هل انتهى عصر عولمة الاقتصاد؟ .. تأثير قرارات ترامب على قواعد التجارة الدولية وانعكاسات ذلك على المنطقة العربية
⬅️ الآثار السلبية تستوجب معالجة اختلًالات النظام التجاري بالحوار وإصلًاح منظمة التجارة لتحقيق التوازن
⬅️ تشجيع القنوات الدبلوماسية لحل الخلافات بدلاً من الإجراءات الأحادية بالتنسيق بين القوي الكبري لإصلاح شامل للنظام التجاري العالمي
⬅️ المناطق الحرة في جبل علي وقناة السويس وجدة وطنجة وسلطنة عمان مناطق محتملة لجذب استثمارات الدول المتضررة من الجمارك


السفير د. كمال حسن علي
الامين العام المساعد لجامعة الدول العربية – ورئيس القطاع الإقتصادي
بسم الله الرحمن الرحيم
تقديم:
بعد نهاية الحرب العالمية الثانية سعت الدول المنتصرة إلى إعادة هندسة النظام العالمي فأنشأت منظمة الأمم المتحدة و في اطارها وضعت أسس و قواعد النظام الاقتصادي العالمي لضبط العلاقات الاقتصادية بين الدول و لمعالجة السياسات التجارية و النقدية و المالية منعا لتكرار الكساد الكبير ( the great depression ) الذي حدث خلال فترة الثلاثينات حيث قامت الدول خاصة الصناعية الكبرى سعيا لمعالجة ضعف نشاطها الاقتصادي بزيادة القيود المفروضة على الواردات و المنافسة في تخفيض أسعار عملاتها لزيادة الصادرات مما أدى على انخفاض حجم التجارة العالمية و انعكاس ذلك في انخفاض الناتج العالمي و توظيف العمالة.
عقد و برعاية من الولايات المتحدة الأمريكية، مؤتمراً في بريتون وودز (Bretton Woods) في العام 1945 تمخض عنه إنشاء صندوق النقد الدولي (IMF) بهدف منع وقوع الأزمات المالية في النظام النقدي الدولي من خلال تحقيق التعاون الدولي في النقود وللتخلص من القيود على الصرف الأجنبي وتحقيق استقرار في أسعار الصرف لتسهيل المدفوعات بين الدول كما أنشأ البنك الدولي World Bank Group بهدف إعادة بناء اقتصاديات الدول الأوروبية التي تم تدميرها خلال الحرب العالمية الثانية ثم تطورت أهدافه لتشجيع النمو و التنمية الاقتصادية و الاجتماعية في الدول الأعضاء.
المؤسسة الثالثة التي كانت يجب أن تنشأ تزامنا مع صندوق النقد الدوليوالبنك الدولي هي منظمة التجارة العالمية، ولكن لتحفظات من الكونغرس الأمريكي مرتبطة بالمصالح الامريكية تأخر إنشائها حتى العام 1995 واستعيض عنها بالاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة (الجات GATT)The General Agreement on Tariffs and Trade)) وهي اتفاقية متعددة الأطراف وقعت عليها الدول المؤسسة في هافانا وهدفها إزالة الحواجز التجارية (الجمركية وغير الجمركية) ثم استبدلت بها منظمة التجارة العالمية
– world Trade Organization) WTO) التي أنشأت باتفاقية مراكش في يناير 1995 بهدف الإشراف على تجارة السلع – ما عدا البترول – و تجارة الخدمات و الملكية الفكرية و الاستثمار و جوانب البيئة المؤثرة على التجارة كما تعمل على تسوية المنازعات التجارية بين الدول الأعضاء و مراجعة سياساتها التجارية.
و تعمل المنظمة على تحرير التجارة الدولية من خلال تخفيض القيود التعريفية عند أدنى مستوى ممكن و غير التعريفية أو الكمية و معالجة مشاكل الإغراقوالدعم من خلال جهاز فض النزاعات.
