلفة هي في جوهرها دعوة مفتوحة للتعارف .
وكما أشار النص القرآني الكريم في قوله تعالى “وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا” ، فهذا الاختلاف ليس مدعاة للتنافر _ بل هو جسر للوصول إلى الآخر وفهم عالمه وإدراك أن إنسانيتنا المشتركة تفوق أي حدود جغرافية أو عرقية .
واقول بان الشغف باكتشاف ثقافات الغير هو بوابتنا للتحرر من قيود العصبية والتحيز _ وعندما نفتح قلوبنا وعقولنا على عوالم أخرى نكتشف أن ما كنا نعتبره غريب أو غير مألوف ، هو مجرد وجه آخر للحقيقة _ وهذا الانفتاح ليس مجرد فضول عابر ، بل هو عملية تعلم وتواضع .
فاحترام الثقافة الأخرى يعني الاعتراف بأنها تحمل قيم ومعارف تستحق أن تُقدر وتُدرس _ واقول كذلك ان هذا يعد استثمار في رأس المال البشري العالمي ، حيث يصبح كل فرد منارة تضيء الطريق للآخرين.
في هذا العالم المتسارع ، يمثل التنوع الثقافي درع و واقي ضد الرتابة والجمود _ ففي بيئة العمل يجلب مزيج الخلفيات الثقافية حلول مبتكرة لمشكلات قد تبدو مستعصية _
وفي الفنون يثري التمازج الإبداعي الأعمال بلمسات فريدة لم تكن لتظهر في العزلة .
وفي المجتمعات _ يمنح هذا التعدد نسيج اجتماعي أكثر متانة واكثر مرونة في مواجهة التحديات وتصبح بذلك البيئه حيويه _ حيث يصبح الاختلاف ليس عائقاً ، بل محركاً للتطور والتقدم .
ولكي تزدهر هذه الثروة ، يجب أن تُبذل الجهود للحفاظ عليها ورعايتها .
فالأمر لا يقتصر على مجرد التسامح ، بل يتجاوزه إلى الاحتفاء بالاختلاف .
لذلك الدول الراقية والرائدة هي التي ضمنت وحمت حقوق الأقليات الثقافية .
وهنا وجب على المؤسسات التعليمية أن تتبنى المناهج التي تعزز الوعي الثقافي والتفاهم المتبادل .
وعلى الأفراد أن يبادروا بمد جسور التواصل مع جيرانهم من ذوي الخلفيات الثقافية المختلفة .
واقول مجدداََ دعونا نجعل من التنوع الثقافي دعوة دائمة للحوار ونافذة نطل منها على عوالم جديدة _ ولنعمل جميعاً على أن تكون مجتمعاتنا حدائق غنية بأزهار من كل لون ، حيث يتناغم الجميع في سمفونية إنسانية ، يكون فيها الاحترام والتقدير هو اللحن الأساسي ، فالإيمان بأن الاختلاف هو قوة هذا أراه يمثل الخطوة الأولى نحو عالم أكثر عدلاً وتفاهماََ وجمالاً .
أبدعت… الله يزيدك نور وحكمه 🌹❤️