
المملكة العربية السعودية هذا القطب الإسلامي الكبير وإحدى اقوى الاقتصادات في عالمنا المعاصر، شكلت المملكة العربية السعودية أحد أهم الدول الإسلامية ذات المكانة الرمزية والمعنوية لكل مسلمي العالم، نتيجة للمكانة الرمزية والمعنوية للمملكة العربية السعودية فقد أصبحت أنظار كل مسلمي العالم تتجه نحوها وبالتالي أصبحت المملكة العربية السعودية تشكل إحدى الدول الإسلامية المركزية التي يمكن أن يكون لها دور كبيراً في قيادة الأمة الإسلامية وجميع المسلمين في كل أنحاء العالم الشيء الذى يجعل من المملكة العربية السعودية مؤهلة لأن تلعب دوراً تاريخيا في قيادة مسلمي العالم اقتصاديا وسياسياً واجتماعيا وعقدياً بشكل يساعد على استمرار قوة دفع رمزيتها المعنوية لدى كل مسلمي العالم وبالتالي المحافظة على وضعها كأحد القوى الإسلامية ذات النفوذ السياسي والاقتصادي العالمي.
الدولة السودانية دولة إفريقية أصيلة وهي خليط إفريقي عربي (Afro Arab Mix) إنصهر فيما بينه مشكلاً بوتقة إثنوثقافية قوية ومتجانسة تحمل روح الانتماء للقارة الإفريقية بقدر ما تحمل من انتماء نحو الثقافة العربية وهذا مصدر ثرائه الثقافي، هذا الالتقاء جعل من السودان الحالي مصدر اتصال ما بين إفريقيا والعالم، لذلك فأن ما يشهده السودان من استهداف حالياً يجب أن ينظر اليه بصورة اعمق من قبل الدولة السعودية فمليشيات الدعم السريع الإرهابية ليس سوي أداة تمت أدلجتها من قبل الوكالة الجديدة للحركة السياسية الصهيونية في منطقة الشرق الأوسط لتنفيذ مخططها الهادف لتفتيت الدولة السودانية والتي تعتبر صمام الأمان الوحيد المتبقي للمملكة العربية السعودية من الناحية الجيواستراتيجية و الجيوحيوية وذلك لعزلها من محيطها الافريقي العربي لفرض السيطرة عليها من قبل الحركة السياسية الصهيونية فبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 م قد أصبحت المجتمعات المسلمة والدول الإسلامية في أفريقيا عرضة للضغوط من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية ومن خلفهما الصهيونية السياسية التي تحرك إدارات تلك البلدان لعظمة نفوذها الاقتصادي لمخطط مرسوم ومدروس يهدف لمحاصرة المجتمعات والدول المسلمة الإفريقية وتفتيها عبر صبغ الإرهاب بالمسلمين ضمن برنامج ما يسمى بالحرب على الإرهاب، وفى إطار هذا البرنامج أصبح العديد من المسلمين الأفرقة يعانون من سوء الأحوال المعيشية والفقر كما أصبحت الأغلبيات المسلمة الإفريقية تحكم بواسطة أقليات مسيحية عبر مساندة الغرب لهذا التوجه، بينما أصبحت دول إسلامية إفريقية كالسودان هدف إستراتيجى للولايات المتحدة الأمريكية والدولة العبرية من أجل تفتيت وحدته، وبالرغم من فصل جنوب السودان لا زالت الولايات المتحدة الأمريكية والدولة العبرية عبر الدول المحيطة بالسودان تقوم بحرب غير مباشرة ضد السودان البوابة التي تمثل جسر التواصل بين العروبة والإسلام والعمق الإفريقي، ولا يخفى الدور الفعال للمنظمات اليهودية الأمريكية في قضية دارفور عبر تصوير الصراع الذى أساسه إشكال بين الرعاة والمزارعين من قديم الزمان على أنه صراع بين عرب وزرقة وصبغ العروبة والمسلمين بالرق والإعتداء بقصد خلق فجوة فى العلاقات الإفريقية العربية، والذى يتابع التدخلات الأمريكية في إفريقيا يجد أنها تتيح للدولة العبرية لعب أدوار تساهم في خلق نهج لمحاصرة الدول العربية والإسلام في إطار الصراع العربي الإسرائيلي حيث أن إفريقيا تمثل أحد أهم مناطق الصراع بين الدولة العبرية والدول العربية والإسلامية لما فيها من مجتمعات مسلمة وعمق استراتيجي للدول العربية والإسلامية ولذلك تسعى إسرائيل لتطويق هذا النفوذ عبر سياسة شد الأطراف وبترها لإضعاف العالم العربي والإسلامي الذى يتعارض معها عقديا، وبالتالي ما نشاهده حالياً في السودان من حرب لتمزق الدولة السودانية هو جزء و محاولات منظمة ومدروسة من أجل زعزعة استقرار البناء الاجتماعي للدول المسلمة والمجتمعات الإسلامية وإعادة تركيب ما تبقى منها بصورة تخدم مصالح الدولة العبرية التي تقود العالم الآن عبر تحكمها في الإدارة الأمريكية.
