✍️ Hassan Refaei
يستعدّ “ريشي سوناك” لتولي منصب رئيس الوزراء في بريطانيا بعد فوزه في السباق على زعامة حزب المحافظين، ليتولى بذلك مهمة قيادة دفّة دولة منقسمة بشدة وتعاني من تباطؤ اقتصادي وسط مؤشرات بتفاقم الأزمة المعيشية في البلاد، وليصبح خامس رئيس للحكومة منذ إجراء الاستفتاء على خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي في العام 2016، والذي فتح الباب أمام فصل طويل من الاضطرابات الاقتصادية والسياسية غير المسبوقة في البلاد.
وكان المسؤول عن تنظيم الاقتراع في حزب المحافظين غراهام برايدي قال: “يمكنني أن أؤكد أنّنا تلقّينا ترشيحاً واحداً صالحاً فقط”، مضيفاً “هكذا انتُخب ريشي سوناك زعيماً لحزب المحافظين”، وبما أنّ حزب المحافظين يملك الغالبية في مجلس العموم، يصبح سوناك رئيساً للحكومة.
وسيطلب الملك تشارلز الثالث من سوناك، تشكيل حكومة ، ليخلف ليز تراس ، زعيمة الحزب المنتهية ولايتها بعد 44 يوما فقط في المنصب والتي استقالت بعدما أثارت ميزانية قدمتها حول تخفيضات ضريبية ممولة من ديون، اضطرابات في الأسواق ساهمت في تراجع قيمة الجنيه الاسترليني. تسبب ذلك في تعديل الحكومة لمعظم أجزاء ميزانيتها، بما في ذلك تقليص سقف فواتير الطاقة المرتفعة التي ساهمت بشكل كبير في أزمة تكاليف المعيشة لعشرات الملايين من البريطانيين.
من هو ريشي سوناك؟
ريشي سوناك البالغ من العمر 42 عاماً يدخل التاريخ كأول شخص غير أبيض يدير حكومة المملكة المتحدة، وهو حفيد مهاجرين من أصول هندية ومصرفي سابق ثري، سلك الطريق المعتاد للنخبة البريطانية.
وسوناك الذي يُعتقد أنه أحد أغنى السياسيين في وستمنستر، ولد في ساوثامبتون في العام 1980، و كان والده طبيبا عاما، وكانت والدته تدير صيدليتها الخاصة، وقد هاجرت عائلته إلى بريطانيا في الستينيات، وهي الفترة التي انتقل فيها الكثيرون من مستعمرات بريطانية سابقة إلى البلاد لمساعدتها في إعادة البناء بعد الحرب العالمية الثانية.
تلقّى تعليمه الأساسي في مدرسة “وينشستر كوليدج”، قبل أن يلتحق بجامعة أكسفورد لدراسة الفلسفة والسياسة والاقتصاد، وأثناء دراسته الماجستير في إدارة الأعمال في جامعة ستانفورد التقى بأكشاتا مورثي، ابنة الملياردير الهندي إن.آر نارايانا مورثي، مؤسس شركة إنفوسيس المحدودة عملاقة استشارات الأعمال وتزوجها وأنجب منها بنتين.
في العام 2001 عمل سوناك لمدة ثلاث سنوات محللا ماليا في بنك غولدمان ساكس، وأصبح لاحقا شريكا في اثنين من صناديق التحوط، وفي العام 2015 تولّى منصب نائب عن حزب المحافظين لدائرة ريتشموند في يوركشاير، وأصبح وزيراً في حكومة تيريزا ماي قبل أن يوليه خليفتها، بوريس جونسون، منصب وزير الخزانة في العام 2020، غير أنه استقال بدعوى إنه شعر أن مقاربته للاقتصاد كانت “مختلفة” عن نهج جونسون.
وكان سوناك قد خسر السباق إلى داونينغ ستريت هذا الصيف، والذي فازت فيه ليز تراس، وقد حذّر، في الفترة التي تلت استقالة جونسون، من أن التخفيضات الضريبية التي وعدت بها تراس مع ارتفاع الدين الحكومي حين تدخلت الحكومة ماليًا لكبح تفشي كوفيد-19، كانت سياسة خاطئة.
وثبت أنه كان على حق اذ أدت الميزانية التي طرحتها تراس إلى انهيار قيمة الجنيه الاسترليني إلى مستوى قياسي منخفض قريب من التكافؤ مع الدولار وتسببت بارتفاع عائدات السندات الحكومية.
الوصول إلى الزعامة
تفوق سوناك على السياسية الوسطية بيني موردنت، التي لم تحصل على دعم كاف من نواب البرلمان ن لدخول المنافسة، بينما انسحب منافسه جونسون، قائلا إنه لم يعد بإمكانه توحيد الحزب.
موردنت في بيان بعد انسحابها من السباق قبل دقائق فقط من الموعد المقرر لإعلان الفائز قالت: “هذا القرار تاريخي ويظهر، مرة أخرى، تنوع حزبنا وموهبته. ريشي تحظى بدعمي الكامل”.
وتقع على عاتق سوناك الذي سيكون ثالث رئيس وزراء لبريطانيا في أقل من شهرين، مسؤولية إعادة الاستقرار إلى بلد يعاني من سنوات من الاضطرابات السياسية والاقتصادية، ومن المتوقع أن يطلق تدابير خفض إنفاق كبيرة لمحاولة إعادة بناء سمعة بريطانيا المالية.
وقد تعهّد ريشي سوناك فور فوزه بتحقيق “الاستقرار والوحدة” في المملكة المتحدة، قال في أول تصريح بعد اختياره لمنصبه الجديد “نحتاج الى الاستقرار والوحدة، وجمع الحزب والبلاد سيكون أولويتي القصوى. إن المملكة المتحدة دولة عظيمة لكن لا شكّ في أننا نواجه تحديًا اقتصاديًا عميقًا”.