
Digital.start23@gmail.com
بدأت رحلة الحوسبة منذ آلاف السنين مع العُداد والحصى، ثم قفزت البشرية إلى عصر الآلة مع محاولات تشارلز باباج لأتمتة العمليات الحسابية. قبل ذلك، أسس العالم المسلم عبد الرحمن الخوارزمي القواعد الأولى للبرمجة الحسابية من خلال كتاباته حول الجبر والخوارزميات، التي شكلت حجر الزاوية في تطوير الرياضيات الحديثة والحوسبة. خلال الحرب العالمية الثانية وُلدت الحواسيب الإلكترونية الأولى، لتفتح الباب أمام عصر جديد سرعان ما تطور باختراع الترانزستور والمعالجات الدقيقة، وصولًا إلى الحواسيب الشخصية ولغات البرمجة الأولى.
في السودان، دخلت الحواسيب في السبعينات عبر البنوك وبعض الوزارات، ثم توسع استخدامها في الجامعات بالثمانينات والتسعينات، لتواكب لاحقًا انتشار الإنترنت منتصف التسعينات. ومع مطلع الألفية، دُشنت مشروعات الحكومة الإلكترونية، وبحلول 2018 كانت البلاد قد أتاحت أكثر من 1,900 خدمة إلكترونية بمئات الآلاف من المعاملات اليومية.
وقد أحدثت الحرب الأخيرة تدميرًا واسعًا في البنى التحتية، وأدت إلى توقف معظم الخدمات الإلكترونية، مما جعل الفجوة الرقمية أكثر وضوحًا. ومع بدء مرحلة التعافي، تبدو الحاجة ملحّة لإعادة بناء السودان على أسس جديدة، بحيث يكون التحول الرقمي في صدارة الأولويات. فالسودان يمتلك اليوم فرصة تاريخية لكونه يقف على أعتاب الثورة الرقمية الرابعة، بما تحمله من ذكاء اصطناعي وبيانات ضخمة وحوسبة سحابية وإنترنت الأشياء.
ورغم التحديات، فإن بناء البنية التحتية وتعليم الشباب مهارات الحوسبة يمكن أن يجعل من السودان جزءًا فاعلًا في هذا المستقبل. ويطل عليكم هذا العمود آفاق رقمية للمساهمة ببعض الأفكار والمبادرات التي يمكن أن تفتح الطريق نحو غدٍ أكثر إشراقًا، وندعو القراء الأعزاء لمشاركة آرائهم واقتراحاتهم حول كيفية تعزيز التحول الرقمي في السودان.