محمد وداعة
• فى ذكرى ثورة ديسمبر المجيدة
• الجزيرة تقدم الان نموذجآ فى الشجاعة و البسالة فى القرى و المدن دفاعآ عن النفس و الارض و العرض،
• قوى الحرية و التغيير – المجلس المركزى – خسرت قواعدها و تاريخها ، و اضاعت المستقبل
• الشعب السودانى لن ينسى ان الحرية و التغيير خذلته و أختارت الوقوف مع قاتليه و ناهبيه ،
• هناك واقع جديد يتشكل ، يستطيع اعادة تأسيس الدولة السودانية و بناء ما دمرته الحرب ، و تكوين دولة معافاة
مثلما فشلت القوى السياسية السودانية فى تطوير و استثمار الزخم الجماهيرى الذى ولدته ثورة ديسمبر المجيدة ، و عجزت عن ادراك ان سقوط نظام البشير ليس نتاجآ للحراك الثورى فقط ، و لم تفهم ان نظام البشير فقد مقومات البقاء نتيجة لاسباب كثيرة ، وان احد اهم عوامل التغيير كانت فكرة الهبوط الناعم ، و لذلك يحتار الناس و يتجادلون فى اسباب انحياز اللجنة الامنية لنظام البشير و اعلانها الانحياز لثورة الشعب ، وهى نفس اللجنة – ان لم يكن غالبها – التى وقعت الوثيقة الدستورية مع قوى اعلان الحرية و التغيير و شاركتها السلطة لاكثر من عامين ، فشلت قوى الحرية و التغيير فى الابقاء على وحدتها ، فغادرتها فى وقت مبكر قوى مؤسسة لاعلان الحرية و التغيير ، و كان حزب البعث السودانى اول المغادرين فى ديسمبر 2019م ، و جمد حزب الامة عضويته فى ابريل 2020م و عاد بعد اكثر من عام ، و فى يناير 2020م انسحب تجمع المهنيين من الحرية و التغيير، و انسحب الحزب الشيوعى السودانى فى نوفمبر 2020م ، و فى يناير 2022 م انسحب تجمع القوى المدنية ، و رغم ان بعض القوى عادت للحرية و التغيير بعد انقلاب 25 اكتوبر ، الا انها كانت قد انسحبت فى اوقات سابقة منها حشد الوحدوى و الاتحادى الموحد ، و اثار دهشة المراقبين قيام الحرية و التغيير بفصل الحزب الجمهورى و الوطنى الاتحادى من الحرية و التغيير فى يناير 2022م ، و بدلآ عن توسيع القاعدة الجماهيرية للثورة باستيعاب قوى ثورية شاركت فى الثورة فى هياكل الحرية و التغيير ، استمرت الجهات المتنفذة فى اختطاف القرار و اضعاف المجلس المركزى ،فضلآ على الانغماس فى الصراع على توزيع كيكة السلطة و ارتكاب مخالفات ترقى لاعتبارها ممارسات فاسدة ،
تواطأت هذه القوى على تعديل الوثيقة الدستورية 2019م بعد توقيع اتفاق جوبا ، و نص التعديل على اعتبار الاتفاق جزءآ من الدستور ، و يعلو عليه ، و انشأت مادة جديدة باقامة مجلس الشركاء ، و رغم ان شرط تفويض سلطة التشريع للمجلسين ينتهى بقيام المجلس التشريعى فى غضون ثلاثة اشهر ، الا ان قوى الحرية و التغيير لم تعمل على تكوين هذا المجلس ، و تجاهلت تأسيس المحكمة الدستورية ، و لم تنشئ المفوضيات ، و تجاهلت دمج الجيوش بما فيها الدعم السريع ، و تحت سمع و بصر الحرية و التغيير تضخمت قوة الدعم السريع و تضاعفت قواته من 20 الفآ الى 120 الف فى سنتين فقط ، بجانب امتلاكه لاسلحة نوعية من الدبابات و المدفعية و المسيرات ، و تحالفت و اعدت المسرح السياسى لانقلاب الدعم السريع فى 15 ابريل ، باعلانها شعار ( الاطارى او الحرب ) ، و دون ادنى مسؤلية غضت الطرف عن انتهاكات و جرائم مليشيا الدعم السريع ، و قالت الحرية و التغيير انها على الحياد و هذه الحرب بين طرفين ، و لم تستطع ان تعلن عن ادانة صريحة وواضحة لهذه الجرائم و النتهاكات التى حدثت فى الجنينة و نيالا و الخرطوم و الجزيرة ..الخ ، و سخرت من عقول الشعب السودانى برفع شعار – لا للحرب – والحديث عن تكوين اللجان و الجبهات لايقاف الحرب ، فكيف ستوقف الحرب ؟
