د.عادل عبدالعزيز الفكي
أطلقت الأمم المتحدة وعدد من منظماتها العاملة في مجال الأغذية والامن الإنساني نداءات محذرة من شبح المجاعة في السودان، بسبب استمرار الحرب ودخولها للشهر الخامس على التوالي. فما هي حقيقة الامن الغذائي في السودان في الوقت الحالي؟
يعتمد الأمن الغذائي في السودان على نجاح موسم الأمطار، ذلك لأن الحبوب الغذائية الرئيسية لمعظم السكان، وهي الذرة والدخن، تعتمد انتاجيتها على كمية وتوزيع الأمطار خلال موسم الخريف الذي يمتد في أواسط السودان من يونيو إلى اكتوبر من كل عام.
تبلغ مساحة الأرض الصالح للزراعة في السودان حوالي 200 مليون فدان، المستغل منها حوالي 40 مليون فدان فقط، حيث تبلغ مساحة الأراضي التي تروى صناعياً 4.7 مليون فدان، ومساحة الأراضي التي تروى بالأمطار وتستخدم فيها الآلات على نطاق واسع 14.3 مليون فدان، فيما تبلغ مساحات الأراضي التي تروى بالأمطار أيضاً وتزرع بدون استخدام آليات حديثة 21.4 مليون فدان. وعلى هذا يتضح أن مساحات الزراعة التي تعتمد على الامطار في السودان تبلغ حوالي 36 مليون فدان تمثل 90% من المساحة الكلية التي تزرع كل عام، وتتركز في السهول الطينية الوسطى في السودان.
إن هذه السهول تنتج إذا ما كانت الأمطار جيدة حوالي 5 مليون طن من الحبوب الغذائية. موسم الأمطار حتى الآن يبدو ناجحاً وبالتالي يمكن تحقيق الإنتاجية المذكورة.
مساحات السهول الوسطى المنتجة هي بعيدة الان عن مواقع المعارك الدائرة في ولاية الخرطوم وولايتي غرب وجنوب دارفور، عليه فإن الأثر محدود على الأمن الغذائي حتى الآن.
ولايات شمال السودان، نهر النيل والشمالية، بالإضافة لولاية البحر الأحمر، نزح اليها مئات الالاف من سكان ولاية الخرطوم، سكان هذه الولايات، وسكان ولاية الخرطوم، يعتمدون على القمح كغذاء رئيسي، يتم الان استيراد الدقيق من مصر، التي برغم ظروفها المعلومة سمحت بتصدير الدقيق للسودان، وهذا موقف تشكر عليه. فيما استوردت شركتي سيقا وسين كل على حدة 50 ألف طن دقيق لكل منهما من السوق العالمي، هذا أدى لتوفر الدقيق في الأسواق، لكنه أدى لرفع الدولار في السوق السوداني كأثر جانبي.
استمرار الحرب وتمددها للولايات الوسطى سوف يؤثر بلا شك على حجم الإنتاج وعلى سلاسل الإمداد، وهذا ما جعل المنظمات المختصة تحذر من تأثير الحرب على الأمن الغذائي، وهذه نظرة واقعية، تجعل من المهم إنهاء الحرب بالضغط على مليشيا الدعم السريع المتمردة لوضع السلاح والخروج من الأعيان المدنية. والله الموفق.