اشترطت وزارة المالية ولايتها على موارد الجامعات لتتمكن من الوفاء بالهيكل الراتبي لأساتذة الجامعات حسبما أجازه مجلس الوزراء في وقت سابق. تتمسك الجامعات بحقها في استغلال مواردها دون هيمنة من جهة أخرى، بينما ترى وزارة المالية ان هذه الموارد مال عام من حقها وضع اليد عليه في ظل المطالبة بالفصل الأول كاملاً من قبل الجامعات.
من الواضح الافتقار للتنسيق ما بين وزارة المالية ووزارة التعليم العالي ومديري الجامعات. لقد اتضح بالممارسة أن الشعارات لا تكفي في أمر حساس مثل تمويل التعليم العالي واستثمارات الجامعات. لقد كان من ضمن الشعارات المرفوعة مجانية التعليم العام والعالي، واستعادة ممتلكات الجامعات وعدم التغول عليها، وتبع ذلك تحجيم عمل صندوق دعم الطلاب. ثم شرعت بعض الجامعات في تصفية إدارات الاستثمار بهذه الجامعات على اعتبار أن كوادرها (كيزانية). وعلى هذا حدث الخلل ما بين الموارد والالتزامات. عجزت الجامعات عن تحسين دخول اساتذتها والعاملين، كما عجزت عن إسكان واعاشة الطلاب، ناهيك عن تمويل البحث العلمي.
الجامعات لديها موارد ضخمة بل أن الجامعات السودانية لديها فرصة كبيرة جدا لجذب آلاف الطلاب الأجانب خاصة من أفريقيا والذين يسددون مصروفاتهم بالعملات الأجنبية القابلة للتحويل.
بعض الجامعات مثل الجامعة الإسلامية وجامعة الجزيرة وجامعة افريقيا العالمية كان لها مشروعات منتجة تدر دخلاً محترماً. الأستاذ بجامعة افريقيا العالمية أسامة ميرغني كتب (لقد سبق وأطلقنا مشروع الجامعة المنتجة في جامعة افريقيا العالمية، وتمكنت الجامعة عبر هذا المشروع من إطلاق عدد من المشروعات التعليمية المنتجة، والتي حققت للجامعة استقراراً مالياً معقولاً ، ومن ضمن تلك المشروعات مشروع المزارع والتي أنتجت عدداً من المنتجات الغذائية ساهمت في توفير غذائيات الطلاب بالداخليات بشكل جيد، وتم بيع بقية المنتجات في السوق المحلي بأسعار منافسة، والأمر المهم أن الطلاب والأساتذة كانوا يمثلون الكادر البشري للعملية الإنتاجية بشكل أساسي .
أما على صعيد قبول الطلاب الوافدين فلكم أن تعلموا أن هناك رغبة وإقبالاً كبيراً للدراسة في السودان، وهؤلاء الوافدين يدفعون بالدولار، هذا فضلا عن أن أسرهم ترسل لهم مصروفاتهم عبر البنوك أو الوسائط الأخرى بالدولار، لذلك نشأت لدينا في الجامعة فكرة إنشاء بنك صغير تكون مدخرات الطلاب وعائدات الاستثمار بداية لانطلاقه.
الجامعات يمكنها أن تحقق موارد ضخمة بالدولار والعملات الأجنبية الأخرى من بوابة البكالوريوس، الدراسات العليا، تقديم الدراسات والاستشارات، التعليم المنتج.
يمكننا في السودان استقبال طلاب من افريقيا كلها ونكون قد حققنا هدفين؛ الأول توفير موارد مالية للجامعات، والثاني التأسيس لدبلوماسية شعبية تخدم أهداف الدولة الاستراتيجية.
الجامعات يجب أن تغادر محطة الحصول على منح ودعم من الدولة ويجب عليها أن تنتقل للتعليم المنتج ولعل هناك تجارب عالمية مشهودة في هذا المجال (.
إنني أشهد بصحة ما قال الأستاذ أسامة ميرغني، ذلك لأن إنتاج الجامعة الضخم دفعنا في ولاية الخرطوم في وقت سابق لعقد شراكة معها لتغطية احتياجات الجمعيات التعاونية بالولاية من البيض والدواجن والزيوت.
من ناحية ثانية لا يخفى عدد الطلاب الهائل الذين يدفعون رسوما بالدولار، ليس من افريقيا فحسب بل من ماليزيا واندونيسيا وتركيا وغيرها.
علينا في السودان تنشيط السياحة التعليمية والعلاجية مستفيدين من موقعنا في وسط القارة الافريقية، وتقدير واحترام الشعوب الافريقية لنا. والله الموفق.