د.ابراهيم الصديق
(1)
مؤشرات كثيرة تشير إلى بدء أن مرحلة جديدة تتسم بالإندفاع والإنطلاق ، ليس من خلال الإنتشار العسكري وفك (اللجام) كما يقال وتوسيع دائرة المستنفرين ، وإنما من خلال خطوات أكثر فاعلية في مجالات:
- الدبلوماسية
- وإعادة بناء الجهاز التنفيذي
- وتوظيف التجاوب الشعبي في مواجهة المليشيا من خلال البعد المجتمعي والأهلى
- نقل حركات الكفاح المسلح من مرحلة الحياد إلى دائرة الدفاع كما حدث في نيالا..
وتبدو نتائج هذه التحركات أكثر وضوحا في مسرحى العمليات الميدانية وفي الدبلوماسية وتحركات الفريق أول البرهان وفريقه وخاصة زيارته إلى كينيا واثيوبيا ، وهما من الحواضن الخارجية للتمرد وبعض داعميه ، وبذلك تبدأ مرحلة تجفيف منابع الإسناد الإقليمى وتهشيم بعض مناطق الارتكاز للمليشيا وداعميها..
وقد كانت تصرفا المليشيا الحمقاء كافية لتباعد كثير من المنظمات وجماعات الضغط الخارجي ونفورها من التحالف معها أو إسنادها ، فقد ارتبكت ميلشيا الدعم السريع جرائم ممنهجة تجاه المواطنين والبنيات الاساسية حيثما حلوا بالابادة والقتل والنهب والتدمير ، وهو ما أدى لتقلص وتراجع مواقف الكثير من المؤسسات والمنابر الدولية..
(2)
ليس للدول والمجتمعات سقف في سعيها لتحقيق تطلعاتها ، ولا فواصل من جلمود ، وانما مواقف تتبدل بما يخدم المصالح العليا ، ولذلك الحديث عن الثأرات والإنغلاق هو تصور بعض القاصرين عن فهم تعقيدات العلاقات الدولية ، ومهما اشتدت وتباعدت المواقف فإن الرضوخ والعودة ممكنة واستغلال اى بصيص أمل أمر مهم ، حتى لو إكتفينا بتوضيح الحقائق والشواهد لا أكثر ، ومن هذا المنطلق ، فإن الزيارات وإطلاع الآخرين هو تهشيم لنقاط ارتكاز خارجية للمليشيا و داعميها..
وبالضرورة الإستفادة من كل فرصة متاحة ، وإن كنت أظن أننا بحاجة للمزيد من خلال تفعيل أكثر للخارجية والاستفادة من كوادر مهنية وإحترافية كمستشارين ومجلس خبراء ، هذه نقطة ضرورة وملحة..
وخطوة السيد مني اركو مناوي حاكم دارفور موفقة في زيارته إلى كينيا وتحقيق هذا الاختراق.. ومن الأولى – أيضا – النقاش مع الأمم المتحدة في مؤشرات إسنادهم للمليشيا من خلال إحتضان بعض داعميهم ومنظماتهم وإستصحابهم في مستقبل البلاد ، رغم كل الجرائم والفظائع والانتهاكات غير المسبوقة..
إن اليونتاميس عليها الوقوف في حدود مهامها والكف عن الإنحياز لطرف سياسي معين وإسناده وتقوية حضوره في المنابر الاممية ، لقد افرزت الحرب متغيرات جديدة..
(3)
ربما يوافقني كثر ، ان أضعف الحلقات هو الإسناد السياسي لهذا الحراك ، من قوى حزبية ومنظمات ومجتمع مدني وقيادات ، فما زال التحرك يتسم بالبطء وردة الفعل ، مع الإشارة لتحركات مهمة لبعض القطاعات المجتمعية واقصد هنا (وحدة ابناء الشرق نموذجا)..
وأرى أن مواقف حركات الكفاح المسلح أكثر تقدما من القوى السياسية والمجتمعية التى أكتفت بالبيانات الرتيبة والمكررة..
هل زار رئيس حزب أو قيادي حزبي قيادة منطقة عسكرية في الخرطوم أو الأبيض أو الفاشر وأعلن جاهزيته واعضاء حزبه الدفاع عن وطنهم ومواطنيهم وارضهم ؟، سمعت عن القليلين ، ومنهم مبارك اردول وبعض قادة الحركات ومنهم تمبور وبشارة..
هل قام رئيس حزب أو قيادي في منطقة بنداء لاهل منطقته وشبابها وتعبئتهم للدفاع عن ارضهم وعرضهم ؟..
اعتقد اننا بحاجة لنقلة جديدة في مواقف القوى السياسية والمجتمعية..
وإجمالا ، فإن مرحلة الخروج من عنق الزجاجة مهم ، وسيكون لذلك ردة فعل بالتأكيد ، حالة من الهياج ثم التصرفات الغوغائية و كذلك عودة الرشد لبعض الواهمين من سياسيين ونخب وعشاق (السير في كل المواكب)..
ادخلوا كل الأبواب وازيحوا كل الحواجز ذلك منطق السياسة.. حفظ الله البلاد والعباد
15 نوفمبر 2023