الرواية الأولى

نروي لتعرف

هموم وقضايا / السفير د. معاوية التوم

السودان يفرض قواعد جديدة: الجيش يسيطر… الحكومة ترفع الصوت… والتمرد يتراجع!؟

السفير د. معاوية التوم

في أقل من ٤٨ ساعة، وضعت الأحداث في السودان المشهد في طور جديد:
• مساء أمس الأول، عقد مجلس الوزراء اجتماعاً طارئاً لتثبيت الجبهة الداخلية وضبط مفاصل الدولة،
• صباح الأمس، انعقد مجلس الأمن والدفاع لمراجعة العمليات العسكرية واستكمال التحركات الاستراتيجية،
• فيما قدّم وزير الخارجية في مؤتمر صحفي رسائل حازمة تجاه أي تدخل خارجي، مؤكدًا أن السودان لن يقبل الإملاءات أو التسويات التي تمس سيادته.
هذا الترابط والتداعي المؤسس المنتظم لاجهزة الدولة وتكاملها، يلتقي في الوقت نفسه، بما شهدته محاور كردفان ودارفور من تحولات مفاجئة على الأرض: بانسحاب غامض لقوات مليشيا الدعم السريع من بابنوسة والنهود ومحاور رئيسية دون معارك ، مقابل تقدم ثابت ومنظم للقوات المسلحة والقوات المساندة، مما فتح الطريق عملياً نحو دارفور، لأول مرة منذ شهور.
رسائل الاجتماع الوزاري الطارئ
مخرجات الاجتماع لم تترك أي غموض:
• الحكومة مشددة على حماية مؤسسات الدولة وصمودها أمام أي تهديد داخلي أو خارجي.
• التركيز على ضمان استمرار الخدمات الأساسية للمواطن مع الحفاظ على الأمن.
• دعم كامل للجيش في عملياته العسكرية الحالية والمستقبلية مع استمرار التعبئة العامة، مع توجيه واضح بأن أي قوة تحاول إعادة إنتاج المليشيا ستواجه صرامة لا هوادة فيها.
اجتماع مجلس الأمن والدفاع: تحوّل نوعي في الإستراتيجية
الرسالة من الاجتماع كانت واضحة:
• الجيش ينتقل من الدفاع إلى الهجوم في كردفان ودارفور.
• أي محاولة من قبل التمرد لإعادة التموضع أو استعادة السيطرة ستصطدم بقوة منظّمة وحازمة.
• الاستفادة من الفراغ الذي خلّفه انسحاب المليشيا لإعادة ضبط المعادلة الميدانية والسياسية وبسط السيطرة الميدانية.
مؤتمر وزير الخارجية: خطاب صارم للعالم
في مؤتمره أكّد وزير الخارجية ما يلي:
1. رفض أي تدخل خارجي يهدد سيادة السودان أو يحمي مليشيا ارتكبت انتهاكات واسعة.
2. التزام كامل بالعملية الإنسانية، مع ضبط دخول المساعدات وحماية المدنيين دون أي تسييس او تبييض.
3. كشف الحقائق للعالم: الدعم الخارجي للمليشيا مسؤول عن استمرار الحرب، وسيتم مواجهته دبلوماسيًا واعلاميا وقانونيًا.
الخطاب أراد أن يقول بوضوح: السودان يملك زمام المبادرة، وسيحمي حدود الدولة وسيادتها مهما كانت كثافة الضغوط.
الميدان: تقدم الجيش وانهيار الدعم السريع
على الأرض، الأحداث تتحدث بصوت أعلى من أي خطاب:
• انسحاب الدعم السريع جاء بلا مقاومة، ما يعكس تراجع حاد في القدرة القتالية والتنظيمية وخطوط الإمداد .
• الجيش والقوات المساندة يستفيدون من الفراغ بسرعة، ويعيدون انتشارهم في مواقع استراتيجية.
• فتح الطريق نحو دارفور يعني أن القوات المسلحة أصبحت قادرة على فرض سيطرة شبه كاملة في الغرب. وجاهزة لاي احتمالات لجهة الخداع والمناورة
الربط بين السياسي والميداني: الحسم الاستراتيجي يلوح في الأفق
التزامن بين الاجتماعات الوزارية والأمنية، والخطاب الدبلوماسي، والتقدم العسكري على الأرض، يظهر أن الدولة السودانية تفرض الآن قواعد اللعبة وتوجه الخطاب الوطني:
• الرسالة الداخلية واضحة: الدولة متماسكة، والجيش على الأرض لا يقهر بسهولة، ويملك زمام المبادرة.
• الرسالة الخارجية صارمة: لا تسويات على حساب سيادة السودان، ولا حماية للمليشيا التي ارتكبت انتهاكات او منحها فرصة للإفلات من العقوبة.
• الميدان يفرض نفسه: فتح الطريق نحو دارفور يغيّر ميزان القوة، ويضع المليشيا في موقف دفاعي حاد، ومحاصرة في بعض المناطق.
الخاتمة: مرحلة الحسم الحازم
السودان اليوم ليس في موقع الدفاع، بل في مرحلة هجومية استراتيجية على كل المستويات: سياسيًا، دبلوماسيًا، وعسكريًا.
الانسحاب الغامض للمليشيا، وتقدم الجيش بلا مقاومة، والخطاب الدبلوماسي الصارم، جميعها إشارات واضحة إلى حسم حقيقي وشيك في مسار الصراع، ورسالة قوية لكل الداخل والخارج: لا تنازلات، ولا تراجع، وسيادة الدولة فوق كل اعتبار. ولا صدى للتشويش الذي تبثه الإمارات، او التصريحات المربكة لمسعد من ابوظبي
فهذا التوافق والاصطفاف المؤسساتي للدولة في الوقت الحالي دليل عافية وتماسك، ،كل مؤسسات الدولة السودانية في حالة استنفار سياسي وأمني تمثّلت في اجتماع طارئ لمجلس الوزراء ،أعقبه اجتماع مجلس الأمن والدفاع، ثم مؤتمر صحفي لوزير الخارجية ، ومقال السيد رئيس مجلس السيادة والحراك الذي أوجده. كشفت جميعها عن مواقف دبلوماسية أكثر صرامة تجاه التدخلات الخارجية. وتزامنت هذا الحراك المؤسسي المكثّف مع تطورات ميدانية غير مسبوقة، أبرزها الانسحاب المفاجئ لمليشيا الدعم السريع من بابنوسة والنهود ومحاور كردفان، وتقدم القوات المسلحة بثبات على الطريق المؤدي إلى دارفور.
وأظهرت مخرجات الاجتماعين – الوزاري والأمني – اتساقاً واضحاً في قراءة الموقف، حيث أكدت الحكومة أن البلاد تدخل مرحلة جديدة عنوانها تعزيز الجبهة الداخلية، وتثبيت السردية الوطنية، ودعم العمليات العسكرية في وانتظام التعبئة الوطنية، بمحوري كردفان ودارفور. واعتُبر هذا التحرك المؤسسي بمثابة رسالة مزدوجة: طمأنة للداخل، وتحذير للخارج من محاولات التأثير على مسار الحرب أو فرض تسويات تنتقص من سيادة الدولة.. وهي جميعها بشريات تشي بتقدم سيكتب المزيد من الاستقرار والهدوء ومجبر بكاملة لصالح طمأنة الشعب على أوضاعه الحياتية ، رغم التحديات الاخري على المشهد الإنساني وتبعات النزوح والهجرة الداخلية بكل فجواتها .
————-/-
٢٧ نوفمبر ٢٠٢٥ م

اترك رد

error: Content is protected !!