شكلت هذه المؤسسات الاقتصادية ركائز للعولمة في مجال الاقتصاد وخدمتبالأساس مصالح الدول الصناعية المتقدمة التي سعت إلى رفع قيود التجارة في المجالات التي تحوز فيها قدرة تنافسية عالية مثل السلع الصناعية والخدمات المالية والمصرفية وخدمات الاتصالات وحركة عنصر راس المال فيما يقل التحرير او يكبل بالقيود في المجالات التي لا تتمتع فيها بمميزات تنافسية عالية مثل السلع الزراعية والمنسوجات وحركة عنصر العمل.
ما هو هدف سياسات الرئيس ترامب الجمركية:
تعتبر الولايات المتحدة الامريكية هي مركز الاقتصاد الدولي طيلة القرن الماضي، ولكن الصعود الاقتصادي السريع للصين مع مطلع هذا القرن والمصحوب بنهضة تكنلوجية متطورة أصبح مهددا لها ولذلك تسعى جاهدة للحفاظ على زعامتها الاقتصادية.
و قد أطلق الرئيس الأمريكي ترامب شعارا سياسيا في حملته الانتخابية الأولى و هو جعل أمريكا أولا ثم اتخذ شعار حملته الانتخابية في رئاسته الثانية جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى (Make America Great Again ) و يبرر الرئيس ترامب سياسته الجمركية بأن الولايات المتحدة واقعة تحت غبن تجاري وان الدول تستغفل الولايات المتحدة وتفرض رسوم اكبر على المنتجات الامريكية مما أدى إلى تحول الميزان التجاري لغير صالحها و هو في حقيقة الأمر يسعى الىزعزعة هيكلة التجارة العالمية و إعادة نقل و هيكلة سلاسل الإمداد و بالتالي تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى أمريكا و هو في سبيل تحقيق هذا الهدف يستخدم سلاح الرسوم الجمركية لتحسين القدرة التنافسية للمصنعينالأمريكيين حيث فرض رسوم متفاوتة القيمة على اكثر من 200 دولة وجزيرة وإقليم حول العالم بتركيز أكبر على الصين والاتحاد الأوروبي و كندا و المكسيك كما يستخدم وسائل الضغط السياسي العنيف وأحيانا التلويحباستخدام القوة العسكرية لتحقيق مكاسب اقتصادية لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة لأمريكا وعودة الشركات الامريكية الكبرى الى الأراضي الامريكية
مبررات ترامب بالغبن الاقتصادي غير موضوعية لأنه يركز فقط على الميزان التجاري السلعي في حين أن الميزان التجاري يتكون من سلع و خدمات و يميل ميزان التجارة في الخدمات لصالح الولايات المتحدة حيث تمثل حصة الولايات المتحدة من صادرات الخدمات العالمية في 2024 حوالي 12,7% مستفيدة من قوتها في قطاعات مثل التكنولوجيا والمعلومات والخدمات المالية والمصرفية وإدارة الأصول والتامين و الاستشارات الإدارية والقانونية والهندسية والمحاسبية وغيرها من القطاعات الخدمية حيث بلغت صادراتها من الخدمات حوالي 929,2 مليار دولار أمريكي و وارداتها حوالي 635,9 مليار دولار أمريكي بفائض تجاري بلغ حوالي 293 مليار دولار أمريكي مما يعكس قوة الولايات المتحدة كمصدر للخدمات.
أثر قرارات ترامب على الاقتصاد العالمي:
الولايات المتحدة الأمريكية دولة ذات أهمية كبيرة في التجارة العالمية والمجتمع المالي حيث إن ناتجها المحلي الأجمالي (GDP ) يمثل حوالي ربع الناتج العالمي.
بلغ الناتج المحلي العالمي في العام 2024 حوالي 105 تريليون دولار امريكي،فيما بلغ الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة 27 تريليون دولار بنسبة 25,7% وبلغ ناتج الصين 17,7 تريليون دولار بنسبة 16,9% والاتحادالأوروبي حوالي 17 تريليون دولار بنسبة 17,2%. الصين تحتل المركز الثاني عالميا حسب الناتج المحلي الاجمالي، ولكنها تتفوق على الولايات المتحدة وتصبح أكبر اقتصاد في العالم إذا تم قياس الناتج المحلي الإجمالي حسب تعادل القوة الشرائية (PPP) Purchasing power parity ، وهو مفهوم اقتصادي يستخدم للمقارنة بين العملات المختلفة بناءا على ما يمكن شراؤه بها داخل كل دولة وليس فقط على سعر صرفها.
