القمة العربية المنعقدة بالجزائر هذه الأيام يتضمن جدول أعمالها مناقشة مقترح مقدم من دولة الكويت بشأن الأمن الغذائي العربي. وتشير كل الدلائل لإجازة هذا المقترح بالإجماع، في ظل الظروف الدولية والإقليمية الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية، وإعلان روسيا أول أمس انسحابها من مبادرة توفير الغذاء عبر البحر الأسود التي رتبتها تركيا برعاية الأمم المتحدة.
بحسب دراسات سابقة، ودراسة حديثة للمنظمة العربية للتنمية الزراعية فإن السودان مؤهل لسد احتياجات الدول العربية في خمسة سلع غذائية رئيسية هي: القمح، الزيوت النباتية، اللحوم، الألبان، والسكر. وهي سلع تستورد منها الدول العربية ما يتجاوز 30 مليار دولار سنوياً.
وعلى هذا فإن الكرة في ملعب السودان ليكون في مستوى التحدي والآمال المرجوة منه، وفي هذا الصدد علينا الاهتمام بتهيئة بيئة الاستثمار لاستقبال الاستثمارات العربية التي سوف تتجه اليه لإنتاج الغذاء.
تهيئة بيئة الاستثمار تتضمن: تسهيل تسجيل الشركات، تسهيل استخراج تراخيص البناء، الحصول على الكهرباء، تسجيل الممتلكات، الحصول على الائتمان، حماية المستثمر، دفع الضرائب، التجارة عبر الحدود، تنفيذ العقود، تسوية حالات الاعسار.
هذه العناصر يتم قياسها بواسطة البنك الدولي فيما يعرف ب تقرير سهولة ممارسة أنشطة الأعمال Doing Business Report
هذا التقرير يوفر مقياس سنوي يرتّب 190 بلدا من حيث سهولة تأسيس منشأة أعمال محلية وتشغيلها. والهدف من التقرير هو توفير أساس موضوعي لفهم طبيعة البيئة الإجرائية لأنشطة الأعمال التجارية والعمل على تحسينها والارتقاء بها في مختلف أنحاء العالم. في آخر هذه التقارير أحرز السودان الرتبة 171 من 190 دولة بنسبة أداء كلي 44.8%. هذه المرتبة تعد متأخرة جداً لبلد يسعى لجذب الاستثمارات المحلية والخارجية لتفجير طاقاته وموارده الكامنة.
أن تسهيل أداء الأعمال وإجراءات المستثمرين هي مسئولية المجتمع السوداني بأكمله لا الحكومة فحسب. على سبيل المثال فإن تسليم المستثمر للأرض يستلزم مجهودات هائلة جداً لإقناع القبائل وأصحاب الحواكير وغيرهم بفائدة الاستثمار لهم ولأهليهم ولوطنهم، ويتم الاقناع بالاتصال المباشر بالزعماء والقادة المحليين عن طريق منظمات طوعية، كما يتم بالتثقيف والتوعية عبر وسائل الاعلام والاتصالات المختلفة، وعن طريق المناهج الدراسية الموجهة. والله الموفق.