نصيحة قبل الوداع للدعم السريع ومن تبقى معه من “الغطاء المدني” وأخرى مكررة!
مكي المغربي
الدعم السريع .. من قوة تمتلك مئة ألف جندي، 55 ألف منهم في العاصمة، و “غطاء سياسي” من الأحزاب، وقشرة من المكونات المدنية والمنظمات والحلفاء والناشطين والمستشارين، ودعم خليجي ظاهر ودولي مستتر “لاعب على الحبلين” وأمبراطورية مالية، وخزائن ذهب، وعملاء وامتدادات في الاعلام وحتى في الخدمة المدنية ورتب في القوات النظامية.
خلال ثلاثة أسابيع أحال الجيش السوداني هذا “المهرجان الصاخب” الى مجرمين هاربين يحتلون المستشفيات ويلوذون بالدايات خلف النفساء والحامل، ويختبئون في شارع النيل تحت أشجار اللبخ مأوى “غاسلي العربات” ويلتصقون بجدران القصر وأنابيب محطة المياه وغيرها من المباني، ومؤخرا لا ينتقلون آمنين إلا بالمواتر في الطرقات الداخلية.
الجيش السوداني أحال الدعم السريع من قوة شبه اقليمية الى كوميديا سوداء باكية!
“جوز النعال” السياسية التي كان يرتديها حميدتي في أرجله، فردة منها طارت بجوازاتها الأجنبية أو عبر سفن الاجلاء، وفردة ضاعت تحت غبار المعركة، ثم ظهرت شعثاء بالية تتسول لحظة المفاوضات لاخلاء ما تبقى من المليشيا من الخرطوم لتعبر عن أمنيتها الأخيرة أن تتحول – أو تنحرف في الحقيقة – الى مفاوضات سياسية تعيدها لحكم شعب السودان “بالأوانطة”!
هل الجيش قوي ولا ما قوى؟ هل الشعب قوي ولا ما قوي؟ اذا لم يكن هنالك رأي عام شعبي رافض للدعم السريع وملتف حول الجيش هل كان وارد أن يتحمل الناس هذه التضحيات المريرة المؤلمة والمفجعة؟
هنالك شعب أسمه شعب السودان، وجيش أسمه جيش السودان .. نقطة .. سطر جديد.
الدعم السريع، طفل الخطيئة للنظام السابق الذي دللته و “دلعته” قحت ووضعته فوق رأس الجيش السوداني ليبول عليه، الجميع الآن ينكر نسبه والارتباط به و “يدرعه في رقبة التاني”.
في ثلاثة أسابيع .. القوى السياسية من تملق الدعم السريع للتبرؤ منه .. الجيش دا قوي و”عضمه قوي” ولا ما قوي؟!
ذات الأمر الذي حسم في أسابيع احتاج في دول أفريقية الى سنين عددا، ثم تم تجميع اجزاء الجيش المتناثرة، وتنصيب قيادة من المعاشيين أو المتمردين، مثلما حدث في اثيوبيا، ويوغندا، ورواندا.
رفض حميدتي وعبد الرحيم النصائح والناصحين، كتبنا كثيرا عن ضرورة الاصلاح في قيادة الدعم السريع بدلا عن الدمج المستعجل، إذ لا يمكن التسويق لأسرة وعائلة وجزء محدود من فخذ من فرع في قبيلة باعتبارها “قوة مسلحة ديموقراطية” ضد الجيش و “الكيزان” -زعموا- وكانت هذه مجرد “هلاويس” سياسية يهضرب بها اليسار الآفل والسياسيين المعزولين شعبيا الكارهين لمجرد كلمة “انتخابات” ومعهم بعض الدول التي لا تفهم السودان ولا تعرف موازين القوى ولا الرأي الشعبي فيه، دول يضللها بعض أبناء السودان العاقين ليأخذوا أموالهم في مخططات وهمية لبناء قصور من الرمال على شط النيل في زمان “الدميرة”، والرجاء للمتسكعين في الخليج أن يشرحوا لكفلائهم هذه المفردة.
رفض حميدتي وعبد الرحيم النصح ممن صدقوهم واحبوا الخير لهم وللسودان، ورفضوا أن تراق دماء الدعم السريع والجيش. استمزج آل دقلوا كلام المتآمرين الذي يستخدمون “الدعم السريع” حصان طروادة للوصول لثروات السودان ثم تحطيم الحصان وإيقاد النار بخشبه.
إن كانت هنالك ثمة نصيحة أخيرة؛ على الدعم السريع والأسرة والعائلة، ألا يثقوا إلا في وساطات قبلية من عشيرتهم، جاءتهم ورفضوها، وفضلوا عليها سياسيين وعملاء انتهازيين لا أصل لهم ولا فصل.
لا تزال هذه الوساطات مع ضمانة الجيش السوداني أكثر أمنا وشرفا لهم من الخارج .. الذي يخضع لضغوط رأي عام وصفقات خارجية بين الدول في حروب كبيرة تجعل من قضية الدعم السريع مجرد “هوادة” في أول تفاهمات خارجية حول أسعار النفط.
إن كانت هنالك ثمة نصيحة لجيشنا العظيم؛ لا تفسروا الدعوة للاستنفار الشعبي وتعزيز الاحتياطي واعادة الشرطة الشعبية ان هنالك “خزعبلات” أن الجيش غير كافي، غير صحيح البتة.
المحتاج هو الشعب أن يعبر عن غضبه ويطرد مخاوفه عبر تطوع قانوني منظم وإلا لجأت كل مجموعة وقبيلة لسلاحها.
المحتاج هو الشعب في إخراج شبابه من سيطرة الآيس والترامادول إلى السهر ولبس الكاكي الأنيق وحماية الأحياء من النقرز والحرائر من السفهاء.
الحديث هنا ليس عن الدعم السريع أو قوة نظامية يتعامل معها الجيش الحديث عن فلول عصابات اجرامية في أحشاء الأحياء السكنية وكثير منها هرب للولايات ويتربص بأهلها السوء.
“ياخ خليك من السودان” النيجر محتاج لاستنفار شعبي بسبب المجرمين الذين ذاقوا من الدم السوداني العزيز وأصابتهم به لعنة العصيان.
إن كانت هنالك مزاعم حول عودة الاسلاميين بسبب اذعان وخضوع وربما “ارتشاء”، فهي تتستر حاليا بالحديث عن خطورة تسليح الشعب.
أولا، ان لم تنظم الشعب، سيحدث التسليح العشوائي وربما ممزوج باستهداف وانتقام عرقي. ثانيا، بعد هذا الدرس بات جليا أن الخلل يبدأ من “القيادة المحتكرة” لا غير.
بتأسيس شرطة شعبية تحت سيطرة مطلقة وكاملة للشرطة القومية، وبتنقلات سنوية في قيادتها، تنتفي هذه المخاوف تماما، وينتشر أبناء الوطن في كل القرى والمدن والأحياء.
ذات الأمر ينطبق حاليا على الاحتياطي الشعبي وهو أصلا موجود لكنه غير مفعل.
ألا هل بلغت .. اللهم فاشهد.