
الرواية الأولى – نقلاً عن The Africa Report
في خطوة تعكس التحولات الجيوسياسية والاقتصادية في عالم ما بعد النفط، برزت شركة إماراتية حديثة العهد تُدعى International Resources Holding (IRH) كلاعب رئيسي في صناعة التعدين بالقارة الأفريقية، بعد أن أبرمت خلال عامين فقط صفقتين من بين الأضخم في القطاع.
صفقات بمليارات الدولارات
في مارس 2024، استحوذت IRH على 51% من شركة Mopani Copper Mines في زامبيا مقابل 1.1 مليار دولار، متفوقةً على شركة جنوب أفريقيا العملاقة Sibanye-Stillwater.
وبعدها بعام، وسّعت نفوذها بشراء 56% من منجم Bisie للقصدير في الكونغو الشرقية – أحد أكبر مناجم القصدير في العالم – مقابل 367 مليون دولار من شركة Denham Capital الأمريكية.
• منجم Mopani، الذي كان أحد أبرز أصول شركة Glencore العالمية قبل أن تصادره الدولة الزامبية عام 2021، يخطط لإنتاج 300 ألف طن من النحاس سنويًا، وهو عنصر حيوي في التحول العالمي للطاقة.
•أما منجم Bisie، الواقع في إقليم شمال كيفو المضطرب بالكونغو الديمقراطية، فقد أنتج في عام 2024 نحو 17,324 طنًا من القصدير، المستخدم في صناعة الإلكترونيات والسيارات الكهربائية والألواح الشمسية.
أذرع مالية وسياسية قوية
تأسست IRH في عام 2022، لكنها تحركت بسرعة بفضل شبكة داعمين نافذة.
•الشركة تابعة لـ International Holding Company (IHC)، وهي أداة استثمارية مملوكة لطحنون بن زايد آل نهيان، مستشار الأمن القومي الإماراتي وشقيق الرئيس محمد بن زايد.
٠ تُقدّر ثروة العائلة بـ 323 مليار دولار، فيما تبلغ القيمة السوقية لـ IHC نحو 239 مليار دولار، وهي ثاني أكبر شركة مدرجة في الخليج بعد أرامكو السعودية، وتمتلك ما يزيد عن 1300 شركة تابعة.
هذا الثقل المالي والسياسي مكّن IRH من التوسع في أسواق أخرى بأفريقيا، بما في ذلك أنغولا وتنزانيا وجنوب أفريقيا وزيمبابوي ومصر وحتى بوروندي.
استراتيجية إماراتية لما بعد النفط
بحسب التقرير، فإن IRH ليست مجرد مشروع تجاري، بل تمثل أداة ضمن استراتيجية الإمارات لتأمين موقع متقدم في الاقتصاد العالمي الجديد.
•يقود الشركة علي الراشدي، المدير التنفيذي السابق في IHC، بهدف ضمان إمدادات المعادن الاستراتيجية التي تحتاجها الإمارات.
•هذه الموارد ستغذي ليس فقط التجارة، وإنما أيضاً مصانع معالجة المعادن في أبوظبي التي تستفيد من تكلفة الطاقة المنخفضة.
٠ ويرى خبراء أن الإمارات تسعى لأن تصبح مركزًا صناعيًا عالميًا يزوّد العالم بمكوّنات أساسية، في منافسة مباشرة مع الصين التي تهيمن على تكرير المعادن الحرجة.
رهانات محفوفة بالمخاطر
ورغم القوة المالية والسياسية، فإن دخول IRH إلى التعدين لا يخلو من المخاطر:
•الشركة حديثة الخبرة وتفتقر للتجربة الميدانية، لكنها استعانت بخبرات دولية مثل الجيولوجي رافي شارما (الذي عمل مع Vedanta وBarrick)، وأبقت على الطواقم المحلية، منها المدير التنفيذي لـ Mopani تشارلز ساكانيا.
•ورغم تسجيل زيادة 14% في إنتاج منجم Mopani منذ الاستحواذ، يرى مراقبون أن الصفقة كانت مبالغاً في قيمتها نظراً لأن المنجم ظل خاسراً لسنوات.
•في المقابل، يُعتبر منجم Bisie صفقة موفقة، إذ يصفه خبراء بأنه “مورد عالي الجودة تم التقليل من قيمته بسبب انعدام الأمن في شمال كيفو”.
وقبل دخولها عالم المعادن الحرجة، ارتبطت IRH بمشروع مشترك مع حكومة الكونغو لشراء الذهب والمعادن الحرفية (3T: القصدير، التانتالوم، التنجستن)، لكنه فشل في الحد من التهريب، وانسحبت الحكومة لاحقًا من الشراكة.
توسع متشعب
لا يقتصر نشاط الشركة على تشغيل المناجم فقط، بل امتد إلى مشاريع استكشاف جديدة مثل الحديد في أنغولا، إضافة إلى إطلاق أذرع للتجارة والاستشارات والخدمات التعدينية. ويرى مراقبون أن هذا التوسع المتشعب قد يضعف تماسك استراتيجيتها، لكنه في الوقت نفسه يجعلها لاعبًا لا يمكن تجاهله في صناعة التعدين الأفريقية.
▪️المصدر: The Africa Report (16 سبتمبر 2025)