تلعب السوشال ميديا دوراً في تعظيم ظواهر مجتمعية ربما تكون صحيحة، إلا إنها ليست بذلك الانتشار، فيتم ترديد انتشار تعاطي المخدرات بين الشباب حتى كِدتُ أظن بأن الجامعات قد أصبحت ماخورا كبيرا!!!، ثم إن وعي المجتمع حول الأمراض النفسية قد جعل أي مشكلة اعتيادية قد تقلب الحالة المزاجية لشاب (ما)، فيوصف بأن لديه (اكتئاب!! )، نفس الأمر بالنسبة لازدياد حالات الطلاق، القتل في الشارع، التعليقات المعتاد على الميديا على كل ذلك (لابد أن السودان قد انتهى!!!).
أثناء الحرب العالمية الثانية، قام مهندسو الحلفاء بمراجعة للطائرات التي عادت إلى قواعدها وبها ثقوب من أثر الرصاص الذي أُطلق عليها وأحدث فيها ثقوباً، فعمدوا إلى تعزيز تلك الأماكن في جسم الطائرات بعد أن خرجوا بخارطة كاملة لجميع تلك المواقع باعتبار أنها الأكثر تعرضاً للضرر وربما أدت إلى سقوط الطائرات، لابد أنه تفكير عبقري!!، إلا أن عالم الرياضيات (إبراهام والد) كان له رأي آخر، فتلك النقاط التي تم تحديدها هي للطائرات التي عادت بالفعل وهي سليمة، معنى ذلك أن تلك الأماكن من أجسام الطائرات هي الأقوى، والتي صمدت أمام نيران العدو، أما تلك المواضع من جسم الطائرة التي لم يتم تحديدها (لم تُصب بالرصاص) هي الأقل في المتانة وهي التي اسقطت الطائرات التي لم تعد الى قواعدها. سُميت هذه الظاهرة بال survivorship bias أو (انحياز البقاء)، فالاستنتاج قد يكون غير سليم وانطباعي لما نراه أمام أعيننا دون وجود بحث علمي دقيق يخرج لنا بمعلومة، هل تعتقد أن الأمراض النفسية قد زادت عن ذي قبل حقاً؟ ربما كانت موجودة بالفعل إلا أن الوعي قد زاد، هل تعتقد أن نسبة المصابين بمرض السرطان قد زادت؟ ربما كانت تلك النسبة موجودة وبنفس القدر إلا أن تقنيات الكشف عن ذلك المرض العضال قد أصبحت متوفرة، ففي الماضي يموت الناس دون معرفة الأسباب الطبية في قراهم ومناطقهم البعيدة النائية؟، هل تظن أن إدمان الشباب للمخدرات فعلاً قد أصبح شيئاً معتاداً؟ اعتقد أننا نحتاج إلى بحوث علمية مجتمعية لتحديد ذلك وكذلك إحصاءات بالأرقام تقارن ما كان وما هو حادث الآن. فبالطبع أنت لأتعيش في أسوء فترة زمانية ولا مع جيل رقيع همه إدمان المخدرات، فالميديا تلعب بدماغك، لا شك في هذا!!!