أدلى مدير سد النهضة الإثيوبي بتصريحات للعربية نت أشار فيها الى أن عمليات الملء الثالث للسد ستكون في أغسطس وسبتمبر القادمين، واصفاً إياها بأنها تلقائية. وقال انه رغم احتمال تأثير عمليات الملء على دولتي السودان ومصر إلا أنها لن تتوقف. وأضاف أن الطاقة التي تم تدشينها من السد دخلت ضمن شبكة الكهرباء في إثيوبيا، مشددا على أن عملية بناء سد النهضة لن تتوقف لأي سبب كان.
تعليق: –
تبدو تصريحات مدير السد استفزازية وخالية من الدبلوماسية كما وصفتها وزارة الخارجية السودانية، ويعتقد أنها جس نبض لمعرفة ردود الأفعال المحتملة من قبل السودان ومصر، خصوصاً أن محاور دولية جديدة هي في طور التشكل حالياً في ظل الحرب الروسية الأوكرانية، حيث من المعلوم أن مصر قد تحفظت على إدانة روسيا في الأمم المتحدة، بينما لم يصدر أي موقف رسمي واضح من السودان فيما يتعلق بالنزاع ما بين روسيا وأوكرانيا، على الرغم من زيارة نائب رئيس مجلس السيادة لروسيا في بدايات أيام الحرب. وفي نفس الوقت يبدو أن هناك تعاوناً روسياً إثيوبياً في طريقه لأن يصبح تعاوناً استراتيجياً، فهل تأتي التصريحات الاثيوبية لضمان التأييد الروسي لها في حالة أي نزاع؟ أم إنها بإيحاء من روسيا لمعرفة من هو معها، ومن هو ضدها؟
من الناحية الفنية فإن موقف كل من السودان ومصر من سد النهضة في غاية الوضوح، فهما مع تطلعات الشعب الاثيوبي في بناء المنشأة المائية التي تعتبر ركيزة من ركائز التنمية الاقتصادية في اثيوبيا، لهذا وافقتا في العام 2015 على اعلان المبادئ بشأن السد. ولكنهما يصران على انفاذ الإعلان بكل بنوده، وأهمها توقيع إثيوبيا على اتفاق ملزم بشأن الملء والتشغيل.
ان الإجراءات الأحادية التي تقوم بها إثيوبيا فيما يلي الملء والتشغيل للسد سيترتب عليها أضرار يصعب تداركها على كل من السودان ومصر.
بالنسبة للسودان فمن المهم جداً للإدارة المائية فيه معرفة توقيت انسياب المياه، وكمياتها، التي تنطلق من سد النهضة في اتجاه الحدود مع السودان الى بحيرة سد الروصيرص التي تبعد 20 كيلومتراً فقط عن سد النهضة. إن البيانات المسبقة ضرورية جداً لتشغيل سد الروصيرص السوداني بالنسبة لإنتاج الكهرباء، أو للري، أو لسلامة السد السوداني نفسه.
تجاهل أثيوبيا للمطالب السودانية المصرية العادلة سوف يحدث بلا شك شرخاً في علاقات التعاون المطلوبة ما بين هذه الدول الثلاثة، التي تشكل ثقلاً سكانياً واقتصادياً مهماً في إفريقيا، علماً بأن الربط الكهربائي ما بين الدول الأفريقية، وتصدير الكهرباء الفائضة إلى أوروبا، للاستفادة من تمايز التوقيت والفصول، هو أحد مرتكزات رؤية أفريقيا 2063، والبرنامج العاجل الذي يفترض تنفيذه بنهاية عام 2030.
من الضروري أن يكف المسئولون الاثيوبيون عن التصريحات المستفزة، وأن يلتفتوا للتعاون الاستراتيجي ما بين دولتهم والسودان من خلال التوقيع على الاتفاق الملزم بشأن الملء والتشغيل. والله الموفق.