الرواية الأولى

نروي لتعرف

هوامش / د. كرار التهامي

الحرب الموازية :كيف تدير الأيدي الغريبة المعركة الإعلامية ضد السودان


“اكذب اكذب حتى يصدقك الناس”
جوزيف جوبلز

السفير د. كرار التهامي


تقاطعات كثيرة بين نظرية جوزيف جوبلز وزير الدعاية في عهد هتلر وماكينزمات الحرب الإعلامية التي تقودها غرف دعاية المتمردين المسنودة بمجموعات إعلامية عملاقة و شركات علاقات عامة مستأجرة بأموال طائلة في اكبر عملية ارتزاق إعلامي في الحروب المعاصرة
▪️لقد اشتهرت نظرية جوزيف جوبلز حتى اصبحت منهجا في إعلام الحروب والصراعات واغتيال الشخصية فكيف تتقاطع ممارسة إعلام التمرد مع نظرية جوبلز
▪️اولا :-
يؤمن جوزيف جوبلز ان التكرار يصنع الحقيقة في أذهان الجماهير فالدعاية الناجحة لا تكتفي بإطلاق الرسالة مرة، بل تُكررها حتى تُصبح “حقيقة شعورية” تعبر إلى ما دون الوعي subliminal حيث تدخل في عقول البسطاء دون مقاومة
▪️هكذا فعلت الغرف الإعلامية التي تقود إعلام المتمردين وطبقوا هذه النظرية بحذافيرها وطفقوا يكررون نفس الحجج الواهية في توصيفهم للحرب او مايسمى بموضوع التعبئة theme فروجوا في البداية انها (حرب مصالح )ثم تحولت الى (حرب جنرالات) ثم (حرب الفلول )
▪️ثم اهتدوا إلى الفكرة التي يمكن تسويقها بصورة اسهل خاصة في بعض البازارات السياسية داخل وخارج السودان وهي فكرة (الطلقة الاولى) فشغلوا بها الناس كثيرا وروجوا لان الجيش هو من أطلق الطلقة الاولى ولكن لم تؤتي هذه الفكرة أكلها لان الإرهاصات والمشاهد الميدانيةكانت شاخصة وتدل على تدبيرهم المسبق لارتكاب هذه الجريمة قبل الزحف نحو مروي بشهور وشهد شاهد من اهل الإعلام على مشروع الانقلاب الذي كانوا يخططون له حيث اطلع الصحفي المثير للجدل المهندس عثمان ميرغني على مشروع الانقلاب و أسماء وزراء الانقلاب من خلال لقاء الثلاث ساعات الغامضة مع مدبر الانقلاب ورأس الحية محمد حمدان دقلو قبل الانقلاب بساعات
▪️هكذا سقطت فكرة الطلقة الاولى مع العلم بالضرورة ان الجيش في اي بلد له سيادة وشخصية هو الوحيد دستوريا وقانونيا الذي يملك حق إطلاق اي طلقة أولى او اخيرة وفقا لتقديراته المتعلقة بالأمن وصيانة الدستور وحفظ بيضة الدولة فاصبحت فكرة الطلقة الاولى واهية بكل مافيها من سخف وسذاجة
▪️ثم تبخرت فكرة انها (حرب جنرالات) فالذين ماتوا بآلاف والذين شردوا واغتصبوا كانوا من عامة الشعب و من الفقراء والمساكين لم يكونوا عسكريين ناهيك ان يكونوا جنرالات
▪️ثم دخلت على الخط فكرة( الطرف الثالث )الذي أطلق النار وهنا كما خرج ارخميديس من الحمام يصبح “وجدتها وحدتها وجدتها” اكتشفت غرف الاعلام المستأجرة قانون الطفو السياسي و ان عليهم تكرار القول بان الإسلاميين هم الذين اشعلوا الحرب
▪️وهي فكرة لهم فيها مآرب كثيرة إذ بمكن تسويقها محليا بتخذيل خصوم الإسلاميين الذين يبادلونهم الغبينة الفكرية والثأرات السياسة في الداخل منذ سنوات حكمهم المتطاولة وما قبلها كما يمكن تسويقها في الخارج في غمرة الهواجس الإقليمية و فوبيا الاسلام والارهاب رغم ان إسلاميي السودان هم أقرب إلى احزاب الطبقة الوسطى العلمانية من جماعات الاسلام المتشددة في البلدان الأخرى وبمقدورهم الانسجام في اي نظام تعددي او فصيل فكري إلى درجةًالدعوة إلى التحالفات مع خصومهم الماركسيين التي أطلقتها القيادية الإسلامية سناء حمد وبلغوا بذلك مرحلة من مراحل الإسلام السياسي الليبرالي الديمقراطي كماهو حال الاسلاميبن في المغرب وسوريا وبلاد اخرى عديدة وكحال الاحزاب المسيحية في غالب دول اوربا والتي قامت بطلاء واجهاتها السياسية الدينية بطلاء علماني و ليبرالي

▪️ثانيا :
يرىً جوبلز أن غالبية الجماهير لا تستطيع فهم القضايا المعقدة، لذلك يجب تبسيط الرسالة إلى شعار واحد أو فكرة واحدة سهلة الفهم، مثل:“اليهود هم سبب أزماتنا”لذلك درج اعلام الجنجويد على التركيز على فكرة واحدة سريعة الاستيعاب فالحرب هي (حرب الإسلاميين ثم مع تكرار اسماء رموز و قيادات الإسلاميين باستمرار من باب ذرع الفكرة في اللاشعور لرجل الشارع الذي يمكن ان تنطلي عليه هذه الحيلة في الوقت الذي يحارب فيه الشعب بكل الوان طيفه وأحزابه وعقائده ويقدم المهج والأرواح دفاعا عن بلده
▪️ثالثا :-
يقول جوبلز ( اكذب اكذب اكذب حتى يصدقك الناس) احتار الناس في الطريقة والبرود الذي يكذب به الموالون للجنجويد دون ان يطرف لهم رمش فهو ينكرون الدخول في البيوت والاغتصاب وينكرون القتل والسحل والسرقة حتى تكاد تصدقهم من برودهم وقوة عينهم والغريبة كلهم متفقون على هذا الكذب المثقف والقاتل والسارق والطالح والصالح والعاقل والمجنون مما يدل على ان الأفكار تديرها الغرف الإعلامية وشركات العلاقات العامة الاحترافية

▪️رابعا
كان جوبلز ومؤسسة الدعاية propaganda التي تعمل معه يتعمدون تسريب رسائل داخلية اثناء الحرب أو نشر بيانات لإظهار فساد أو فشل القيادة، السياسية مستفيدين من شغف الصحفيين و و لعهم بالسبق الصحفي لتقويض ثقة الجمهور في قيادتها خلال النزاعات السياسية والعسكرية لان ذلك يضعف معنويات المحاربين لذلك تجد كثير من الأخبار المرسلة تشكك في القيادة و تصدر أحيانا كثيرة من الموالين قصيري النظر ويطير بها إعلام العدو فرحاً بينما لا ينتقد المتمردون قيادتهم الهاربة المهزومة
▪️نحن في حاجة لمراجعة آليات وديناميكيات الحرب الموازية حرب الطروس والأقلام انها لاتقل تاثيراً من حروب الدبابة والبندقية والله المستعان

اترك رد

error: Content is protected !!