
حسن فضل المولى
( عماد ) شابٌ طموح ،
و بورك في الشباب الطامحينا ..
كاتبٌ ،
نقي و أنيق و رقيق العبارة ..
مُحاورٌ ،
له حضور و تدَّاعي و توقُّد
ذهني ..
سهلٌ ،
يقود الحوار بطريقة سلسة ،
تجعل الضيف يُفضي له بكل
ما عنده ..
أنيسٌ ،
يبذل الود و يحتويك إذ يلقاك
بكل مظاهر البشر و الصفاء ..
وددت أن لو أتيحت لي الفرصة
لانتفع و أنفع بعطائه ..
لقد تفانى و برع في استنطاق
ثلة من مرموقي ( بلادي ) من
خلال ( إذاعة المساء ) ،
و ( قناة الخضراء ) ،
و ما أتيح له من منصات ،
قبل أن أراه يُطل من شاشة
( قناة الزرقاء ) في ( رمضان ) ..
و كنت قبل أشهر تواصلت مع
أخي ( عمار شيلا ) بخصوصه ،
على أمل الإستفادة من حُسن
صنيعه في ( قناة النيل الأزرق )
فوجدته أكثر مني حرصاً عليه ،
و لكن ( يَدُ الزرقاء ) كانت إليه
أسرع ..
و أبهجني أن أطالع له ( ترويجاً ) ،
في هذا ( العيد ) ، و هو يجلس إلى فارس القصيد ، وذؤابة شعراء
( السودان ) المعاصرين ،
( عبد القادر الكتيابي ) ،
و هو ما كنت أطمع فيه منه ..
و ( عماد ) منذ ريِّق الشباب بدأ
كبيراً ، فنال حظوةَ محاورة الأفذاذ الكبار ..
المذيع العلَم ( حسن عبدالوهاب ) ..
دكتور ( صلاح دعاك ) ..
دكتورة ( ناهد قرناص ) ..
السفير الشاعر ( خالد فتح الرحمن ) ..
الشاعر ( إسحق الحلنقي ) ..
الأستاذ ( ضياءالدين بلال ) ..
البروف ( أمين بابكر عبدالنبي ) ..
و آخرون ..
و من خلال برنامجه ،
( رحيق العمر ) ، أبحر مع ..
الإذاعي الشهير ( إسماعيل طه ) ..
الأستاذ ( صادق عبدالله عبدالماجد ) ..
السفير ( عمر صالح ) ..
الدكتور ( فيصل محمد صالح ) ..
الأستاذ ( كمال حسن بخيت ) ..
و عند حلقة صديقي الراحل
( كمال حسن بخيت ) ، يطيب
لي الوقوف ، تذكُراً له ،
و تذكيراً به في لمحاتٍ عَجْلى ..
كان مدخل ( عماد ) إلى ( كمال ) علاقته ( بالورود ) التي قطع أنها
علاقة حميمة :
( الورود أتنفسها و لا أقطفها
لأنها الحياة ) ..
و يهديها و تُهدى إليه ..
و كأن ( عماد ) أراد أن يوحي إلى
من يظنون أن ( كمال ) قد جُبل
على غِلظة و جفاف ، أن ( الرجلَ )
مُترعٌ ببواعث الجمال و تجلياته ،
و هو ماكان يلمسه فيه الذين
يقتربون منه و يعاشرونه ، إذ
يألفونه يفيض رقة و عذوبة ،
و كنت واحداً من أولئك الذين
خبروا فيه كلَفَه و احتفاءه
بالحُسن و المحاسن ..
و طيلة فترة عملي ( بتلفزيون
السودان ) و ( النيل الأزرق ) ،
و قبل أن يفارق الحياة ، كنت
آنس إلى تعليقاته اللطيفة ،
المادحة و القادحة ،
المُحبطة و المشجعة ..
و أجده يكثر من التغني بأمجاد
الجميلين و التودد إليهم ..
أذكر في ( العام ٩٧ ) ، تقريباً
أنتجنا سهرة الأولى من نوعها ،
( بالدلوكة ) ، شاركت فيها كأول
ظهور تلفزيوني الفنانة ( سميرة
دنيا ) إلى جانب ( زهرمان ) و أُخر ،
و كانت حديث المشاهدين ،
و في اليوم التالي كتب ( كمال )
مقاله المعلوم ، و الذي أثنى فيه
على السهرة ، و رفع من شأن
( سميرة ) حيث جاء المقال تحت عنوانٍ عريضٍ مُبتَكَرٍ خلَّاب :
( دنيا إسمها سميرة ) ..
و لقاء ( رحيق العمر ) إمتد لحلقتين ،
مع وعد بحلقة ثالثة ..
و حفل بتفاصيل موحية و خصيبة ،
من مسيرة ( كمال ) ، الحياتية
و العملية ..
فهو خلق ليكون صحفياً ، على
حد قوله ..
ملءُ جوانحه ( المدينة المنورة ) ،
و ( أم درمان ) و ( بغداد ) ..
يحلم بالقومية العربية رغم تآمر
المتآمرين ..
يقرأ ( لمنصور خالد ) ،
و لديه معظم مؤلفات ( غادة
السمان ) و بتوقيعاتها ..
من الذين تأثر بهم في مسيرته
المهنية ، ( دكتور منصور خالد ) ،
و ( الفاتح التيجاني ) ،
و ( محمد سعيد محمد الحسن ) ..
تعلم من ( الإشلاق ) ، التواضع
و العدل و الاقتراب من الآخرين ..
