تجربتي مع المركز القومي للمعلومات(٦) .. مركز البرمجيات الوطني الحلم الذي سبق زمنه

digital.start23@gmail.com
في مسيرة التحول الرقمي في السودان، لا يمكن الحديث عن التجربة الوطنية دون التوقف عند مركز البرمجيات الوطني، أحد المراكز المتخصصة التي كان لها أثر كبير في دعم صناعة البرمجيات وابتكار الحلول المحلية.
تأسس المركز داخل وزارة العلوم والتقانة، ثم انتقل لاحقاً إلى وزارة الاتصالات وتقانة المعلومات بعد تعديل مسمى الوزارة، قبل أن يصبح تحت إشراف المركز القومي للمعلومات، ليضطلع بدور محوري في تطوير بيئة البرمجيات ودعم رواد التقنية والمبرمجين الشباب.
في العام ٢٠١٦، وُضعت خطة طموحة خمسية هدفت إلى تبنّي ٢٠٠ شركة ناشئة في مجال البرمجيات، من خلال تسهيل الإجراءات، ودعم المشاريع المبتكرة، وتدريب المبرمجين على تأسيس الشركات وإدارتها، مع طموح أن تصل ٥٠ شركة منها إلى العالمية.
ولتحقيق هذه الأهداف، تم عقد ورش عمل وسمنارات وبرامج تدريبية، وإنشاء مركز لحاضنات البرمجيات، إلى جانب الاطلاع على تجارب الدول الرائدة في هذا المجال.
ولأن حماية المبدعين لا تقل أهمية عن دعمهم، فقد بُذلت جهود كبيرة في الإطار التشريعي والقانوني لحفظ حقوق الملكية الفكرية للمطورين والمبتكرين، والسعي لإقناع مؤسسات التمويل بتمويل مشاريع البرمجيات الوطنية.
أشرفت على هذا المركز بحكم التبعية الإدارية، وشهدت عن قرب روح الفريق العالية وإيمانهم العميق بالفكرة. وكان على رأس المركز د. محمد الشيخ عبدالله، رجل فريد في تهذيبه وعلمه وتخطيطه الاستراتيجي، يعاونه المهندس المحامي يحيى الحولي، وهو شعلة من الحركة والنشاط والابتكار لا تعرف الكلل.
ومن بين الفريق تبرز المبرمجة إحسان نصرالدين، التي لم تكن تملّ من المتابعة والمثابرة، تسعى بكل إخلاص لإنجاز المهام ودفع العمل إلى الأمام. كما لا يمكن أن أنسى العامل الصادق يوسف، الذي جعل من بيئة المركز آية في النظام والنظافة والجمال، بروحه الخلوقة وعمله المتقن.
بالإضافة إلى عدد من الشباب والشابات بالمركز تركوا بصمة لايمكن تجاوزها.
لقد كان مركز البرمجيات الوطني بحق واحدا من أنجح التجارب التي مرت بي، وكان يعول عليه كثيرا في إحداث نقلة كبرى في قطاع البرمجيات بالسودان، لو استمر بنفس الزخم والدعم والرؤية.
واليوم، ونحن في مرحلة مفصلية من إعادة بناء الوطن، فإن السودان أحوج ما يكون إلى إحياء مثل هذا المركز بروح جديدة، وأدوات حديثة، ومعينات تمكن الشباب من الانطلاق بثقة في عالم البرمجيات وريادة الأعمال التقنية.
فهؤلاء الشباب هم الثروة الرقمية الحقيقية للوطن، وبهم يمكن أن نستعيد موقعنا في خريطة الابتكار الإقليمي والعالمي.
ولعل تجربة مركز البرمجيات الوطني تكون منارة تضيء الطريق أمام وزارة التحول الرقمي والاتصالات وهي تمضي اليوم نحو بناء اقتصاد رقمي مستدام يعيد للسودان مكانته وريادته في المنطقة.
العمود القادم من آفاق رقمية نقف عند تجربة فريدة من نوعها: “اليوم الوطني للمعلومات”.
١٨ أكتوبر ٢٠٢٥م