ترسانة الخطاب.. الهجمة المرتدة على البرهان وتهاوي السردية الإماراتية في السودان!؟

لم تمرّ خطابات الفريق أول عبد الفتاح البرهان القائد العام للقوات المسلحة رئيس مجلس السيادة الأخيرة مرور الكرام داخل أبوظبي. فقد فجّرت ردود أفعال متوترة، وأطلقت سلسلة هجمات مرتجلة من داخل مؤسسات الإعلام والحكومة الإماراتية، في محاولة لاحتواء ما أحدثه الخطاب من خلخلة حقيقية في الداخل الإماراتي، وكشفٍ لطبيعة الدور الذي تلعبه أبوظبي في الحرب السودانية.هتر وتوحش لفظي يتجاوز كل سقف، عندما تدخل الي غرف الحوارات والتغريدات على الصحافة والوسائط المجتمعية، والجنون الذي أصاب بعضهم.
مسعد بولس: الواجهة التي خرجت من مخابئها
شكلت تصريحات مسعد بولس – التي خرجت من (أبوظبي) فور الخطاب – دليلًا إضافيًا على حجم الإرباك الذي ضرب دوائر الضغط الإماراتية ومشروع الهدنة التي أطلقتها أبوظبي ورددها التمرد. ربما نسي في زحمة انفعال الردود انه مبعوث لأكبر دولة ووسيط يتوجب عليه النزاهة والحياد. فالرجل الذي يريد للسودان أن يوقّع على “حقيبة الإمارات بما حملت”، دونالد أو شرط أو حتى مراجعة أو تفاوض أو احترام لسيادة الدولة وأمنها القومي ، بدا وكأنه يتحرك ضمن مشروع إماراتي صريح لا يعرف حدًّا للوصاية ولا يدرك معنى مطلوبات الوساطة المهنية، لانه مهموم بتفكيك الجيش السوداني وإبقاء مليشيا الدعم السريع دون مساس، ولا يدرك موجبات نجاح مهمته التي طالما عبر عنها للرئيس البرهان. يريد بولس للواقع الذي فرض على الفاشر وإنسانها ، على ما بها من (جريمة حرب) نكراء ، كما قضت بذلك اليوم منظمة العفو الدولية، حين قالت بأنها الأبشع في تاريخ البشرية في حجمها الإنساني وقسوة الانتهاكات والعنف الجنسي بالادلة الاميركية عبر تقارير جامعة ييل المصورة بالأقمار الصناعية.
لذا فإن اصطفاف بولس مع هذا الحراك الاماراتي من عاصمتهم، لم يكن موقفًا معزولًا؛ بل يشي بكونه جزءًا من البضاعة الإماراتية ومشروعها السياسي في السودان، الذي بُني على دعم التمرد وتوفير الغطاء السياسي له. وهي أدوار تتناقض بالكامل مع ما تدّعيه الإمارات من حياد وسعي للسلام عبر مخطط اجنبي استعماري عبر الية الرباعية التي قضت عليها المبادرة السعودية الأميريكية التي يريد بولس قطع الطريق عليها .
إعادة تدوير تُهمة الإخوان.. آخر دروع الدفاع
الهجمة المرتدة على خطاب البرهان حملت محاولات يائسة لتسويق روايات قديمة؛ أبرزها اتهام الجيش السوداني بأنه “جيش الإخوان المسلمين”. وهي فرية تهدف إلى تبرير التدخل الإماراتي، وتوسيع رقعة الفزاعة دوليا، وخلق مشروعية زائفة لحرب يخوضها “قائد التمرد” نيابة عنها. والقائمة الاميركية الصادرة لهكذا تصنيف ليس فيها ما يدلل على ما قاله بولس عن الجيش السوداني.
لكن قومية الجيش السوداني شأن سوداني محض، لا تحدده أبوظبي ولا غيرها، ولا معروض ليقضي فيه الأجانب ومراكز التجسس. كما أن المؤسسة العسكرية السودانية التي تجاوزت القرن منذ تأسيسها، تُعرَف بتركيبتها الوطنية الممتدة، لا بانتماءات أيديولوجية تسوقها غرف الضغط الإعلامي، وتقارير المخابرات المضادة.
خطط مستشارين واهمين.. وهجوم بابنوسة مثالًا
لا يمكن تجاهل الدور الذي لعبه مستشارون ومخططون إماراتيون وبعض المأجورين في إحاطة قائد التمرد بمجموعة أفكار وخطط وهمية ومناورات على شاكلة الهدنة اياها. هؤلاء – الذين يقدمون أنفسهم خبراء – يدفعون الرجل إلى مغامرات عسكرية شاطحة، كما حدث في محاولته اليوم الانقضاض على الفرقة ٢٢ ببابنوسة بعد يوم واحد فقط من إعلانه الهدنة.
كانت الخطة واضحة:
هدنة للاستهلاك الخارجي – وهجوم داخلي يثبت العكس.
لكن العالم رأى كيف تُدار الهدن على طريقة التمرد: تقويض فوري إذا لم تحقق مكاسب سريعة او توقف سيل المظاهرات والاتهامات والإدانات للانتهاكات المروعة التي اقدموا عليها وأقامت عليهم هذه الحملة الدولية المتصاعدة.
