الرواية الأولى

نروي لتعرف

آفاق رقمية / د. محمد عبدالرحيم يسن

حكاياتي مع بيت البرامج (3)

أوائل المبرمجين… حين بدأت تتشكل ملامح المدرسة التقنية

د. محمد عبدالرحيم يسن


إذا كان تأسيس بيت البرامج هو حجر الأساس، فإن انضمام أوائل المبرمجين كان بمثابة الشرارة التي أضاءت المعمل الأول لصناعة البرمجيات الوطنية. ففي تلك السنوات الباكرة، حين لم تكن التكنولوجيا قد وجدت بعد طريقها الواضح إلى سوق العمل، كان أول من طرق باب البيت الأخ الكريم عبدالرحمن علي محمد خليل، الملقب بـ أغا، ليصبح أول مطور نظم في تاريخ المؤسسة. كان حضوره بداية لتدشين مرحلة جديدة، تلتها خطوات واثقة بانضمام مبارك منصور و عوض الكريم حامد، ثم عبدالله الفاضل الذي أصبح لاحقا من الأسماء اللامعة في الحقل الأكاديمي (د. عبدالله)، وكذلك المهندس محمود علي أحمد الذي أصبح اليوم بروف محمود علي أحمد وكيل الجامعة. ومع مرور الأيام، لم يتوقف البيت عن جذب الكفاءات، فقد التحق بنا من جيل المبرمجين المخضرمين مساعد و عبدالله ضوينا، جيل كوبول لتبدأ ملامح فريق متكامل تتسع آفاقه عاما بعد عام. ثم جاء الجيل التالي، جيل الموهبة والشغف، فكان من نصيب الشركة الظفر بالمبرمجين الشباب المتميزين: محمد الشمباتي ورامي، ورفيقات الدرب رشا عزالدين – دكتورة رشا اليوم – و آسيا عبدالله، وهالة عبدالغفار ومها ، والمرحومة رحاب، وندى صالح، ثم الوليد بشير (د. الوليد بشير حاليا)، و محمد صالح، و محمد إبراهيم حمودة الذي أصبح اليوم د. محمد، إلى جانب المرحوم عمر، و فتحي المليجي (د. فتحي حاليا)، و يسن إبراهيم، و بشرى عبدالسلام، والأمين المقبول والمرحوم مزمل الرضى ، و يسن عبدالرحيم، و يوسف محمد بشير، وآخرين من مطوري النظم ساهموا في رسم لوحة متكاملة من الإبداع.
إلى جانب نفر من الاداريين الافذاذ نذكر منهم عمر سوريبا وإبراهيم عبدالمنان و علي محمد الحسن والمرحوم علي الكرار ، والكريمتين منال و لمياء حسن طه ..
كانوا جميعا جزءا من حركة صامتة مؤثرة، حركة امتزج فيها الشغف بروح المغامرة، فكانوا يطورون البرامج كمن ينحت في الصخر، موقنين أن المستقبل سيكون رقميا مهما بدا الطريق طويلا.
وفي ذلك الزمن، لم تكن قاعدة البيانات الشهيرة أوراكل Oracle قد وجدت انتشارها الواسع في السودان ،كانت أداة محدودة الاستخدام في البلاد، ربما غريبة على أغلب المؤسسات. ومع ذلك، كان من أوائل القرارات الجريئة في البيت أن نتجه إليها بالكامل، وأن نعمل على الإصدارة الداعمة للرسوميات، Oracle 7، لنشرع في تطوير نظام مصرفي متكامل يلبي احتياجات المصارف بكل تفاصيلها.
هناك، في تلك اللحظة، بدأت حكاية التطوير الحقيقي. بدأ الفريق في بناء برامج نوعية بأسلوب غير مسبوق في السوق المحلي. كانت مدرسة كاملة تتشكل، مدرسة في التفكير، في التصميم، في صياغة الكود، وفي احترام المعايير، مدرسة خرج من رحمها جيل كامل من المبرمجين الذين أصبحوا لاحقا من دعائم صناعة البرمجيات في السودان وخارجه.
وهكذا… لم يكن بيت البرامج مجرد شركة، بل كان مساحة للبحث والاجتهاد، وورشة تلتقي فيها الأحلام بالعزم، وموضعا تخرجت منه قصص ستستمر في هذه السلسلة، حكاية بعد أخرى.
في العمود القادم نتناول حكاية تطوير أول نظام وطني مضاد للفيروسات.
١٩ نوفمبر ٢٠٢٥م

اترك رد

error: Content is protected !!