∆ بالتأكيد فإن المركز الروحي ( بضمها لمقدسات المسلمين) والاقتصادي والسياسي بالإضافة إلى الموقع الجغرافي جعل من المملكة العربية السعودية قوة فاعلة في الإقليم ومؤثرة على المستوى العالمي، ولا تستطيع أي معادلة سياسية قديمة أو مستحدثة في المنطقة أن تتجاوز السعودية بأي حال من الأحوال ،،، وكما هو معلوم أيضًا فإن ملفات الطاقة والنفط في العالم تبدأ وتنتهي عند أكبر مصدر للنفط في العالم بما يراوح صعودًا وهبوطًا على 10 ملايين برميل يوميًا ،، وصاحب ثاني أكبر احتياطي في العالم بما يقدر بـ268.5 مليار برميل، إلا وهو السعودية .
∆ كذلك وضعت السعودية مؤخرًا رؤيتها المستقبلية الطموحة لما بعد النفط فيما عرف برؤية 2030 وهدفها تحقيق استطاعة السعودية العيش من دون نفط بافتراض تدني أسعار النفط إلى مستويات سحيقة، وفي إطار الخطة بدأت المملكة فعليًا في استلام عدد من مشاريعها البالغة 80 مشروعًا حكوميًا عملاقًا، تبلغ كلفة الواحد منها ما لا يقل عن 3.7 مليار ريال وتصل إلى 20 مليار ريال ،، وبذلك لن تبقى المملكة أسيرة فقط لإنتاج النفط .
∆ (( مصدرٌ مسؤولٌ في وزارة الطاقة، يؤكد ما سبق أن أعلنت عنه المملكة من أنها لن تتحمل مسؤولية أي نقص في إمدادات البترول للأسواق العالمية، في ظل الهجمات التخريبية المتواصلة التي تتعرض لها منشآتها البترولية من المليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران. )) هذا الخبر الذي اوردته وكالة الأنباء السعودية “و ا س” في ٢٥ مارس الماضي مثل دلالة على قمة الأداء السياسي الضليع والمتماسك للسعودية في الدفاع عن مصالحها، وكيفية فرض خياراتها في لحظة تكالب دولي بُعيد انطلاق الحرب الروسية الأوكرانية، واستطاعت السعودية فعلًا ترتيب كل أوراقها وتوظيف كل علاقاتها محققة بذلك وقف العدوان الإرهابي وإعادة ترتيب المشهد اليمني، بما يبث أمل استقرار اليمن، وما يكفل للسعودية الحفاظ على مصالحها، ويؤكد مركزها ودورها الذي ذكرت آنفًا.
∆ أعلنت السعودية رسميًا في الأسبوع الماضي عن زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لها في منتصف الشهر القادم، وتابع العالم في الفترة الماضية ما بذلته الولايات المتحدة من طلبات وجهود للحصول على الموافقة السعودية لإتمام الزيارة بعد فتور واضح في العلاقة بين الدولتين كان سببه تنكر أمريكا لالتزامات سابقة مع المملكة ،، وكما هو معلن أيضًا فإن الولايات المتحدة تهدف بالمقام الأول من الزيارة معالجة أزمة أسعار الطاقة بعد نشوب الحرب الروسية الأوكرانية ،، لكن اتضح أيضًا أن السعودية تهدف من خلال هذه الزيارة إعادة ترتيب كثير من الأوراق بالمنطقة بحكم مركزيتها وتأثيرها، فقضايا إيران والنووي، واليمن، وأمن البحر الأحمر تأتي على قمة هذه الأجندة، لذلك رتبت السعودية لاستضافة فاعلين أساسيين في المنطقة خلال نشاط الزيارة التي ستعقد خلالها قمة لدول مجلس التعاون الخليجي ـ وسيكون حضورًا الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وملك الأردن والرئيس العراقي .
∆ الدعم السعودي لاستقرار السودان وأمنه وتنميته لم تنقطع وتيرته منذ تاريخ انطلاق العلاقة بين السودان والسعودية، ومؤخرًا تلاحظ أدوار المملكة العربية السعودية الإيجابية في ملف القضية السودانية، والنشاط الكثيف لسفيرها بالخرطوم لتحقيق هذا المرام، وبالتأكيد إن ملف السودان ليس بعيدًا مما يجري وسيجري من تفاهمات ومشاورات إقليمية متوقعة، واللقاء الذي استضافه السفير السعودي علي بن حسن جعفر في مقر إقامته الخميس قبل الماضي بحضور مساعدة وزير الخارجية الأمريكي والذي ضم ممثلي المكون العسكري وممثلي قحت ـ المركزي، والذي كسر حاجز الممانعة بصورة علنية، يصب في المقام الأول لصالح الاستقرار في السودان،، لكنه ترتيب ثانوي في ملف أكبر من ـ قوى الحرية والتغيير ـ كأحد المكونات، معني بتفاهمات إعادة ترتيب أوراق المنطقة التي من ضمنها أمن البحر الأحمر الذي تضطلع بها المملكة العربية السعودية بحكم مركزها مع الولايات المتحدة الساعية هي أيضًا للبحث عن مصالحها في المنطقة .
∆ كل الأمل في أن يستفيد السودان من فرص سانحة متوقعة، وأن يوظف علاقاته مع الدول الصديقة كالسعودية برشد وإدراك لمصلحته، في عالم حاضر صارت فيه شفرة العلاقات هي (المصالح) دون إفراط ولا تفريط، وبلا شك إن لعب هذا الدور لصالح البلد يتطلب الحنكة والحكمة، مع إيجاد الكادر الوطني المؤهل الذي يحسن إدارة تفاصيل الملفات،، وإلى الملتقى ..