الراصد / فضل الله رابح

هل ستقبل أمريكا بالسودان بدون البرهان ..؟؟


فضل الله رابح

الولايات المتحدة الأمريكية لا ترغب فى حميدتي ولا وجود مليشياته على ظهر البسيطة لكنها بصورة او بأخرى تدعم وجوده لإحداث الفوضي وخلخلة ركائز الدولة السودانية ولذلك صمتت عن كل جرائمه وإنتهاكاته للإنسانية وللقانون الدولى فى السودان ولم تطلق عليه لقب مرتكب جرائم حرب ومنتهك الإبادة الجماعية الا بعد أن تأكدت إنه إنتهى وهزم ميدانيا والجيش صنع معجزات وأحدث التوازن وغير المعادلة الميدانية لصالحه ، واشنطن مع كراهيتها للدعم السريع تحتفظ بإهتمامها بالمنظومة الأمنية الرسمية للدولة متمثلة فى الجيش وجهاز المخابرات العامة والشرطة ولا يمكن أن تستغنى عنها بمثلما لا يمكن الاستغناء عن السودان كمدخل لعمق أفريقيا ، وهى تدرك أن السودان مفتاح المنطقة الغنية بالموارد المكتشفة والتى لم تكتشف بعد ، وذلك منذ القدم وقبل أن تتخلق أمريكا ، منذ زمان العثمانيين ومماليكهم و الفرس والإغريق والرومان والفرنسيين والبريطانيبن ، حتى عصرنا الراهن.

 لذلك حتى لو تمّ الاتفاق مع أمريكيا على اساس المصالح او بالطريقة المذلّة مثل التى أدت إلى إنفصال الجنوب فإنهم لن يتركوا السودان وشأنه حتى يستقر ، الرئيسان عمر البشير وعبد الفتاح البرهان فى إستراتيجية أمريكا تجاه السودان واحد .. ذات سيناريو العقوبات على البرهان إستخدم مع البشير ترغيبا وترهيبا لكنه لم يكسر ارادة السودان واليوم تلوح واشنطن بكرت العقوبات لفك الخناق على من تبقى من مليشيا ال دقلو واعوانهم السياسيين لكنه سلاح مجرب لا يزيد الشعب السوداني الا التفافا حول جيشه وقائده البرهان ، الشعب السودانى لن يقبل بالمليشيا وال دقلو وتنسيقية تقدم الا بعد محاسبتهم قانونيا وغسلهم وسيمضي على هذا الطريق حتى لو خسر كل شئ فليس لديه ما يخسره أكثر من الذي خسره فى حرب الكرامة .. أما الذين يحاولون إستدرار عطف الشعب السودانى والرأي العام بأن أمريكا رفعت عقوباتها عن السودان بعد ذهاب الانقاذ وأن البلد تنفست الصعداء لكنها اليوم موعودة بأزمة أكبر وخراب أبشع على خلفية التلويح بالعقوبات الجديدة ضد البرهان .

