فيما أرى / عادل الباز

نقابة المندحرين!! (1/2)

عادل الباز

1
من هم ولماذا اندحروا وكيف؟ يمكنك تقسيم المندحرين إلى ثلاث فئات، وكلها اندحرت بفعل الطمع والغباء والجهل!! كيف الكلام ده؟! أي والله سنرى.
2
الفئة الأولى “الجنجويد” بقيادة آل دقلو، وهؤلاء كان اندحارهم هائلًا ومميتًا؛ إذ اجتمع فيهم الطمع، الغباء والجهل. اكتنزت هذه الفئة الأموال بلا سقف، تريليونات الجنيهات السودانية في البنوك، إضافة إلى امتلاكهم ثلاثة بنوك، عشرات الشركات، وعدد من مناجم الذهب بطول البلاد وعرضها، وأرصدة مليارية بالدولار في الخليج.
هؤلاء الرعاع، في فترة لا تزيد على عشر سنوات، امتلكوا ثروة تفوق ثروة آل البرير أجمعين، مضافًا إليها ثروة أولاد محجوب بمشاريعهم الزراعية العملاقة ومصانعهم وآل داود بكل ثرواتهم.
تصوروا أن ثروة أسرة آل دقلو في عشرة أعوام فقط فاقت ثروة أسر كبيرة تعمل في الاقتصاد السوداني بمختلف قطاعاته لما يزيد عن 60 عامًا، وبنت ثروتها عبر أجيال! لا شيء يعادل ثروات ال دقلو، بل إن الثروات التي جمعوها تعادل ثروات مجموعة من رجال الأعمال الوطنيين الذين عملوا في الصناعة والزراعة والتجارة لعقود.
الجنجويد لم يكتفوا بذلك، بل دمّروا ثروة هذه الأسر الثلاث تمامًا: مصانعهم، ومزارعهم، وبيوتهم… كل شيء! هاردلك سعود البرير ووجدي وأسامة. غايتو محتاجين 50 سنة تاتى علشان تعوضوا ما دمّره هؤلاء الهمج. المهم أنتم لسه شباب وتقدروا تعوضوا (ولا شنو؟)، والمال “ما بهمكم كان كتر كان راح”!!
هذا من ناحية. من ناحية ثانية، وهبت الدنيا الجنجويد، مع المال الوفير، رفعة في المكانة لم يكونوا يحلمون بها. من راعٍ في مجاهيل الصحارى إلى نائب رئيس، حتة واحدة، في بلاد النيلين الهاملة دي.
لم يكتفِ الهمج بما فتح الله عليهم، فكفروا بأنعم الله الذي وهبها لهم، وهو الوهاب يهب من يشاء بغير حساب. وأتاهم “مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ” ، فطمعوا في أن يأخذوا كل ثروات السودان وكل السلطة لأنفسهم. كانوا يعتقدون أن ذلك سهل وفي المتناول، ما هي إلا ساعات ويستلمون الرئيس البرهان ويعلنون دولة العطاوة، فالسلطة مجدوعة في الشارع، بزعمهم.
فحدثتهم أنفسهم الأمارة بالسوء أنه يمكن التقاطها بيسر لمواصلة نهب موارد الدولة بأمان. يا لهم من أغبياء! اعتقدوا أنهم بمجرد سيطرتهم على القيادة العامة يعني استلامهم للسلطة. طبعًا، لم يسمعوا بانقلاب هاشم العطا!
لكن هب أنهم سيطروا على القيادة العامة وألقوا القبض على الرئيس البرهان أو حتى جعلوه شهيدًا، فماذا يفعلون مع 22 فرقة منتشرة في أنحاء البلاد؟ هل يعتقدون أن تلك الفرق ستستسلم لانقلابهم وتقول لهم “يا مرحى” وتبايع آل دقلو؟! الميليشيا تعلم أن الجيش كله ضدها ولا يمكن أن يستكين لهم.
كل الأسلحة داخل العاصمة لن تسلم، وستشهد الفرق خارج العاصمة تمردات واسعة، ليس بوسع الميليشيا مهما احتالت أن تخدعها أو تقنع فرقة في الجيش لتدعم انقلابها المكشوف.
3
لكن مرة أخرى، هب أنهم خدعوا كل الفرق واشتروا عشرات القادة. هل كان بإمكانهم أن يحكموا دولة وهتاف الشارع ما زال نديًا: “مافي ميليشيا بتحكم دولة”… “الجيش للثكنات والجنجويد يتحل”؟!
وهل اكتشاف كذبة الانقلاب وغطاه المدني صعب؟! ليس من بين الميليشيا ولا أراجوزات قحت من هو في ذكاء الترابي الذي موّه على انقلابه حتى خدع المخابرات المصرية نفسها!!
سرعان ما سينهض الشارع ضد الانقلاب، ولو تدثّر بشعارات الحرية والديمقراطية الزائفة. هكذا أوصل الطمع والغباء والجهل الميليشيا إلى حيث هم الآن، ملعونين، مطاردين، ومعرّدين صباح مساء. محقت الأموال، توقفت المناجم، وزال السلطان والجاه، وأصبحوا على ما فعلوا نادمين.
نواصل

اترك رد

error: Content is protected !!