سوف تحدث الحرب ما بين روسيا وأوكرانيا أثراً مزلزلاً على استقرار الاقتصاد العالمي. وقد بدأت نذر ذلك بارتفاع أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية لما يقارب 100 دولار للبرميل، في حين بنت غالبية الدول موازناتها للعام 2022 على سعر يتراوح ما بين 60 الى 70 دولار للبرميل.
سوف يعاني الاقتصاد السوداني من ارتفاع أسعار النفط عالمياً بسبب انه يستورد احتياجاته من الجازولين والفيرنس والبنزين والبوتاجاز وزيوت التشحيم من الأسواق العالمية، وحسب إحصاءات بنك السودان المركزي فقد بلغ الاستيراد من هذه المواد خلال الفترة من يناير الى سبتمبر 2021 مبلغ 157.2 مليون دولار. ومع الزيادات الحالية في الأسعار العالمية يتوقع أن يتجاوز استيرادنا مبلغ 250 مليون دولار في العام 2022.
يتوقع كذلك حدوث ارتفاع في أسعار القمح في الأسواق العالمية بسبب تأثر سلاسل الامداد من روسيا وأوكرانيا وهما من أكبر منتجي ومصدري القمح والحبوب في العالم. لقد بلغ استيرادنا من القمح خلال الفترة من يناير الى سبتمبر 2021 مبلغ 316.3 مليون دولار. ومع الزيادات المتوقعة في أسعار القمح عالمياً يتوقع أن يصل استهلاكنا من القمح المستورد خلال العام 2022 مبلغ 500 مليون دولار.
على المستوى الثنائي فإن وارداتنا من روسيا خلال الفترة من يناير الى سبتمبر 2021 كانت حوالي 160 مليون دولار أغلبها الوارد من سلعة القمح، ولم نصدر شيئاً لروسيا خلال هذه الفترة.
أما وارداتنا من أوكرانيا خلال الفترة المذكورة فقد كانت 19 مليون دولار فقط عبارة عن مواد غذائية ومصنوعات، وصادراتنا لها كانت أقل من 260 ألف دولار.
وفقاً لهذه الأرقام فإن أثر الحرب على الاقتصاد السوداني سوف يتركز في ارتفاع أسعار مستورداته من القمح والمواد البترولية.
في حالة استمرار هذه الحرب لفترة طويلة أو متوسطة فقد يستفيد الاقتصاد السوداني من خلال اتجاه المستثمرين الأجانب للاستثمار في حقول البترول الواعدة في أواسط وجنوب السودان. والاستثمار كذلك في زراعة القمح في ولايتي الشمالية ونهر النيل لتغطية حاجة جمهورية مصر على وجه الخصوص وهي أكبر مستورد للقمح على مستوى العالم.
للدراسة المتعمقة لآثار هذه الحرب على الاقتصاد السوداني نقترح تشكيل خلية أزمة بوزارة المالية والاقتصاد الوطني، تضم الوزارات والأجهزة المختصة، فضلاً عن اتحاد أصحاب العمل، ونخبة من الخبراء، للخروج بتوصيات لتجاوز الآثار السالبة، والتخطيط للاستفادة من الفرص المتاحة. والله الموفق.