  إن الشعب السودانى لا يمكن أن يتصور أنه يعيش أزمات وسوء حال أكثر من الذي عاشه بفعل الدعم السريع وتنكيله بالمدنيين الابرياء وتدمير كل مكاسب الشعب السودانى العامة والخاصة والبنية التحتية التى شيدت منذ فترة ما قبل الاستقلال ، كلها اليوم صارت خراب ورماد تذروه الرياح ولا يمكن أن يتوقع عقوبة أقسي من هذا الواقع والذي لاحت بشارات التعافى والتخلص منه بإنتصارات الجيش وفتوحاته .. 
  فالعقوبات الأمريكية لم ترفع عن السودان أصلا وخلال السنوات العشر الاخيرة من فترة عمر البشير قام الرئيس الأمريكية دونالد ترمب فى ٢٠١٧م بإصدار قرار برفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان منذ العام ١٩٩٧م ، وجاءت إدارة الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش وسعت من نطاق هذه العقوبات في 2006م في ظل ااحرب في دارفور حينها ، لكن إدارة الرئيس السابق باراك أوباما خففت من هذه العقوبات مع نهاية رئاسته وذلك فى أعقاب مساهمة السودان فى مكافحة الإرهاب وتحسن أوضاع حقوق الإنسان كما قالت الادارة الامريكية وقتها . 
   تم الاتفاق مع الامريكان على رفع العقوبات فى المرحلة الأولى مقابل حوافز محددة منها إزالة بعض القيود الأميركية عن السودان وأن تعود بالنفع على الأعمال التجارية الصغيرة التي ظلت تعاني منذ عقود دون الوصول الآمن إلى المستثمرين الأجانب والنظام المالي الدولي وفك الأرصدة المجمدة والسماح بالتحويلات البنكية إستمر الأمر حتى جاءت مفاوضات المرحلة التانية والمخصصة لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب ولكن السودان حتى تلك اللحظة لم ياخذ حوافز المرحلة الأولى على رأسها التحويلات البنكية التى لم تفعل فتعثرت الفترة لانه لم يتمكن أى سودانى من تحويل دولارا واحدا من أمريكا عبر البنوك ، استمر الوضع حتى جاءت فترة الحرية والتغيير وتعيين عبد الله حمدوك رئيسا للوزراء وبسذاجة سياسية وحماقة من حمدوك تم خداع السودانيين ودفع حكومة السودان لسداد تعويضات المحاكم ودفع أموال طائلة تلك العملية التى كلفت السودان وأدت لرفع الدولار بالسوق بشكل جعل السودانيين يكفرون بشعارات ( شكرا حمدوك ) بل (إشتهوا ) فترة عمر البشير وطالب بعضهم بعودته مرة اخرى للحكم .. ولذلك أي حديث عن عقوبات على البرهان اليوم أشبه بدخان خرج من ثقب عود ويصبح دخان وشالوا الهواء ولكن اذا هناك قيمة مضافة حقيقية لما يشاع عن قرارات ضد البرهان أنها ستوحد السودانيين أكثر وستجعل الحكومة السودانية تعول أكثر على الحلول الداخلية للقضايا الوطنية كما ان الخطوة الأمريكية ستقلل فرص المبادرات الخارجية التى بات يراهن عليها البعض ويقدمها على الحوار الوطنى المحلى بل أن البعض يراهن على الخارج كروافع أساسية كما أن الخطوة الأمريكية ستجعل حكومة السودان برئاسة البرهان تعظم التعامل مع الملف الامريكي وتعزز الممسكين به بكادر وطنى ذو خبرة قوية فى التعامل مع المفاوض الامريكي المراوغ ..

رجل أمريكا في المنطقة الخصيبة ، سيما حول السودان أصبحت معلولة بل مكسورة ، فدولة جنوب السودان اذا لم ينتبه سلفاكير إن الإطالة به أصبحت مسألة وقت ، وقد إتسعت الاستراتيجية الروسية بالمنطقة ، وكثير من بلدان أفريقيا وبعض دول المنطقة العربية ذهبت على خط نسيان واشنطن ، وركنها في درج النسيان ودفاتر التاريخ.

صوت روسيا بغرب أفريقيا أصبح اكثر وضوحا وفصاحة ، في التخلي عن سياسات بعض دول الغرب سيما فرنسا وأمريكا ، الدبلوماسية الروسية صارت أفعل فى دفع مسار العملية السياسية والاقتصادية فى أفريقيا والسودان ليس بمعزل ، وعندما نقول الاستراتيجية الروسية نعنى الكتلة الاسيوية والاوربية والافريقية المتحالفة معها على راسها ( الصين .. تركيا .. إيران ودول أوربا ) ..
روسيا وسعت قواعدها في بعض المناطق وأحبطت نوايا الطامعين فى إغلاقها بل لديها تواصل دائم مع حلفاءها وداعمة لهم فى كل المحافل وهى ترتبط مع الكثيرين حضاريا وسياسيا وعسكريا بصورة أكثر من أمريكا وهى دائماً تحرص على مصلحة الدول المتحالفة معاها وتساعدهم ..

   نخلص إلى أن واشنطن لا تقبل بالسودان الا وهو دولة ضعيفة تابعة ولا تقبل به وعلى رأسه قائد لديه إرتباط بالمؤسسة العسكرية وله قواعد شعبيه كبيرة ومتماسكة  .. أمريكا تريد السودان دولة ضعيفة وجيش أضعف .. جيش يأخذ مرتباته من المعونة الأمريكية وإلا ستعمل على تفكيكه وإضعافه فهى لا تنوى التخلص منه لكنها تريد الإحتفاظ به ضعيفا وذليلا حتى لو أدى ذلك للتخلص من رأسه ..

اترك رد

error: Content is protected !!