
من اميز الأنشطة الثقافية التي سادت في الخرطوم الثانوي القديمة، الصحافة الحائطية والتمثيل المسرحي والتلفزيوني .
اما الصحافة الحائطية فقد كانت محدودة قبل اندلاع ثورة اكتوبر ١٩٦٤ اذ ان حظر العمل السياسي في الأوساط الطلابية حجب صحافة التنظيمات السياسية وبالتالي لم تعرف المدرسة هذا النوع من الصحافة . وفي تلك الظروف المانعة ،ظهرت واشتهرت صحيفة حائطية ثقافية باللغة الانجليزية ( اسمها Gossip اي : الثرثرة) كان يصدرها اسبوعيا وبانتظام الطالب عمر النصري “شيخ العرب”الذي اطلق عليه اقرانه هذا اللقب لانه كان يكثر منه في مناداتهم وعند السلام عليهم.
التحق عمر باذاعة ام درمان عقب اتمامه المرحلة الثانوية ثم انضم الي كلية البوليس وتخرج منها ضابطا. ومن عجائب المصادفات اني التقيت به عقب انقلاب مايو ١٩٦٩حين تم اعتقالي بتهمة “الرجعية” فكان لقاءَ لايخلو من حرج اذ انه كان يقوم بواجبه كمحقق مع زميل عاصره في الثانوية. فقد تعامل معي بكل نزاهة ثم اطلق سراحي وودعني بنفس بشاشة ” شيخ العرب”” التي عرفتها عنه.
و اما التمثيل والمسرح فقد كان نوعا اخر من الأنشطة الثقافية التي اشتهرت بها المدرسة في خارج اسوارها.
ومن المسرحيات التي التي عرضت على مسرح المدرسة وكان لها صدى واسع خارجها ، مسرحية (مصرع كليوباترا) التي قام بالادوار الرئيسة فيها شوفي عز الدين الأمين (الكاتب والناقد والأستاذ المسرحي لاحقا) ، وعبد الرحمن ابراهيم (الاستاذ الجامعي المقيم حاليا في الولايات المتحدة الأمريكية)، ونور الدين ساتي (السفير المعروف حاليا). ويجد بنا هنا أن نذكر ان وزارة الاستعلامات والعمل حينها، قد قامت بالترويج لهذه المسرحية في مجتمع العاصمة كما أن طلاب الجامعة المقيمين في داخليات البركس قد شكلوا جمهورا مشجعا لها.
وكان هناك نشاط تمثيلي اخر قام به طلاب المدرسة عبر ماكان يقدمه التلفزيون من دروس بالإنجليزية لصالح طلاب الشهادة السودانية وذلك تحت إشراف وإدارة شعبة اللغة الانجليزية بالمدرسة.
وهكذا فان النشاط الثقافي للمدرسة لم يكن موجها فقط لطلاب المدرسة وانما كان نشاطا امتد اثره الي المجتمع وهو ماكان يرمي اليه المنهج التربوي السوداني منذ ايام بخت الرضا.