أما من حيث الانفاق الأستهلاكي فإن الولايات المتحدة تتصدر بفارق كبير حيث تشير إحصاءات العام 2024 ان الولايات المتحدة تنفق حوالي 18,5 تريليون دولار فيما تنفق الصين 6,5 تريليون دولار و الاتحاد الأوروبي 10,8 تريليون دولار في العام 2024 وتظهر الأرقام أن الفرد الأمريكي ينفق استهلاكيا أكثر بكثير من غيره حيث يبلغ انفاقه السنوي حوالي 54.4 الف دولار، يليه الياباني بإنفاق سنوي يبلغ 25 الف دولار ثم الأوروبي ب 24 الف دولار بينما الفردالصيني ينفق 4,6 الف دولار والهندي 1,5 الف دولار وهما الأقل انفاقا للفرد رغم ضخامة اقتصادهما الكلي.
هذه الأرقام تبين الحجم الكبير للاقتصاد الأمريكي ولذلك اية سياسات اقتصادية أمريكية تلقى بظلالها على الاقتصاد العالمي. وقد أدت قرارات الرئيس ترامب العدائية برفع الرسوم الجمركية على جميع الواردات من كل دول العالم خاصة الواردات الصينية والكندية وواردات الاتحاد الأوروبي على اشعال حرب تجارية عالمية جعلته يتراجع بتخفيض بعضها او تجميدها لفترة زمنية محددة أو سحبها استجابة للمفاوضات التجارية وردود فعل سوق الأسهم.
وقد أدت هذه التقلبات في سياسات ترامب الجمركية الى انهيار في أسواق المال العالمية وحققت كثير من أسهم الشركات الكبرى خسائر فادحة وتراجعتالثقة وتباطأ نمو التجارة الدولية وستكون الأسواق الناشئة خاصة الهند والأرجنتين ومعظم دول افريقيا وجنوب شرق اسيا هي الأكثر تضررا.
وإضافة لما سبق فان التوترات التجارية تسببت في تراجع الاستثمارات العالمية خاصة في القطاعات الصناعية والتكنولوجية مما جعل البنك الدولي وصندوقالنقد الدولي يخفضان توقعاتهما لنمو الاقتصاد العالمي خلال فترة الحرب التجارية، أضافة إلى ذلك أدت هذه السياسات إلى ارتفاع تكلفة المواد الأولية والسلع المصنعة بسبب الرسوم الجمركية مما يؤدى على أعادة ترتيب سلاسل التوريد ونقل بعض الصناعات الى دول أخرى للاستفادة من الفروق في الرسوم الجمركية المفروضة.
سأتناول فيما يلى اثر هذه القرارات على بعض الدول و المنظمات و التحالفات الدولية:
أولا:
تأثير هذه القرارات على الداخل الأمريكي:
اثرت قرارات ترامب بفرض رسوم جمركية على الواردات خاصة من الصين ودولأخرى بصورة مباشرة وغير مباشرة على المواطن الأمريكي.
وكانت أبرز نقاط التأثير ما يلي:
1/ ارتفاع أسعار السلع حيث أدى ارتفاع الرسوم الجمركية الى زيادة تكاليف المواد المستوردة مما أدى إلى رفع أسعارها على المستهلكين كما أدى الى رفع معدلات التضخم واهم السلع التي شهدت ارتفاعا في الأسعار هي الإلكترونيات، الأدوات المنزلية، الملابس وقطع الغيار.
2/ انخفاض القوة الشرائية لبعض الاسر حيث لم تكن الزيادات في الأجور كافية لتعويض ارتفاع تكاليف المعيشة.
3/ انخفاض صادرات بعض المنتجات الزراعية الأمريكية كالصويا والذرة نتيجة لفرض الصين رسوم جمركية عالية عليها في إطار ردها على الرسوم الأمريكية،مما كبد المزارع الأمريكي خسائر كبيرة.
4/ تقلص الإنتاج وتسريح العمال في بعض الصناعات مثل صناعة السيارات نتيجة لارتفاع أسعار المكونات والمواد الخام المستوردة.