حرصت هذه القوى على ترسيخ مقولة ان الحرب بين طرفين ، وامعانآ فى ذلك عملت على صناعة محتوى اعلامى خبيث مضلل ، بأن لقاء (الجنرالين) سيضع حدآ للحرب ، الا ان المليشيا و فى سبيل تحقيق نصر زائف و سريع افسدت هذه الخطة ، و كانت مدنى و الجزيرة مسرحآ مكشوفآ لا يقبل الشك و ان طبع المليشيا يغلب التطبع، فوقفت هذه القوى تتفرج على تهجير و نهب و قتل مواطنى الجزيرة و الملايين التى نزحت اليها ، فنهبت العربات و الاليات و الاسواق و اغتصبت النساء ، سرقة و نهب مصانع السكر و الزيوت و مخزون برنامج الغذاء العالمى ، و مدخلات مشروع الجزيرة من اسمدة و بذور و اليات ثقيلة ، المليشيا المتمردة و مرتزقتها من دول الجوار يستبيحون البلاد ، ينهبون و يسرقون و يقتلون و يغتصبون ،
ما حدث فى مدنى بعد 9 اشهر على الحرب لم يترك الا خيارآت محدودة للشعب السودانى ، اما النزوح و اما التعايش مع المليشيا الغازية ، او المقاومة ، و بينما حضت قيادات فى الحرية و التغيير المواطنين على التصالح مع الاحتلال ، طالب البعض منهم المواطنين بايثار السلامة و النجاة بجلدهم ،الا ان الشعب السودانى خيب آمالهم و اختار ان ينخرط فى المقاومة ، الجزيرة تقدم الان نماذج للشجاعة و البسالة فى القرى و المدن دفاعآ عن النفس و الارض و العرض ، اما المناطق الاخرى التى هددتها المليشيا بالغزو فى الشمال و الشرق و الوسط فهى لا تستعد فقط لرد العدوان ، بل لضرب المعتدين فى عقردارهم ، هذه المقاومة نابعة من ارث تاريخى عظيم يذخر بالتضحية و الفداء و الانتصار للقيم الفاضلة ، الوقوف فى وجه الاعداء لا يحتاج لمحرض مزعوم ، و انما هورد فعل طبيعى ، الشعب السودانى انخرط فى المقاومة الشعبية تطوعآ ، ولن يرضى بغير رد المعتدى و دحره و تلقينه درسآ سيشهد به كل العالم ، و لن تخيفه الاراجيف و القراءات الخائبة من الانزلاق للحرب الاهلية ، و رب ضارة نافعة ، المليشيا كشفت بجرائمها و افعالها ان الحرب – فقط – من اجل النهب و السرقة و اهدار كرامة المواطنين ،
فى ذكرى الثورة ، خسرت قوى الحرية و التغيير – المجلس المركزى – قواعدها و تاريخها ، و خسرت المستقبل ، اهدرت دماء الشهداء وبددت شعارات ثورة ديسمبر المجيدة ( حرية .. سلام و عدالة ) – و ( العسكر للثكنات و الجنجود للحل ) ، و حصدت بغضآ و كرهآ لا يقل عما حاق بالمليشيا المجرمة ، و خابت حيلهم و تحليلاتهم ، و ظنوا ان ( شعبهم ) بلا قيم و بلا ارادة ، الشعب السودانى لن ينسى انها خذلته و اختارت الوقوف مع قاتليه و ناهبيه و مغتصبى حرائره ، و لن ينسى ان اسيادهم و اولياء ( نعمتهم ) فى الامارات وفروا الدعم بالمال و السلاح و تجنيد المرتزقة من دول الجوار لتدمير بلادنا و السيطرة عليها و انهاء وجودها ، هذه ضمائر ميتة تنكر حقيقة انها خرجت من دائرة الفعل و التأثير ، هناك واقع جديد يتشكل ، يستطيع اعادة تأسيس الدولة السودانية و بناء ما دمرته الحرب ، و تكوين دولة معافاة يتساوى فيها الناس على اساس المواطنة ، و اقامة حكم ديمقراطى يحرسه شعب مقاوم للظلم و العدوان كيفما جاء ،
30 ديسمبر 2023م