الداخل الخليجي يغلي: انتقادات متصاعدة للدور الإماراتي
بعكس ما تحاول أبوظبي إظهاره، فالداخل الخليجي لا يعيش إجماعًا مؤيدًا لسياستها في السودان. بل إن دول الخليج كافة تشهد موجة آراء قوية وقادحة تنتقد التدخل الإماراتي غير المبرر، وتطرح أسئلة حقيقية حول دوافع حرب لا تمتّ للإمارات بصلة حدودية أو جيوسياسية ولاحل من يوقد هذا الحريق .لكل تبعاته الكارثية الماثلة في الجرائم البشعة والآثار التي رتبتها على السودان ارضا وشعبا ودولة، ويحتاج معها لعقود لتجاوز ويلاتها.
وبينما تتحدث الإمارات عن “مصالح استراتيجية في بلادنا وفي باب المندب والبحر الأحمر وامن الاقليم ”، يتساءل مواطنون خليجيون:
أي مصلحة تُبنى على الدماء والقتل والدمار؟
وكيف تُدار حرب خارج الحدود بلا سند قانوني أو أخلاقي أو سياسي او خلاف جوهري؟
عشرات المعتقلين.. ثمن الرأي المخالف
موجة النقد الداخلي لم تمرّ بسلام. فقد بات معروفًا أن عشرات المواطنين والمقيمين في الإمارات وجدوا أنفسهم معتقلين أو محتجزين بسبب آرائهم المنتقدة لسياسة أبوظبي في السودان، حيث يخنق هامش الحريات وعرب التمرد يمني أهل السودان بالدولة الديمقراطية الرشاد برعاية اماراتية وسند وعتاد عسكري وفضاءات وحدود واسعة، كان كفيلاً بأن يقضي على افريقيا بكاملها بددته مهنية و دربة القوات المسلحة السودانية وذهبت بحلمه أدراج الرياح.
وهذا يكشف حجم الحساسية التي تسكن القيادة الإماراتية حيال هذا الملف، ويدل على تآكل السردية الرسمية أمام الرأي العام الداخلي قبل الخارجي.
سردية البرهان… وماذا أصابت؟
الخطاب الأخير للبرهان لم يكن مجرد موقف سياسي؛ بل كان ضربة مباشرة للسردية الإماراتية ومحاولة إعادة تعريف الحرب أمام الرأي العامين الإقليمي والدولي وتوظيف حاذق للزخم الدولي الذي توافر بعد مراس شديد وصبر مرير.
ولعل ما يفسّر الردّ الهستيري من أبوظبي هو أن الخطاب وضع النقاط على الحروف:
• حدد المسؤوليات.
• كشف تمويل التمرد.
• عرّى أدوارًا تُقال همسًا لكنها لم تُذكر جهارًا قبله.
. وكشفت الخلط بين الهدنة والسلام
. وأظهرت تماهي بولس مع أبوظبي جهرة.
لقد أطلق البرهان بإجادته الرماية ترسانة سياسية أصابت أهدافها في العمق، ودفعت الإمارات إلى ردود متشنجة كشفت أكثر مما سترت، وفضحت ما خبأته الايام.
خلاصة
ما نشهده اليوم ليس مجرد جدل سياسي، بل مواجهة بين سرديتين أو روايتين:
الأولى: سردية سيادية سودانية ترفض الوصاية والإملاء وتعلن حقها في الدفاع عن سيادة أرضها ومؤسساتها، وتدرك أين تقف وفقا للدستور والمسؤلية الوطنية والأخلاقية .
والثانية: سردية إماراتية متغولة ومشحونة بأحلام واهمة ورؤى شعاراتية، وتصميم على المواصلة في (حرب الوكالة )بالتدخل غير المرغوب بارادة غاشمة وطروحات مأزومة تحاول صناعة شرعية لحرب لا أخلاقية، وتدفع بمستشارين ومروجين إلى الواجهة.
وفي كل الأحوال، يبقى السؤال الأهم:
هل تستطيع الإمارات الاستمرار في مشروعها بعد أن خرجت الحقائق إلى العلن؟ام ان بولس يريد بتصريحاته من أبوظبي أن يشوش على مشروع المبادرة الجديدة التي لم ترى النور بعد ، بارسال رسائل للداخل الخليجي، أنه متمسك (بالرباعية ) التي تحفظ عليها السودان واعادة انتاجها كما تسعي مجموعات ضغط عبر نواب في الكنغرس الدفع بها في سياق ردة الفعل الماثلة. وتحركات صمود بكندا وحثهم لمسؤولين بعدم وقف تدفق السلاح للتمرد، كلها تحركات تخرج وفق بوصلة الراعي العام.
أم أن خطاب البرهان كان نقطة التحول التي هزّت الثقة الداخلية قبل الإقليمية في هذا المسار . وأن السودان يلزمه أن يسارع الخطى في تأمين مصدات شبكة الأمان للمبادرة المنتظرة والتي يستبقها بولس بخطته المزعومة. علما بأن المبادرة الثنائية حبيسة ادراج من قدموها، ولم يصار بعض الي كشف ما تحتويه ، حتى يعبر فيها الطرف السوداني الأصيل عن رأيه حيالها.
——————
٢٦ نوفمبر ٢٠٢٥ م




kasane travel packages Booked a honeymoon package to Marmaris and everything was magical. Rose petals on the bed, champagne, private dinner on the pier – every detail was perfect. The hotel was luxurious and the price was incredibly reasonable. TravelShop made our honeymoon unforgettable! https://dijital.link/travelshop