5/ زيادة العبء على الميزانية العامة نتيجة لدعم الحكومة الأمريكية المباشر للمزارعين لتعويض خسائرهم.
ثانيا: تأثير قرارات ترامب على الصين:
قرارات ترامب هدفت للضغط على الصين التي حازت على اعلى الرسوم الجمركية المفروضة امريكيا، وقد اعتبرت الصين ان هذه القرارات والإجراءات غير عادلة ومخالفة لقواعد منظمة التجارة العالمية وفاجأت العالم بردة فعلها القوية وردت الصاع صاعين بفرض رسوم كبيرة على الواردات الأمريكية مبدية استعدادها لخوض حرب تجارية، ورغم التصعيد اكدت الصين استعدادها للحوار مع الولايات المتحدة مشددة على ضرورة ان يكون ذلك على أساس الاحترام المتبادل والمساواة وقد ظهر تأثير هذه القرارات على الاقتصاد الصيني في الاتي:
1/ تراجع الصادرات الصينية إلى أمريكا نتيجة لأن الرسوم الجمركية جعلت المنتجات الصينية أغلى في السوق الامريكية.
2/ أدت هذه القرارات إلى تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني مما دفع الحكومة الصينية لاتخاذ إجراءات تحفيزية محلية.
3/ خسارة بعض الاستثمارات وفرص العمل في الصين نتيجة لنقل بعض الشركات العالمية لمصانعها إلى دول أخرى لتفادي الرسوم الكبيرة المفروضة على الصين.
4/ دفعت هذه القرارات الصين على زيادة الاعتماد على السوق الداخلي وتنميةالاستهلاك المحلي.
5/ سعت الصين إلى توسيع علاقاتها التجارية مع الإتحاد الأوروبي وأفريقياودول البركس والشرق الأوسط لتعويض الخسارة في السوق الأمريكي.
6/ تأثر بعض القطاعات مثل الإلكترونيات والنسيج والأجهزة المنزلية بشكل مباشر بسبب انخفاض الطلب الأمريكي.
7/ القيود التكنولوجية التي فرضتها الولايات المتحدة على بعض الشركات الصينية الكبرى زادت من حدة التوترات السياسية والدبلوماسية بين البلدين.
ثالثا: تأثير القرارات على الإتحاد الأوروبي:
العلاقات بين الولايات المتحدة الامريكية ودول الاتحاد الأوروبي علاقات استراتيجية متكاملة ومستقرة بحكم التحالف السياسي و العسكري و الأمني الذي يربط بينهما وبحكم الروابط الثقافية والتاريخية وقد انعكست هذه العلاقات الراسخة على ملفات الاقتصاد و التجارة و الاستثمار حيث يمثل الطرفان أكبر شريكين تجاريين لبعضهما البعض و يتجاوز حجم التجارة بينهما مئات المليارات سنويا كما أنهما يستثمران بشكل كبير في اقتصادات بعضهما البعض و هناك تنسيق وثيق بينهما في المعايير التجارية و التنظيمات الصناعية و السياسات الاقتصادية. وللولايات المتحدة الامريكية فضل كبير في إعادة اعمار البلدان الأوروبية بعد الحرب العالمية الثانية حين أطلقت مشروع مارشال عام 1947 بعد الدمار الكبير الذي خلفته الحرب.
قرارات الرئيس ترامب بزيادة الرسوم الجمركية على واردات الإتحاد الأوروبي في إطار سياسته الاقتصادية زادت التوترات بين الحلفاء التقليدين وأثرت على التنسيق في ملفات أخرى مثل الأمن و الدفاع خاصة في ظل تباين المواقفبينهما في الحرب الروسية الأوكرانية بعد إعادة انتخاب الرئيس ترامب و قد شجعت هذه السياسات الأمريكية الإتحاد الأوروبي للتفكير جديا في تعزيزالاعتماد على نفسه عسكريا و سياسيا و اقتصاديا كما شجعته على التفكير في حماية صناعاته بشكل أكبر و تقليل الاعتماد على الولايات المتحدة الامريكية و قد كان لقرارات ترامب آثار اقتصادية واضحة على الاتحاد الأوروبي أهمها:
1/ أدت زيادة الرسوم إلى زيادة ارتفاع تكلفة الواردات الأوروبية في السوق الأمريكي.
