
عبد الكريم إبراهيم يكتب:
مبادرة طوعية إنسانية من منظومة الصناعات الدفاعية لأهالي حلفاية الملوك: عودة إلى الديار بقلوب مملوءة بالشوق والامتنان حيث انطلقت الاثنين 11/8/2025، من ميدان عابدين بالقاهرة، أولى رحلات المبادرة الطوعية الإنسانية الفريدة من نوعها، حيث تجمع (150) شخصًا من أبناء حلفاية الملوك، بصحبة أسرهم، ليعودوا إلى مدينتهم الحبيبة بعد فترة من الغياب. هذه المبادرة، التي تكفلت بها منظومة الصناعات الدفاعية بالتعاون مع سفارة السودان بالقاهرة والسلطات المصرية، تعكس روح التضامن والتعاون بين أبناء الشعب السوداني، وتجسد معاني الشكر والتقدير للشعب المصري الشقيق الذي استضافهم وأكرم وفادتهم.
الفوج، الذي انطلق من القاهرة واتجه جنوبًا عبر محافظات ومدن الصعيد المختلفة ( الجيزة، بني سويف، المنيا، أسيوط، سوهاج ، قنا، الأقصر، أسوان )، مدن الحضارة المصرية وعبق تاريخها التليد ، حاملًا معه رسائل حب وامتنان من أبناء حلفاية الملوك للشعب المصري الذي فتح ذراعيه لهم وأكرم ضيافتهم. وصولًا إلى معبر أرقين او غسطل الحدودي ومنه نحو السودان، لتعود إلى ديارها الحبيبة حلفاية الملوك.
قال تعالى: (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ ۚ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ مَن جَاءَ بِالْهُدَىٰ وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ) سورة القصص، الآية (85). الآية المباركة تعكس أهمية العودة إلى الديار واللقاء مع الأهل والأحباب، وهو ما يعيشه أبناء حلفاية الملوك اليوم.
ونحن في انتظار عودتهم، نقول لهم كما قال الشاعر:
إِذا رابَني الأَقوامُ بَعدَ وَدادَةٍ
لَبِستُ القِلى نَعلاً بِغَيرِ قِبالِ
وَأَغبَطُ رَحلَ الهَمِّ في ظَهرِ عَزمَةٍ
مُواشِكَةٍ مِن عَجرَفٍ وَنِقالِ
وَما كُنتُ إِن فارَقتُ حَيّاً ذَمَمتُهُ
بِطولِ نِزاعي أَو تَحِنُّ جِمالي
وأغبط الرجال الماجدين فدىً لهم
إذا غبت عنهم أن يمدوا بمالي
وفي هذه العودة المباركة، نجد أنفسنا أمام مشهد يشبه إلى حد كبير مشهد الهجرة النبوية الشريفة من مكة إلى المدينة، حيث اشتد الخناق على المسلمين في مكة واضطروا إلى الهجرة إلى المدينة المنورة بحثًا عن الأمان والمأوى. واستقبلهم أهل المدينة بكل حفاوة واقتسموا معهم كل شيء، مما يعكس روح التضامن والتعاون بين المسلمين.
وبالمثل، فإن مواطني السودان بصفة عامة ومواطني حلفاية الملوك بصفة خاصة، قد أُخرجوا من ديارهم بسبب الحرب البغيضة ، وتركوا خلفهم كل متاعهم وأموالهم ومساكنهم. ولكن ها هم يعودون إلى ديارهم مرة أخرى، فرحين كما فرح المسلمون بعودتهم إلى المدينة المنورة بعد الهجرة.
هناك العديد من القصص التراثية والأثرية التي يمكن استلهام العبر والمعاني منها في سياق الهجرة القصرية والعودة الطوعية لأهالي حلفاية الملوك، مثل قصة سيدنا موسى عليه السلام والهجرة إلى مدين، وقصة أصحاب الكهف، وقصة العودة إلى الأرض بعد الجفاف والتصحر، وقصة سيدنا يوسف عليه السلام والعودة إلى كنعان.
وكلها بلا شك توضح العبر والمعاني التي يمكن استلهامها من تجربة الهجرة القصرية والعودة الطوعية لأهالي حلفاية الملوك. هذه المبادرة ليست مجرد عودة إلى الديار، بل هي عودة بقلوب مملوءة بالشوق والحنين، تحمل في طياتها معاني الشكر والتقدير والعرفان لجمهورية مصر العربية الشقيقة التي وفرت لهم الأمان والمأوى خلال فترة وجودهم على أراضيها.
إنها بادرة تعكس عمق العلاقات الأخوية بين الشعبين الشقيقين السوداني والمصري، وتؤكد على الروابط التاريخية والثقافية التي تجمع بينهما.
ونحن إذ نرحب بعودة أبناء حلفاية الملوك، لا ننسى من فقدناهم وتوفوا بمصر، ونذكر منهم السفير بشرى الشيخ دفع الله ، عثمان طلحة ، ابراهيم عبد الباقي الخولي ، بابكر فيصل حاج الصافي ، عبد الله الطاهر العربي ، طيبة احمد الخليفة علي وغيرهم كثر من مواطني حلفاية الملوك والسودان عامة، ندعو لهم جميعا بالرحمة والمغفرة والعتق من النار والجنات العلا.
الشكر نسوقه مجددا لسعادة الفريق الركن ميرغني ادريس مدير منظومة الصناعات الدفاعية وبقية معاونية، وكذلك شكرنا يمتد للدكتور ابن منطقة حلفاية الملوك معاوية ابراهيم زروق وأركان سلمه في مبادرة (تأمين ولامين) للعودة الطوعية لأهالي حلفاية الملوك وبقية أذرع المبادرة الطوعية، وان شاء الله في ميزان حسناتهم.
وشكرا عميقا لابن اختى (فائزة احمد عبد الرحيم) احمد عمر حسن العوض الذي عشنا معه رحلة العودة الطوعية عبر الهاتف ووسائل التواصل الاجتماعي، وقد راسلنا عبر الكلمة والسمر والصور وصولا لأرض الآباء والأجداد أرض الملوك حلفاية الملوك.
ومن هنا نناشد سفير السودان بالقاهرة سعادة الفريق اول ركن عماد الدين عدوي وسعادة الفريق اول ركن ميرغني ادريس سليمان مدير منظومة الصناعات الدفاعية السودانية وبالتنسيق والتعاون مع الخطوط الجوية السودانية (سودانير) وشركتي بدر وتاركو المساهمة كذلك في توفير رحلات بطائرات خاصة لنقل ذوي الإحتياجات الخاصة والعجزة وكبار السن والمرضى وأسرهم أيضا مجانا وعبر المبادرة الطوعية من مطار القاهرة الدولي إلى كل من مطارات بورتسودان، دنقلا، كسلا وحتى الخرطوم إن اكتملت أعمال الصيانة الجارية الآن تماما كما فعلوا للمواطنين السودانيين العائديين بكل من سلطنة عمان، السعودية، ليبيا، الهند وغيرها من دول لجأ إليها المواطنون السودانيون بسبب الحرب اللعينة التي أفقدتهم كل شيء.
سطر الختام:
عدتم و العود أحمد.. حلفاية الملوك و أهلها أكثر شوقا لكم
و مدينتكم تفتح أحضانها لاستقبالكم..