بخاري بشير
كنت ولا زلت اعتقد ان حرب الدعم السريع هي حرب ضد الشعب السوداني، وضد الدولة السودانية، وهي حرب (استيطان) وليست حرب فقط ضد الجيش السوداني.. ولم تستثنى هذه الحرب أي منطقة من مناطق السودان، ولا زالت الحرب تستعر في ولايات دارفور، مثلها مثل الخرطوم، وربما أن الحرب في دارفور هذه الأيام في أوجها، بعد أن حشدت المليشيا عدتها، ومستجلبوها من بعض الدول الجارة، والقت بهم في نيالا وزالنجي والجنينة والفاشر.
الحياد الذي أعلنته حركات دارفور وعلي رأسها حركة تحرير السودان_ قيادة مناوي، وحركة العدل والمساواة_ قيادة جبريل.. هذا الحياد لم يستطع أحد أن يفهمه، خاصة وأن هناك حركات وقعت علي اتفاق جوبا ، هي تقاتل الآن الي جانب الجيش، وهناك حركات أخري أعلنت موقفها الداعم لمليشيا التمرد.. وهذه وتلك كان موقفها واضحا، وأبت المواقف الرمادية والأصوات الهجين .. أننا لم نسمع بالحياد تجاه من يستبيح ارضك وممتلكاتك، وحياتك، ويجعل نساءك عرضة للسبي والاغتصاب.
ربما كان موقف مناوي وجبريل متسقا عندما لم تبرح الحرب ولاية الخرطوم، أما وأنها اليوم وقد تمددت في كل ولايات دارفور، فلا معني للحياد.
ماذا يقول مناوي، وهو حاكم الإقليم لأهله في دارفور الذين قتلوا بدم بارد واستبيحت ديارهم وأحرقت قراهم، وهجروا قسريا بقوة السلاح في أكبر حملة تهجير تقوم علي الهوية؟ ماذا يقول لهم، وقد وقف في الحياد، وظل بلا استحياء يستجدي المليشيا بأن لا تهاجم أو تجتاح منطقة من المناطق، ويناديها بكلمة (إخوة)؟.. وهل الإخوة يعتدون علي النفس والمال والعرض؟.. أن من يفعل ذلك هو (العدو) الواجب قتاله حتي يفيئ الي السلم.
لا نعرف سببا مبررا للحياد، وانت شريك أصيل في (السلطة والثروة)_ هذه الدولة التي أعلنت عليها المليشيا الحرب، هي دولة انت شريك في سلطاتها وتنعم بثرواتها فكيف تقف في الحياد؟. اللهم إلا اذا كانت هناك مواقف من هذه الحركات المحايدة تجاه الجيش السوداني، ومرارات سابقة، وهي لن تصمد أمام استعار شرارة الحرب.
عدد من منسوبي الحركات المسلحة، وبعضا من جند القوات المشتركة قاتلوا مع الجيش، عندما وجدوا أن بندقية الدعم السريع ومرتزقته توجه إلي اهلهم في دارفور.. قالوا كفي (حياد)، لان الحياد لن يحمي اهلهم من القتل والسلب والنهب والتهجير.. وقفوا الي جانب أهلهم، وحافظوا علي كرامتهم.
لاحظ الناس كلهم موكب مناوي وهو ينسحب من دارفور الي بورتسودان في اسطول من عربات الدعم الرباعي بكامل تجهيزاتها الحربية، ولو انه دافع بها عن مواطني دارفور في الجنينة أو زالنجي أو نيالا لحفظ له أهلها هذا الصنيع، ولسان اهل دافور في المناطق المنكوبة يقول: (لو ان قوة التمرد تحركت صوب محليات الطينة وأمبرو لتحركت قوات مناوي صوبها دفاعا َ عنها).
مناوي ظل في تسفاره الطويل خارج السودان متجولا بين أوربا و ادغال أفريقيا في حين أن أهل دارفور كانوا يعانون أشد المعاناه من تجاوزات المليشيا قتلاََ ونهباََ وتهجيرا قسريا واغتصاباََ، وهم يقابلون كل هذه الفظاعات بصدور عارية، وكأن هذه التجاوزات لا تعني شيئاََ بالنسبة لمناوي، وهو رئيس لسلطة إقليم دارفور.
مؤخرا َ قابل مناوي حمدوك في كينيا وذهب اليه، وهو في ذلك يسابق اي تحولات أو سيناريوهات محتملة، وليس في ذهنه شيئا غير الاحتفاظ بكيكة السلطة طرية ندية في نسختها الجديده.