2/ غلاء المنتجات الأوروبية بسبب الرسوم الجمركية أدى إلى تقليل الطلب الأمريكي وبالتالي تراجع الصادرات الأوروبية.
3/ الرد الأوروبي بفرض رسوم جمركية معاملة بالمثل زاد أسعار المنتجات الأمريكية في البلدان الأوروبية.
4/ الشركات عبر الأطلسي واجهت صعوبات في التكامل الصناعي بسبب تعطيل سلاسل التوريد وزيادة تكلفة مدخلات الإنتاج المستوردة من الولايات المتحدة
تأثير قرارات ترامب على الدول العربية:
الولايات المتحدة الأمريكية شريك تجاري للعديد من الدول العربية ولذلك فمن المرجح أن تؤثر القرارات الامريكية بزيادة الرسوم الجمركية سلبا على النمو الاقتصادي للدول العربية خاصة تلك التي ترتبط عملاتها بالدولار الأمريكي وأبرز الشركاء التجاريين للولايات المتحدة والذين لهم علاقات وثيقة معها هم الإمارات العربية المتحدة بإجمالي تبادل تجاري بلغ حوالي 34.4 مليار دولار والمملكة العربية السعودية بحجم تبادل تجاري 25.9 مليار دولار ثم مصر و المغرب و قطر و الأردن و الكويت و الجزائر و سلطنة عمان و البحرين على هذا الترتيب.
اجمالي تجارة السلع الامريكية مع منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يقدر بنحو 141,7 مليار دولار في عام 2024 حيث بلغت الصادرات الأمريكية إلى المنطقة ما قيمته حوالي 80,4 مليار دولار فيما بلغت قيمة إجمالي الواردات حوالي 61,3 مليار دولار بفائض تجاري بلغ 19,1 مليار دولار لصالح الولايات المتحدة الأمريكية.
والرسوم الجمركية على الدول العربية خاصة التي تملك علاقات كبيرة مع الولايات المتحدة غير كبيرة حيث بلغت فقط 10% وهذا يجعل الأثر غير مباشر نسبيا لكنه ملحوظ في بعض الجوانب خصوصا على الاقتصادات العربية المرتبطة بالأسواق العالمية أو التي تعتمد على الصادرات إلى الولايات المتحدة وأهم الآثار على الدول العربية هي:
1/ الرسوم الجمركية الامريكية زادت من أسعار الصادرات العربية مثل الألمونيوم مما يقل من فرصها في السوق الأمريكي.
2/ تباطؤ النمو العالمي وتأثر الاقتصادات الكبرى بسياسات ترامب الحمائية أثرت على الطلب العالمي مما ساهم في تقلب أسعار النفط مما انعكس على موازنات الدول العربية المصدرة للنفط.
3/ بيئة عدم اليقين بسبب السياسات الحمائية قد تؤثر على خطط استثمارية طموحة لبعض الدول العربية للاستثمار في أمريكا أو عبر الشركات متعددة الجنسيات.
4/ الدول العربية المرتبطة بسلاسل التوريد العالمية تأثرت بشكل غير مباشر بسبب اضطراب التجارة العالمية.
5/ الدول ذات العلاقة الضعيفة مع أمريكا مثل اليمن والسودان وسوريا لم تتأثر بشكل كبير بالرسوم الجمركية الأمريكية.
6\مصر قد تتضرر في حصيلة رسوم العبور عبر قناة السويس في ظل التباطؤ المتوقع في سلاسل الامداد والتجارة العالمية ولكنها في جانب اخر ستكون من أكبر المستفيدين لأنها تمتلك إمكانات تصديرية هائلة خصوصا في ظل تعريفتها الجمركية المنخفضة في مقابل تلك الدول المتضررة برسوم اكبر.
