عادل الباز
1
ليس للجنجويد قاع أخلاقي يمكن أن يتوقفوا عنده، ليس لهم دين يهديهم سواء السبيل، وليس لهم قيم تتأسس على قوانين انسانية وضعها العالم، بل هم لايملكون من أخلاق السودانيين البسيطة شيئاً يمكن أن يكبح جماح الفظائع التي يقترفونها في كل لحظة، يخوضون حرباً ضد الشعب بلا قيم ولا أعراف ولا دين ولا شيء، همج رمت بهم الصحاري جنة المأوى!!.
2
بدأت مليشيات الجنجويد حربها ضد الشعب السوداني بغرض اختطاف السلطة، باستخدم أعنف الوسائل، بدأت بقتل (33) ضابطا هم حرس الرئيس البرهان وحين فشلوا في خطف السلطة أوقدوا نار حرب شاملة. من يومها تأسس منهج الخطف، خطف كل شيء ليعوض فشلهم في خطف السلطة ولكنهم ظلوا ينحدرون في كل يوم لقاع سحيق من الممارسات القميئة لكي يحققوا غايتهم من مشروع الاختطاف الفاشل ذاك.
3
منذ الأيام الأولى شرعوا في خطف البيوت باحتلالها وطرد سكانها منها ثم استمروا في خطف أي شيء داخلها من الذهب والعربات وحلي النساء، ألعاب الأطفال، عدة المطابخ، وحتى الملابس الداخلية للنساء لم تسلم منهم، لم يتركوا شيئا لم ينهبوه فى منازل المواطنين بعد اختطافها.
مع تصاعد همجيتهم شرعوا في البداية باختطاف (الفلول) باعتبارهم خطراً عليهم (أنس عمر/ وآخرين) ثم مضوا لخطف المواطنين العاديين ليصبحوا أسرى ودروعا بشرية، ففاضت سجونهم بالمختطفين بالآلاف، قالت رويترز إنهم بلغوا (5) آلاف، فيما أشارت تقارير أخرى أنهم بلغوا (10) آلاف.
4
بعد أن انهوا مهمتهم القذرة في اغتصاب الحرائر، هداهم شيطانهم لجعلهن أسيرات طلباً للفدية، ثم مالبثوا أن صدروهن إلى البلاد البعيدة ليتم بيعهن كرقيق فى الأسواق على عينك ياتاجر، بل شوهد بعضهن خارج السودان معروضات فى أسواق النخاسة الجنجودية. بعض الأسيرات أخذوهن ليصبحن خادمات فى البيوت المحتلة يقدمن خدماتهن للجنجويد مكرهات.
5
على أن أسوأ ما اقترفه الجنجويد من كبائر من بعد، هو اختطاف ذمم رجال كنا نظن أنهم أحرار، وأنهم ثوار وأنهم غير قابلين للخطف والشراء والبيع في أسواق دقلو. خطفوا أحزاباً سياسيةً بكاملها بعد أن شققوها ووظفوها لصالح أجندتهم، فأضحت رهائن بين أيديهم بالترهيب تارة وبالترغيب بالمال الحرام الذي نهبوه تارة أخرى، إذن لا فرق بينهم وبين الأسيرات في أسواق الرقيق!!. تبني بعض قادة الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني المشتراة كل مقولاتهم وأصبحوا أبواقاً لكل مواقفهم وسياساتهم، ومن عجب أن الذين اغتصبوا أخواتهم وأمهاتهم ودمائهم لم تجف بعد، سارعوا بتوقيع الاتفاقيات معهم، آملين أن يصعدوا لسدة السلطة مجدداً على تاتشراتهم وهيهات.
6
حين جف نهر تدفق المرتزقة الاتين من الغرب شرع الجنجويد فى خطف الأطفال والالقاء بهم فى محرقة المعارك مكرهين ومرات مقيدين بسلاسل كما رأينا في معارك المدرعات. فاضت معسكرات التجنيد الآن في الجزيرة بالأطفال المختطفين المكرهين على الحرب وكل العالم يتفرج على خطف الأطفال وتجنيدهم لصالح الجنجويد ويلوذ بالصمت!!.
7
لم يكتفوا بخطف السياسيين الرخيصين داخلياً، إنما امتدت أيديهم لاختطاف منظمات إقليمية شروها بثمن بخس فلم تتجرأ على إدانة تمردهم، لا بل أصبحت بوقاً لهم ومعبراً لمخططاتهم، وتصاعدت حركة الشراء والخطف حتى طالت رؤساء دول في الإقليم الأفريقي المنكوب بقياداته. اتضح أن كل شيء فى سوق السياسة المحلية والدولية قابل للخطف والبيع والشراء.
8
للأسف لم يكتف الجنجويد باختطاف زملاء لنا في الصحافة وزجهم في السجون والمعتقلات بل وتصفيتهم، إنما اختطفوا مواقف بعضهم وشروا أقلامهم وقبل ذلك ضمائرهم. حين ترى تلك الأقلام التي كانت في زمان سابق تدافع عن حرية التعبير والحريات وترى كتاباتهم اليوم، تدي ربك العجب، نفس الحلاقيم التي كانت تصرخ بشعارات الحرية هى ذاتها اليوم اخُتطفت أصواتها (ظاهر من حشرجتها) فأضحت تدافع عن الخطف والاغتصاب والقتل والنهب، وتدافع عن كل ممارسات الجنجويد وتزعم أن الحريات والديمقراطية ستتحقق فى البلاد بأسلحتهم الصدئة، ترى بكم باعوا دماء رفاقهم الثوار وبكم باعوا ضمائرهم وبكم باعوا مواقفهم وأقلامهم….؟ وكيف ارتضوا لأنفسهم أن يكونوا عبيدا فى أسواق دقلو، أسواق نخاسة الجنجويد، وكانوا لوقت قريب أيقونات الصحافة.؟.
9
في النهاية خطف الجنجويد كل شيء، المال والرجال والنساء والأطفال والقادة والسياسيين الوضيعين والصحفيين الرخيصين، لكنهم لم ولن يتمكنوا من خطف أحلامنا في بناء وطن كريم، للسلم أجنحتوا وضد الحرب أسلحتوا وطن عاتي حر ديمقراطي… رحم الله محجوب شريف.