العقوبات الأمريكية تأثيرها في الدولة والرموز السياسية ( ١-٢ ) هل هي اداة فاعلة ام مجرد حبر على الورق و وسيلة ملتبسة لتليين المواقف ؟
✍️ د كرار التهامي
قبل سنوات وفي فترة ترامب الاولى وضعت امريكا السياسي اللبناني باسيلي بشارة على لائحة العقوبات الأمريكية لأسباب نمطية فيما يبدو فشبكة العقوبات الأمريكية المتداخلة مابين مكتب الأصول او وزارة العدل او وزارة الخارجية او اي لجنة من لجان الكونجرس لها علاقة بالموضوع سبب العقوبات بإمكان اي واحد من هذه المكونات ان يرمي بكرت العقوبات في الطاولة إذا لم ينحن الشخص المستهدف امام عاصفتها و لم يرضخ لتصوراتها في حلول المشاكل القائمة !!
▪️فعندما تشعر قوى الضغط او المؤسسات الحكومية في امريكا انك لا تنصاع لقراراتهم او انك لا تمالي حلفاءهم فإنهم لايعدمون السبب لضمك في لائحة العقوبات لذلك يوجد الاف القيادات التنفيذية والسياسية من مختلف الدول في هذه القائمة لكن هل اثرت هذه العقوبات الاحادية على حياة او ادوار هذه الشخصيات في سياسات بلدانهم؟ الاجابة في معظم الحالات لا …
▪️مثلا باسيلي بشارة هو رئيس حزب التيار الوطني وهو حزب مسيحي ذو وزن مؤثر في السياسة اللبنانية ومنافس عتيد لحزب الكتائب العريق ،، اتهمته الخارجية الأمريكية بالفساد وهذه التهمة لزر الرماد في العيون لكن السبب الحقيقي هو العناد و المواقف المناوئة للخطط الأمريكية الاسرائلية في المنطقة وتحالفات باسيلي الداخلية
▪️قال باسيلي في أول تعليق له على العقوبات امام جمهور حزبه ((لا العقوبات أخافتني .. ولا الوعود أغرتني و لا انقذ نفسي ليهلك لبنان )) وذلك إشارة إلى تواصل الادارة الأمريكية معه لكي يقدم بعض التنازلات بخصوص ترسيم الحدود مع اسرائيل وإعادة النظر في تحالفاته السياسية التي لم تكن امريكا راضية عنها و ذلك مقابل إغراءات لم يذكرها يدخل فيها المال وتوسيع النفوذ !!
▪️العقوبات رفعت شعبية باسيلي و نفعت التيار الحر ففي أول انتخابات بعد وضع رئيسه على قائمة المقاطعة من ما يعرف اختصاراً بال SDN تقدم حزب التيار الحر على الكتل المسيحية الأخرى وأصبح حزب وازن في معادلة السياسة اللبنانية
▪️وتوالت العقوبات الأمريكية بصورة عشوايية على عدة مسئولين ورموز سياسية لبنانية منهم علي حسن خليل، وزير المالية السابق وأبرز مستشاري رئيس مجلس النواب نبيه بري، وهو من الطائفة الشيعية؛ ويوسف فنيانونوس، وزير الأشغال العامة والنقل السابق، الذي ينتمي إلى تيار المردة برئاسة سليمان فرنجية، وهو من الطائفة المسيحية.وكانت النتيجة ان جميعهم فازوا في الانتخابات بنتايج كبيرة وازدهرت شعبيتهم
▪️عندما تراجع قوائم العقوبات الأمريكية SDN تجد فيها كوكبة من افضل القيادات السياسية ورؤساء الدول والأحزاب الذين وصوا إلى السلطة عبر الانتخاب الجماهيري امثال نيكولاس مادورو وفلاديمير بوتين ورؤساء احزاب لها مكانتها في التركيبة الدستورية لبلدهم أمثال باسيلي بشارة يوسف فينيانوس على حسن خليل وفي القايمة عد وافر من المناضلين السياسيين الذين رحلوا من الفانية ولكن ظلوا في القائمة الأمريكية التي تضم الاف الاشخاص المفروضة ضدهم العقوبات والذين يجدون كل الاحترام والتوقير والمساندة من شعوبهم أمثال نايف حواتمة احمد جبريل ومحمد حسين فضل الله ،،، الخ القوائم العجيبة المريبة
▪️يختلف كثير من الخبراء السياسيين في امريكا على تاثير العقوبات التي تفرضها دولتهم على دول وأشخاص خارج الحدود فتلك العقوبات التي بدات منذ اكثر من مائة عام وبمستويات واشكال مختلفة واجهت تحديات نقدية وبدات مدرسة سياسية في مناوئة للعقوبات طارحة مايسمى بالتعامل الايجابي positive engagement بدلا من العقوبات والمقاطعات لان العقوبات الأمريكية عبر تاريخها حسب تقويم هذه المدرسة السياسية غير فعالة ولها نتائج متفاوتة فقد نجحت في بعض الحالات وفشلت في أخرى حيث تجني الولايات المتحدة ثمار العقوبات عندما تحقق أهدافها الإستراتيجية، لكنها في أحيان كثيرة ترتد عليها بعواقب غير مقصودة و تأتي بنتائج عكسية. ولا تضر الاشخاص المستهدفين حتى صارت هذه العقوبات مجرد فرقعة في الهواء،،
نواصل