
تتجدد في هذه الأيام مظاهر الفرح في بيوت السودانيين بمناسبة إعلان نتائج امتحانات الشهادة السودانية، حيث تعلو البسمات الوجوه وتزدان المنازل بعبارات التهاني، فنجاح الأبناء هو فرحة لا تضاهيها فرحة، فهو ثمرة جهد وسهر وصبر طويل، تتقاسمه الأسر مع أبنائها في رحلة التعليم.
وفي هذا المقام، نتقدم بخالص التهاني لأبنائنا وبناتنا الناجحين، متمنين لهم مستقبلاً زاهراً ومزيداً من التفوق في مسيرتهم الجامعية القادمة، كما نبعث بكلمات الأمل الصادق لأولئك الذين لم يحالفهم التوفيق هذه المرة، فالفشل محطة مؤقتة لا تعني نهاية الطريق، بل بداية لمرحلة جديدة من الإصرار والتحدي.
إن نعمة نجاح الأبناء وتفوقهم من أجلّ نعم الله على العباد، تستوجب الشكر والثناء، فهي ليست مجرد درجات في كشف النتيجة، بل تأهيل للحياة وبناء للإنسان القادر على خوض معترك الواقع بما يحمله من تحديات. التعليم هو جواز المرور نحو المستقبل، وسلاح الفكر والمعرفة الذي يعين على فهم العالم وصناعة الغد.
غير أن الواجب علينا كآباء وأمهات ومربين، أن ننتبه لخطورة الضغط النفسي الذي نلقيه على أبنائنا بدافع الحرص. فكثيراً ما يتحول هذا الحرص إلى عبءٍ يثقل كاهل الطالب، فيفقد تركيزه ويبتعد عن الدراسة بروحٍ مثقلة بالخوف لا بالشغف. إن الدراسة ينبغي أن تكون رحلة اكتشاف، لا سباقاً مرهقاً نحو الكمال.
كما يجب أن نتذكر أن الامتحان ليس مقياساً مطلقاً للقدرات، فهو لحظة زمنية قصيرة تُختزل فيها جهود عام كامل، وقد تؤثر عوامل نفسية أو صحية على أداء الطالب في تلك اللحظة. لذلك، علينا أن نتقبل النتائج مهما كانت، وأن نغرس في نفوس أبنائنا الثقة بأن الطريق طويل ومفتوح للتعويض والنجاح مستقبلاً.
إن الكلمة الطيبة والتشجيع الصادق هما وقود النجاح الحقيقي. فبثّ الأمل في نفوس الأبناء أهم من عتابهم، واحتضانهم بعد الإخفاق أولى من محاسبتهم. فلنكن سنداً لهم في كل الأحوال، نشاركهم الفرح عند النجاح، ونشدّ من أزرهم عند العثرة، حتى يمضوا بثقة نحو مستقبل أفضل لأنفسهم ولوطنهم.
فالتربية الحقيقية لا تُقاس بنتائج امتحان، بل بقدرتنا على بناء إنسانٍ مؤمنٍ بقدراته، واثقٍ بخطاه، يعرف أن النجاح لا يُمنح بل يُصنع، وأن كل تجربة — مهما كانت نتيجتها — هي لبنة في بناء الشخصية والنضج.





مقال ممتاز يلمس حقيقة في تربية الأبناء
ويوضح حقيقة دعم الأسرة لى الطالب في حالة الفشل والنجاح وهذا الثقافة تفتقدها الأسرة