إن القضايا التي من المفترض أن تهم المملكة العربية السعودية اليوم ليست هي قضية تمدد النفوذ الإيراني كما تروج له الدوائر التي لها مصلحة في انفجار حروب بين الطوائف المسلمة وترغب في هز بنيان المجتمعات المسلمة، وإنما القضايا التي تهم المسلمين اليوم في أفريقيا وكل دول العالم هي قضية وحدة الصف المسلم بجميع طوائفه من أجل خدمة قضايا الإسلام والمسلمين للقيام بدورهم الذي أمرهم به الخالق ألا هو عمارة الأرض التي إستخلفهم الله فيها لذلك فأن علي المملكة العربية السعودية التحرك في اتجاه دعم الدولة السودانية و التي تشكل عمقاً للأمن القومي السعودي للتخلص من مليشيات الدعم السريع و التي تشكل تهديداً مباشراً للأمن القومي العربي و الافريقي، كما أن علي الدولة السودانية العمل علي تعزيز هذه العلاقات وتفعيل دورها في حماية الامن القومي السعودي من خلال الجلوس و عقد التفاهمات التي من شأنها خلق أرضية جديدة تفدي الي توسيع افق التعاون في القضايا التي تشكل أهمية قصوي للملكة العربية السعودية وفي اعتقادي بأن علي الدولة السودانية ورغم الظروف التي تعيشها البدء في تفعيل البرتوكولات العسكرية التي من شانها تعزيز العلاقات بين الجانبين وكخطوة أولي مبتدره من قبل الدولة السودانية يمكن الدفع بفرقة مشاه جديدة لغيار القوات الموجودة بالسعودية مما سوف يكون له اثر إيجابي في تعزيز العلاقة ما بين الجانبين.
ختاما تقع على عاتق المملكة العربية السعودية مسؤولية كبيرة يمليها عليها الجانب العقدي في أن تلعب دوراً محورياً في إتجاه مساندة قضايا مسلمي القارة الإفريقية وبحكم أنها الدولة الإسلامية ذات الدلالة الرمزية والمعنوية لكل الأمة الإسلامية في أفريقيا وجميع أنحاء العالم، وبما أن الشعوب الأفريقية المسلمة تسهم في إنعاش إقتصاد المملكة العربية السعودية بشكل كبير عند قدومهم لإجراء مناسك الحج والعمرة والزيارة والتي عن طريقا تتحقق منافع كبيرة لخزينة المملكة العربية السعودية، عليه ينبغي أن تكون هنالك إسهامات من المملكة العربية السعودية تساعد فى تقديم معونات إقتصادية وضخ إستثمارات مالية تسهم في مجملها من وضع حد لمعاناة المسلم الإفريقي ورفع وضعه الاقتصادي والتي سوف تكون لها أثر فعال في نفوس مسلمي إفريقيا عوضاً عن عودة فوائد هذه الإسثمارات للمملكة العربية السعودية نفسها.
القاهرة
2 مارس 2025 م