الأنظمة الشمولية ، في نظره ،
ضد حرية الرأي و الصحافة الحرة ،
مهما لبست ثوب الديمقراطية ،
و الصحافة في تلك العهود
لم تشهد تطوراً ..
و أكثر نظام وظف التكنوقراط
هو نظام نميري ..
و يسبق إلى تأكيد خصوصية
العلاقة مع ( مصر ) :
( إن مثقفينا لم يقرأوا مصر جيداً ،
و لن يقرأوها ، ذلك ان فهم مصر
عصيٌّ على الكثيرين ..
و أن كثيراً من السودانيين يكنون
عداءً لمصر ، و أكثر منهم يحبون
مصر لدرجة العشق ،
و لا يمكن للبلدين أن يستغني
أحدهما عن الآخر ،
و قد جاء الوقت الذي يمكن أن
تعود فيه العلاقات إلى سابق
عهدها ) ..
و يبدو أن أخي ( عماد ) قد عمَد
إلى استدراجه إلى ملعبٍ يستهويه ،
و هو انغماسه في المجتمع ،
و صلاته الواسعه مع رموزه
و أنجمه ، الذين لا يفتأ يذكرهم
و يُجزل لهم الثناء ..
قال بأن ( الحلنقي ) شاعر لا يشق
له غبار و أشعر شعراء جيله ،
و يضيف :
( علي عبدالقيوم كان معجباً بشعر
فضل الله محمد ، و محجوب شريف ،
ويصف الحلنقي بأنه شاعر متميز
و بالفطرة و يحذرنا ،
“أرجو أن لا تفسدوا مفرداته بأن
تقدموا له شعر إليوت و غيره ،
خلو كده عايزنو كده نحن”) ..
و تحدث عن الهرم ( محمد وردي ) ،
لقربه منه ..
( تحتاج إلى مائة عام لتعرفه ،
و تحتاج لمائة عام أخرى لتنساه ..
مبدع إبداع استثنائي و حقيقي ..
و إنسان ..
من يعاشره في منزله لا يقبل فيه
أي كلمة ..
علاقتي به قديمة منذ أن كان يأتي
لنا بأشعار كبار الشعراء ، و نحن
مجموعة ، منهم ( عمر الدوش ) ،
و ( محجوب شريف ) ، و ( كمال
الجزولي ) ، و ( علي عبدالقيوم ) ..
كنا نقرأ القصيدة و نعطي رأينا
فيها ..
مثقف جداً و لا يعتد برأيه ،
و يستشير الآخرين ، و هذا قمة
تواضع المبدع ) ..
و يمضي ( كمال ) ، و هو يسكب
لنا من رحيقه ( شهادات ) في حق
نفر من أساطين الصحافة السودانية ..
( الفاتح التيجاني ) ..
الذي يميزه ثقافته و أخلاقه
العالية ،
و احترامه للناس و لنفسه ..
و ( إدريس حسن ) ،
ظاهرة صحفية إخبارية لا تتكرر ،
كانت له علاقة متميزة مع مصادر الأخبار ، و لم يأتي بعده من له
قدرة على إلتقاط الأخبار إلا
( أحمد البلال الطيب ) ..
و ( حسن ساتي ) ،
طموح ، و بلا أحقاد ، و شاعر ،
و الشاعر فيه مؤثر على أي شيء ،
و كان يعشق وردي و يطلق عليه ( الفرعون ) ..
و ( رحمي محمد سليمان ) ،
صاحب ثقافة واسعة ، و خيال
غير عادي ، و كاتب و قارىء ممتاز ،
لم أره يوماً غاضباً ، و كان بارعاً في إطلاق التسميات ، و هو من أطلق
على ( إبراهيم عوض ) لقب
( الذري ) ، و ( زيدان ) أطلق عليه ( العندليب الأسمر ) ..
و الذي استوقفني في هذا التداعي
( الكمالي ) ، ما ذكره من أنه أول
من قدم ( صلاح إدريس ) ككاتب
إلى الجمهور ، من خلال زاويته في ( الخرطوم ) ، و التي تطورت من
بعد ذلك إلى صفحة كاملة ..
و أن ( صلاحاً ) قد ( ساهم ) من
أجله في ( الصحافة ) ..
و ( الصحافة ) كانت بداية معرفتي
بكمال ، إذ أن أخي ( صلاح إدريس )
كان يصطحبني معه إلى الجريدة
لتسليم مقاله و أحياناً كتابته هناك ..
و كان يرأس مجلس إدارتها
الحكيم ( طه علي البشير ) ،
و مديرها العام أخي ( عبدالله
البشير محمد ) ..
و ( كمال ) هو رئيس التحرير ،
و لما رآني أتردد كثيراً مع ( صلاح ) ،
داعب مرة ( عبدالله ) قائلاً :
( إنت ده منو ده ، الجا ورا و مسك
الضرا ؟ ) ،
و بعدها تقاربنا كثيراً و نحن نتشارك
أوقاتاً أنيسةً في مجلس أخينا
( صلاح ) العامر بزاد القلوب
و الأرواح و الأفكار ، و أصبح لا
يمر وقت طويل إلا و نتهاتف أو
نلتقي أو يرسل إليّ من يرجو أن
تتاح له الفرصة ليقدم عطاءً ،
يراه مستحقاً لجمهور المشاهدين ..
رحم الله كمال و غفر له ..
و يا أيها ( العماد ) ..
أتمنى أن تجد من الإهتمام
و التيسير ما يكافىء قُدراتك
في افتراع الحوار و هندسته ..
أتمنى ذلك ..
و كل عام و أنت بخير ..
الأحد ٨ يونيو ٢٠٢٥ ..