اتابع هذه الايام حملة عدائية شعواء يشنها بعض ابناء جلدتنا علي مصر، ولست ادرى سببا لكل هذا الغل والتحريض بحق دولة جارة ظلت ملاذا ، ومستقرا للسودانيين يقصدونها بغرض التجارة والاستشفاء والدراسة والاقامة والسياحة فتستقبلهم بالدفء والبشر والترحاب.
من الذي قال ان مصر تنهب خيراتنا، ولماذا نتسامح مع ضعف الاليات والضمائر التي تحرس ثرواتنا ونحمل المسؤولية للاخرين، ولماذا نجعل تفكيرنا نهبا لمثل هذه الشائعات التي لا تقوم علي ساقين، وهل يفترض مروجو هذه الفرية ان السودان حكومة وشعبا ( مغفلين ) للدرجة التي تجعل من ثرواتهم نهبا للغير بهذه السذاجة وبلا مقابل؟!!.
الذين يشنون الهجوم علي مصر هذه الايام ينطلقون للاسف من منصات عداء سياسي سافر لمواقفها من تطورات الاوضاع بالسودان ، ينسجون من خيالاتهم الاكاذيب فيصدقونها ويحملون القاهرة كذلك فواتير خلافاتنا وتقاطعاتنا الداخلية.
قبل ايام كانت وسائل التواصل الاجتماعي تضج بشائعة زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي للخرطوم بعد ان تضخمت خسائر مصر جراء اغلاق (طريق شريان الشمال) لاسباب لم تكن ذات صلة بالتجارة مع مصر..
علي الذين يحاولون دق الاسافين في العلاقات الشعبية بين السودان ومصر تذكر ان مواطنينا لجاوا الي القاهرة عندما ضاقت بهم سبل الحياة في الداخل ، عليهم ان يتساءلوا لماذا مصر وليس سواها ؟! ، وكيف استقبلتهم واحسنت وفادتهم حتي طابت لهم الاقامة ، عليهم ان يسالوا انفسهم لماذا لم يلجأ السودانيون لاية دولة جارة اخري بهذه الكثافة؟!.
ثم دعونا نتوافق على اهمية الناي عن استخدام (الاستراتيجي) في صراع مؤقت لتحصيل مكاسب (تكتيكية)، ستظل علاقات التكامل مع مصر واحدة من اهم الغايات التي يجب ادراكها لتحقيق مصالح شعبي البلدين.
من حق مصر ان تؤمن مصالحها مع السودان الذي ينبغي ان يحكم منافذه ويكافح تهريب خيراته بالقدر الذي يحقق له الفائدة المرجوة ، فالمصالح المشتركة يا سادة بعض ما يؤمن علاقات الدول والشعوب في عالم اليوم، وبح صوتنا ونحن ننادي بتامين علاقات وادي النيل بمشروعات تحقق الفوائد المباشرة لمواطني البلدين تجاريا واقتصاديا وامنيا، ومازلنا نناشد.
تابعت تصريحات للسفير المصري في الخرطوم السيد حسام عيسى تقطع الطريق امام محاولة التشويش علي علاقات الخرطوم، القاهرة ، وقد كان القنصل المصري السيد احمد عدلي كذلك علي الخط في التصدى القوي للشائعات وتفنيدها ، بالامس قرات تحذيرا من المستشار الاعلامي المصري السيد عبدالنبي صادق من محاولات دق اسفين في العلاقات الشعبية بين البلدين..
ازاء هذا القلق المصري من تنامي الشائعات ظل السودان صامتا تجاه ما يتردد من شائعات ينبغي ان تكون الرواية الرسمية فيها حاضرة ، فلا وزارة خارجية تحدثت ولاسفارة تكبدت مشاق التنبيه والتوضيح بالادلة والبراهين والارقام لتصحيح خطل الحملات التي تقودها جهات معلومة للوقيعة بين الشعبين السوداني والمصري.
بربكم من المسؤول اذا افترضنا ان منتجاتنا تهرب وتصدر الي الخارج بديباجات مصرية ، ينبغي ان نحاكم ضمائرنا ومؤسساتنا قبل القاء اللوم علي الاخرين.
قدروا خسائر مصر بمئات ملايين الدولارات بعضهم حددها 600مليون دولار في اقل من اسبوع، بسبب تتريس شريان الشمال، وزعموا ان اقتصادها قائم علي خيرات السودان اليس في هذا تجن وعدم واقعية في الحديث عن اقتصاد دولة مثل مصر وهل يمكن ان تكون مثل هذه الارقام صحيحة والاحصائيات الرسمية توضح ضعف العائدات التجارية مقارنة بحجم التواصل والعلاقات بين البلدين، واذا افترضنا صحة هذه الارقام فان المنتج السوداني سيتضرر اكثر من الجانب المصري حال استمرار ممارسات التتريس واغلاق الشارع امام حركة البضائع..
ارفعوا ايديكم عن العلاقات مع مصر وضعوها بعيدا عن خلافات السياسة ، لا تتخذوها جزءا من اليات حسم صراعنا الداخلي، تذكروا ان المحروسة تستضيف ملايين السودانيين ، وانها الاقرب لوجداننا، ثقوا ان المصالح الكبري تحققها علاقات الاحترام المتبادل وان حقائق الجغرافيا وحيثيات التاريخ تؤكد اهمية واستراتيجية العلاقات مع مصر، فلا تجعلوها نهبا للشائعات.