
اليوم… وبعد عامين من الدمار والدموع، وبعد أن كاد الأمل يُدفن تحت الركام، يُرفع في غزة علم الحياة من جديد..
عامان شهدا استشهاد عشرات الآلاف من الأبرياء، وإصابة مئات الآلاف ممن ذاقوا من العذاب ما لا يطيقه بشر. عامان كانت فيهما السماء تمطر ناراً، والأرض تئن من ثقل الفقد، واليوم… يسكن الصمت أخيراً، لا لأنه استسلام، بل لأنه بداية حياة جديدة يستحقها الفلسطينيون.
وقف إطلاق النار في غزة ليس مجرد اتفاق سياسي، بل هو ولادة إنسانية طال انتظارها.. ولادة أمٍ فقدت أبناءها وعادت لتضم حفيداً نجا بأعجوبة، وعودة طفلٍ سيكمل رسم علم فلسطين على جدار بيته الذي نجا نصفه فقط.
شكراً لمصر… التي لم تغب يوما عن قضيتها المركزية، وظلت جسراً بين الأشقاء، صامدة، صابرة، حاضنةً للوساطة والرجاء.
وشكراً لقطر… التي لم تبخل بدعم أو جهد أو صوت ينادي بالسلام العادل.
وشكراً لكل من سعى، بصمت أو علن، لحقن دماء إخوتنا في غزة، من العرب والمسلمين والأحرار في كل مكان.
اليوم ليس يوماً لتصفية الحسابات، ولا لتبادل الاتهامات.
اليوم يوم الفرح الحذر… الفرح المبلل بالدموع.. يوم نرفع فيه أيدينا إلى السماء قائلين: اللهم اجعلها آخر الحروب، واجعل السلام في غزة سلاماً دائماً لا هدنةً مؤقتة.
ستعود النساء إلى بيوتهن التي كانت أطلالاً، سيعود الشيوخ إلى المساجد التي صمدت رغم القصف، وسيعود الأطفال إلى مدارسهم حاملين حقائب جديدة وأحلاماً مؤجلة.
غزة اليوم لا تحتاج منا سوى الدعاء والعمل: دعاءً من القلب، وعملًا لإعمارها بكل ما أوتينا من طاقة ومحبة ووفاء.
حفظ الله فلسطين وأهلها، وحفظ الله كل بلادنا العربية من الفتن والحروب،
ولتبقَ راية العروبة مرفوعة، لا تُحركها رياح السياسة، بل ترفعها يد الإنسان العربي الذي لا ينسى أخاه مهما اشتدت العواصف.
فاليوم… تتنفس غزة الحياة من جديد.
kuwait-house@hotmail.com