الرواية الأولى

نروي لتعرف

الرأي

وما ادراك ما الرباعية ؟!

المسلمي البشير الكباشي

الرباعية المُكوَّنة إبتداءً من امريكا والسعودية والإمارات وبريطانيا ،والتي انسحبت بريطانيا من عضويتها مؤخراً دون الإعلان عن هذا الانسحاب ،
وانضمت اليها مصر ، هذا الكيان بالرغم من أنَّه شديد التأثير في الواقع السياسي السوداني إلا أنّ كثيرين يعتبرونه كياناً غريب الأطوار .. فإن سألت عن منْ كَوَّن الرباعية ومتى على وجه التحديد ولماذا فلن تجد جواباً ،وستزداد علامات الاستفهام!
فقد ظهرت الرباعية ابتداء ً بتحركات سفراء دولها في المشهد السياسي السوداني -عدا مصر المنضوية مؤخراً- بعد سقوط نظام الرئيس عمر البشير في أبريل 2019م وازداد نفوذها باضطراد واصبحت كياناً يشار إليه بالبنان بعد التغيير الذي حدث في 25 أكتوبر 2021م . والذي انتهت بموجبه سلطة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك والقوى الساسية التي شكلت قوام حكومته في ذلك الوقت .
لم تنبثق الرباعية عن تفويض منظمة إقليمية أو دولية ،من شأنها تأسيس مثل هذه المنظومات .ولم تكن اتفاقاً بين الحكومة السودانية ومجموعة الدول المكونة لها ..ولا تستند على مشروعية قانونية تخولها الدخول في المشهد السياسي السوداني والقرار بشأنه ،وتكييف مساره السياسي .فلا الرباعية انبثاق عن مجلس أمن ،ولا عن محكمة دولية ،ولكنَّها مع كل ذلك غدت شديدة الوقع على الواقع السياسي في البلاد ،.ومن هذا الواقع الغريب يتولّد سؤال ..من أين للرباعية الثقة بسلطة اكراه السودانيين بمكوناتهم السياسية كافة ،بما فيها الجيش ،كما تشير قوة بياناتها ومواقفها التي تصدرها حول السودان كما لو كانت المتحكم في تفاصيل الماجريات السياسية فيه؟!
الرباعية تعبير عن حالة غريبة من أدواء الدول حين تفقد مناعتها السياسية ،فلا مشروعية لها غير انها تسللت من خلال الوهن الذي أصاب السلطة السياسية بعد سقوط نظام البشير ،فقد فرضت نفسها من خلال تجمع واجتماعات سفراء دولها في العاصمة الخرطوم-عدا مصر المنضمة مؤخرا-،وغدت تتقوى بتسامح القوى السياسية المكونة للسلطة حينها سواء أكانت مدنيةً تمثلها قوي الحرية والتغيير أو عسكريةً يمثلها الجيش السوداني وقوات الدعم السريع .بل بالتعاطف والتعاون معها حتى استطاعت استزراع جذور الحرب التي تدور في السودان منذ أكثر من عامين ،عبر ضغوط فرضت بها الاتفاق الإطاري الذي وُقِّع عليه تحت اكراه وضغط الرباعية والثلاثية المكونة من بعثة الأمم المتحدة التي كان يرأسها فولكر بيرتس ،والاتحاد الأفريقي والإيغاد ،وان اختلفت رؤية الأخيرتين إلا بسوقهما تحت ضغط البعثة الأممية .
تتعرض الرباعية باستمرار الى انتقادات قوية من قوى سياسية مختلفة منذ أن عُرفت وارتفع دورها ، ولا تجد قبولاً إلا من اتجاه الدعم السريع ،والقوى التي كانت تشكل الحرية والتغيير وما استنسخ منها لاحقاً بمسميات تقدم وصمود.
فالرباعية عند أكثرية السودانيين كيان مصدره مجهول ،وتكوينه مريب ،يسعى دائماً لتقويض السيادة الوطنية تحت دفع اجندات خارجية وتضغط لقبول اتفاقات متسرعة وغير ناضجة ،تثير الاضطراب وتؤجج الصراع وتفجر الحروب كما الشأن في الاتفاق الإطاري الذي تم توقيعه في الخامس من ديسمبر 2022م كما ذكر حميدتي في إحدى مخاطباته،(وقَّعنا حتف انوفنا )وأشار في خطابه بتاريخ 9 أكتوبر 2024م إلى أنَّ الاتفاق الإطاري هو ما تسبب في الحرب .
وقد أحدث السلوك السياسي لهذا الكيان حالة انقسام سياسي ، بتفجير الداخل وإزكاء الوقيعة بين مكوناته ،بالانحياز إلى مجموعات سياسية وعسكرية في مواجهة أخرى ،ما اشعل صراعاً ضارٍ ،كما حدث في حالة الانحياز للدعم السريع والقوى المساندة له في مواجهة تيارات إسلامية ووطنية ،ما استعصت معه التفاهمات التى تقود إلى تحقيق توافق يؤدي إلى استقرار يحول دون الحرب التي اندلعت في منتصف أبريل العام 2023م. او غيرها من تداعي المواجهات والحروب .
في بيانها الأخير لم تكتف الرباعية بتبخيس أمر الجيش السوداني وحكومته وشعبه الذي يقف خلفه بمساواته مع قوات الدعم السريع ،بل ذهبت في رسم خارطة طريق خاصة بها لحل الأزمة السودانية لم تشعر بأية أهمية للتشاور مع الجيش بشأنها بل ذهبت إلى تنحيته تماما عن أي دور في تشكيل مستقبل بلاده .
وهذا سلوك منطقي في سياقه ليس بقوة الرباعية وقدرتها على فرض نفوذها ، ولكن بسعة الإباحة والمأذونية التي اتيحت لها لتشكيل الواقع الذي أفضى للحرب .
السودان أمام فريضة اللحظة التي لا تنتظر وهي
تفكيك الوضع الذي وجد نفسه فيه بعد إفساح مساحات تسلل الرباعية إلى صلب المسألة السودانية وتشكيل كيان مهما غابت مشروعيته ،يمتلك من الجرأة ما يمكِّنه من تدخل سافر تزداد فرص تعقيده كلما استطال زمن التعايش معه .

اترك رد

error: Content is protected !!