7/ قد يكون هناك أثر إيجابي لضعف الرسوم الجمركية الأمريكية المفروضة على الدول العربية حيث يمكن أن تكون البلدان العربية ملاذ للكثير من الشركات الصينية وغيرها لنقل استثماراتها ومصانعها إلى المنطقة العربية للاستفادة من قلة الرسوم الجمركية على الدول العربية ولقصر سلاسل الأمداد لأوروبا وأمريكا خاصة في ظل مبادرة الحزام والطريق التي أطلقتها الصين لتعزيز الترابط التجاري والاقتصادي بين آسيا وافريقيا وأوروبا عبر شبكة من البنى التحتية والاستثمارات. وستكون المناطق الحرة في جبل علي وقناة السويس وجدة وطنجة إضافة الى سلطنة عمان مناطق محتملة لجذب الاستثمارات والمصانع من الدول التي تعاني ارتفاعا في الرسوم الجمركية عليها.
أثر قرارات ترامب على أداء منظمة التجارة العالمية ( WTO) :
تشرف منظمة التجارة العالمية على النظام التجاري المتعدد الأطراف والذي يقوم على مجموعة القواعد الدولية التي يكون على الدول أن تطبقها في علاقاتها التجارية فيما بينها والهدف الأساسي هو تشجيع الدول على اتباع سياسات انفتاحيه تضمن انسياب التجارة بأكبر قدر من السلاسة واليسر والحرية. وقدتم الوصول إلى الاتفاقيات التي تحكم التجارة الدولية من خلال جولات تفاوض طويلة وصعبة ولذلك فإن قرارات الرئيس الأمريكي ترامب بزيادة الرسوم الجمركية تقوض جهود المنظمة في تيسير التجارة العالمية وتشعل حرب تجارية تؤدي إلى فقدان الثقة في النظام التجاري القائم على قواعد المنظمة.
وقد أدى فرض ترامب لهذه الرسوم الجمركية دون الرجوع إلى منظمة التجارة العالمية على فتح الباب أمام دول أخرى لتبني إجراءات انتقامية أحادية ردا على القرارات الأمريكية دون الرجوع إلى المنظمة.
كذلك قوضت الولايات المتحدة نظام تسوية النزاعات منذ تجميد الرئيس ترامب في فترته الرئاسية الأولى لتعيين القضاة في هيئة الاستئناف التابعة لمنظمة التجارة العالمية مما أدى إلى تعطيل عملها فعليا منذ أواخر عام 2019 وهذا جعل من الصعب على المنظمة فرض احكامها أو حل النزاعات بين الدول الأعضاء.
خاتمة:
الرئيس الأمريكي ترامب استخدم سياسة الصدمة من خلال فرض الرسوم ثم تأجيل تنفيذها لبعض الدول ليدخل في تفاوض في ظل ابتزاز للدول ليحقق مكاسب اقتصادية ولكن ردة فعل بعض الدول مثل الصين و كندا والاتحاد الأوروبي و تأثير القرارات على أسواق المال العالمية التي شهدت انهيارات كبيرة و اضطراب سلاسل التوريد العالمية و ارتفاع الأسعار على المستهلكين وانخفاض ثقة المستثمرين وتباطؤ النمو العالمي كل هذه الآثار السلبية تستوجب السعي لمعالجة الاختلالات في النظام التجاري العالمي ومراجعة الأسس التي يقوم عليها من خلال الحوار البناء و الذي يشمل اصلاح منظمة التجارة العالمية و تحديث قواعد التجارة العالمية لتحقيق التوازن في العلاقات التجارية و تشجيع القنوات الدبلوماسية لحل الخلافات بدلا من الإجراءات الأحادية و يتطلب ذلك تنسيق بين القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة و الإتحاد الأوروبي و الصين على إصلاح شامل للنظام التجاري العالمي.
- نُشر في مجلة اراء حول الخليج العدد ٢١٠ بتاريخ يونيو ٢٠٢٥.
İstanbul tesisat su kaçak bulma Ekip çok deneyimli ve kibar, su kaçağı sorunumu hemen anladılar. https://fairknowledge.wiki/uskudar-tesisatci-kacak-tespiti/
Halkalı su kaçak tespiti Arnavutköy su kaçağı tespiti: Arnavutköy’de su kaçaklarını noktasal tespit ediyoruz. http://sat.poznan.pl/?p=2550