الرواية الأولى

نروي لتعرف

آفاق رقمية / د. محمد عبدالرحيم يسن

مطلوبات التحول الرقمي… من أين نبدأ؟(٥/١)

د. محمد عبدالرحيم يسن





في الحلقات السابقة من عمود آفاق رقمية، توقفنا عند تجارب عدد من الدول وكيف استطاعت أن تتجاوز تحديات كبيرة بفضل تبنيها التحول الرقمي، واتضح أن عالم اليوم لا يمنح أي دولة فرصة للنهوض ما لم تجعل من التحول الرقمي ركيزة أساسية لمسيرتها. وأن التحول الرقمي ليس مشروعًا تقنيا فحسب، بل هو مشروع وطني شامل يعيد صياغة العلاقة بين الدولة والمجتمع والاقتصاد.
وتتوزع المسؤوليات في هذا المشروع على ثلاثة مستويات رئيسية:
• الحكومة: هي القائد الاستراتيجي، وعليها أن تضع الرؤية، وتبني الإطار التشريعي والتنظيمي، وتستثمر في البنية التحتية الرقمية، المطلوب لا يقتصر على شبكات اتصال ومنصات خدمات، بل يمتد إلى بناء منظومة متكاملة تعيد ثقة المواطن، وتؤسس لشفافية جديدة في إدارة الموارد العامة.
• القطاع الخاص: هو المحرك التنفيذي والابتكاري، مسؤوليته أن يحول السياسات إلى تطبيقات عملية، ويبتكر حلولا تتناسب مع احتياجات المجتمع، ويستثمر في الكفاءات الوطنية، وتقاس نجاحه بمدى إسهامه في بناء اقتصاد معرفي يقلص البطالة ويرفع الإنتاجية.
• المواطن: ليس متلقيا فقط، بل هو المستفيد والشريك في الوقت نفسه. وعيه الرقمي، وتبنيه للخدمات الإلكترونية، واستعداده لتغيير أنماط تعامله مع الدولة والخدمات، كلها عناصر مساعدة لنجاح التجربة.
مرحلة ما بعد الحرب لا تتيح لنا ترف الانتظار أو إعادة إنتاج الأخطاء، البداية الحقيقية تكون من بناء الثقة، ثقة المواطن في مؤسسات الدولة، ثقة المستثمر في استقرار البيئة الاقتصادية، وثقة المجتمع كله في أن التحول الرقمي ليس شعارا، بل وسيلة لإعادة بناء الدولة على أسس من الشفافية والكفاءة.
سوف نتناول في الحلقات القادمة المطلوبات على كل مستوى بمزيد من التفصيل.

اترك رد

error: Content is protected !!